لوحت فرنسا امس باستعمال القوة في حال التأكد من حصول هجوم بالسلاح الكيماوي على مناطق في ضواحي دمشق الأربعاء، فيما قالت بريطانيا أن كل الخيارات مطروحة «لإنقاذ أرواح السوريين». وأعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمس، أن بلاده تريد «رد فعل باستخدام القوة» في حال ثبت وقوع هجوم بالسلاح الكيماوي، مستبعداً بشكل قاطع إرسال قوات على الأرض. وقال فابيوس متحدثاً إلى إذاعة «مونتي كارلو»، أنه «في حال ثبت (استخدام أسلحة كيماوية) فإن موقف فرنسا يقضي بوجوب أن يكون هناك رد فعل»، مشيراً إلى أن «رد الفعل يمكن أن يتخذ شكل استخدام القوة». وكان فابيوس تحدث في 4 حزيران (يونيو) عن إمكان الرد «بطريقة مسلحة» بعدما اتهم نظام الرئيس السوري بشار الأسد باستخدام غاز «سارين» لمرة واحدة على الأقل، مؤكداً أن «كل الخيارات مطروحة». لكنه قال امس إنه «من غير الوارد» إرسال قوات على الأرض، مضيفاً أن «هذا مستحيل». وقال إنه إذا ما «ثبت» وقوع هذا الهجوم «أعتبر أن ذلك لا يمكن أن يبقى من دون رد فعل من الذين يؤمنون بالشرعية الدولية». وتابع: «إذا لم يكن في وسع مجلس الأمن الدولي اتخاذ قرار، عندها يتحتم اتخاذ القرارات بشكل آخر. كيف؟ لن أذهب أبعد من ذلك»، رافضاً إعطاء توضيحات إضافية. وقال: «على الروس أن يتحملوا مسؤولياتهم. إننا في مرحلة ينبغي فيها أن نعتبر أن أعضاء مجلس الأمن منسجمون مع أنفسهم. قال الجميع إنه لا يمكن استخدام أسلحة كيماوية. والجميع وقع الاتفاق الدولي الذي يحظر استخدامها بما في ذلك الروس». واعتبر إنه إذا رفض النظام السوري السماح لفريق التفتيش الدولي بالتحقيق في الموقع، فإن هذا سيعني أنه كان سيضبط «متلبساً». وفي لندن، قال ناطق اسم وزارة الخارجية البريطانية، إن بلاده تولي الأولوية لتحري الحقائق المحيطة بمزاعم شن هجوم بأسلحة كيماوية في سورية، وإنها لا تستطيع أن تستبعد أي خيار لوقف إراقة الدماء هناك. وأضاف الناطق: «نعتقد أن الحل السياسي هو السبيل الأمثل لوقف إراقة الدماء، لكن رئيس الوزراء ووزير الخارجية قالا مراراً إننا لا نستطيع استبعاد أي خيار... قد ينقذ هذا أرواح أبرياء في سورية». وفي برلين، طالب وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو بعد لقائه نظيره الألماني غيدو فسترفيله أمس، الأسرة الدولية «بالتدخل ما إن يكون ذلك ممكناً في هذا الوضع، حيث تم تجاوز الخط الأحمر منذ فترة طويلة». وأضاف إن «خطوطاً حمراً كثيرة تم تجاوزها». ورأى الوزير التركي أن مجلس الأمن الدولي «ما زال متردداً في اتخاذ قرار حازم». وأضاف «في حال عدم إقرار أي عقوبة سنخسر القدرة على الردع (...) إن لم نبد التصميم فستقع مجازر أخرى أسوأ». أما فسترفيليه فقال: «يساورنا قلق شديد إزاء تقارير عن استخدام الغاز السام قرب دمشق. هذه التقارير خطيرة جداً وإذا تأكدت فستكون جريمة شائنة». وأضاف «ندعو إلى نشر هذا التوضيح بسرعة وبأن يتاح لخبراء الأسلحة الكيماوية التابعين للأمم المتحدة الموجودين حالياً في سورية بالوصول (إلى الموقع) على الفور للتحقق من صحة هذه الاتهامات». وأسف الوزير الألماني للموقفين الروسي والصيني في مجلس الأمن، واللذين حالا دون صدور بيان عن المجلس ليل الأربعاء-الخميس، معتبراً أن الدول الغربية لا تفهم دواعيه. وفي بكين، قالت وزارة الخارجية الصينية أمس إن على خبراء الأممالمتحدة للأسلحة الكيماوية التحلي بالموضوعية، وأن «يتشاوروا بشكل كامل» مع الحكومة السورية أثناء تأديتهم عملهم. وأضافت في أول رد فعل علني من جانب بكين على الهجوم: «موقف الصين واضح. بغض النظر عن أي جانب في سورية يستخدم الأسلحة الكيماوية، فان الصين تعارض ذلك بحسم». وتابعت: «حالياً فريق مفتشي الأسلحة الكيماوية التابع للأمم المتحدة موجود على الأرض ويبدأ تحقيقاته، وتأمل الصين أن يتشاور الفريق بشكل كامل مع الحكومة السورية ويلتزم بالموضوعية والحياد والموقف المهني للتأكد مما حدث فعلاً». أما طهران، فرفضت امس الاتهامات الموجهة إلى النظام السوري باستخدام أسلحة كيماوية، معتبرة أنه في حال تأكدت الشبهات فإن مقاتلي المعارضة هم الذين يتحملون مسؤولية مثل هذا الهجوم. ونقلت «وكالة الأنباء الإيرانية» الرسمية عن وزير الخارجية محمد جواد ظريف قوله خلال اتصال هاتفي مع نظيره التركي داود اوغلو، إنه «إذا صحت المعلومات حول استخدام أسلحة كيماوية، فإن مستخدميها هم بالتأكيد المجموعات الإرهابية والتكفيرية التي أثبتت أنها لا تتراجع عن ارتكاب أي جريمة». وتساءل ظريف: «كيف يمكن الحكومة السورية ارتكاب مثل هذا العمل في حين أن مفتشي الأممالمتحدة موجودون في دمشق، وان دمشق تصد الإرهابيين؟». واتهم مجموعات المعارضة المسلحة السورية مؤكدا ان «من مصلحة المجموعات الإرهابية تصعيد الأزمة وتدويلها». وأوضح من جهة أخرى أن إيران «على اتصال مع الحكومة السورية لدرس مختلف أوجه هذه المسألة». كما ذكر بأن طهران «تندد بشدة بأي استخدام للأسلحة الكيماوية». وفي القدسالمحتلة، أكد وزير الاستخبارات والشؤون الاستراتيجية يوفال ستينيتز، إن اسلحة كيماوية استخدمت في الهجوم على إحدى ضواحي دمشق، وقال إن تقييمه يستند إلى «تقديرات استخباراتية»، من دون أن يوضح أكثر. وابلغ ستينيتز الإذاعة الإسرائيلية أنها ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها السلاح الكيماوي، واصفاً نظام الرئيس السوري بشار الأسد بأنه «شديد الوحشية». وطالبت منظمتان دوليتان مدافعتان عن حقوق الإنسان بأن يتوجه خبراء الأممالمتحدة الموجودون حالياً في سورية إلى ريف دمشق للتحقيق في اتهامات المعارضة. وقالت «هيومان رايتس ووتش» إن سبعة أشخاص من سكان المنطقة وطبيبين اثنين أكدوا لها أن «مئات الأشخاص بينهم العديد من الأطفال قتلوا اختناقاً، وذلك وفق العوارض، بعد قصف عليهم فجر 21 آب (أغسطس)». وقالت «منظمة العفو الدولية» من جهتها، إن «الادعاءات حول استخدام أسلحة كيماوية ضد مدنيين والتي لا يمكن لمنظمة العفو الدولية التحقق منها بطريقة مستقلة، تبرز الحاجة الملحة لإعطاء فريق الأممالمتحدة الموجود في سورية التفويض وإمكان الوصول إلى كل الأماكن التي يقال إنه تم استخدام أسلحة كيماوية فيها». وقالت نائبة مدير المنظمة للشرق الأوسط وأفريقيا الشمالية حسيبة حاج صحراوي: «إذا تبين أن هذه الادعاءات صحيحة، فيجب اعتبار هذه الهجمات جرائم حرب»، مضيفة أن «الوسيلة الوحيدة لمعالجة الخروقات المستمرة في سوريا تكمن في أن يحيل مجلس الأمن الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية، كما تطالب منظمة العفو منذ 2011». وفي مكةالمكرمة، دعت «رابطة العالم الإسلامي» قادة الأمة الإسلامية ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية والأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي ومنظمات حقوق الإنسان في العالم، الى «الإسراع في نجدة الشعب السوري الذي يتعرض لمجازر دموية متواصلة لم يشهد التاريخ لها مثيلا». وأكد الأمين العام ل «الرابطة» الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي في بيان نقلته «وكالة الأنباء السعودية»، أن «الرابطة والهيئات والمؤسسات والمراكز الإسلامية التابعة لها في أنحاء العالم تستنكر أشد الاستنكار الجرائم التي يرتكبها النظام السوري في حق الشعب السوري، وآخرها المجزرة المروعة التي راح ضحيتها أكثر من ألف قتيل، وستة آلاف مصاب بسبب القذائف التي ألقت بها الصواريخ على الأحياء الآمنة في عدد من مناطق الغوطة، وأحياء مدينة دمشق، مما أحدث مقتلة عظيمة شملت الأطفال والنساء والشيوخ بلا رحمة أو شفقة».