لم تكن علاقة الأحسائيين (نسبة إلى منطقة الأحساء في شرق السعودية) بفاكهة «الترنج» عادية، فهي لم تكن حاضرة كطعام حمضي فحسب، بل تتعداه لتكون دواء ومادة تجميلية أيضاً. وكانت سابقاً تزرع بكميات كبيرة، إلا أنها وكبقية المنتجات الزراعية في الأحساء بات إنتاجها متواضعاً، وعزا مزارعون سبب ذلك «إلى قلة المياه وسوء التربة». واشتهرت هذه الفاكهة التي تشبه في طعمها الليمون وفي شكلها البرتقال الكبير، وتتميز بلونها الأخضر أو الأصفر الداكن، لكونها غذاء صحياً يتميز بالطعم الحاد إلى جانب كونها دواء لكثير من الأمراض. يقول المزارع عبد المجيد علي: «كنا في السابق لا نرمي من هذه الثمرة أي شيء حتى قشرها ولبها الأبيض وبذورها، لمنافعها الكبيرة». ويضيف: «هذه الفاكهة فيها ما يشبه السحر في العلاج، فهي فعالة جداً في القضاء على كثير من الأعراض، كالظمأ الدائم، وقشرها يقطع الإسهال، وأكلها بانتظام يحصّن المعدة، وهي ناجحة جداً في علاج انعدام الشهية، حتى إن حبوبها نافعة لمعالجة لدغة العقرب». ويؤكد أن «ما أنقله ليس مجرد كلام بل هو من باب تجربة، فقديماً كنا نعالَج حتى بورق شجر الترنج فهو يساعد في علاج رائحة الفم الكريهة، وكانوا قديماً ينقعون قشرة هذه الفاكهة لاستخراج عصارتها والتداوي بها من لدغة الثعبان، فيما يستخدم قشرها كضمادة. حتى إن المصابين بالبهاق يعالجون بقشرها لإزالة البرص». ووجود الترنج في الأسواق بصورة متواضعة يُظهر ما أصاب هذه الفاكهة المهمة من كساد يهددها بالانقراض. وأظهرت دراسات وبحوث طبية حديثة، أن هذه الفاكهة تدخل في بعض الأدوية كفاتحة للشهية ومهضمة ومنبهة للجهاز الهضمي، ومطهرة ومضادة للفيروسات وقاتلة للبكتيريا، ومخفضة للحمى، ويمكن استخدامها كمضاد للأنفلونزا والسعال، ويقال إنها تعزّز جهاز المناعة، وتساعد في موازنة ضغط الدم. وتعرف الترنج بأسماء عدة على مستوى الوطن العربي، فتسمى في اللغة الفصحى أترج، وأترجة ومتك، وتعرف في بلاد الشام ب«كُباد»، أو «كباد»، وتسمى في الإمارات «شَخاخ»، أو «إشخاخ»، وفي مصر والعراق «أترج»، ويطلقون عليها «تفاح العجم» و«تفاح ماهي»، و«ليمون اليهود» لأنهم كانوا يحملونها في أعيادهم. وأطلق عليها اليونانيون اسم «ناليتيوس» أي ترياق السموم. وتعد هذه الفاكهة المكون الثاني لإعداد الأطباق الشعبية المعروفة محلياً، ومنها «الودمة» التي يتحدى بها الأحسائيون من هم خارجها بأن يكملوا تناولها من دون أن يصابوا بنزلة معوية حادة، إذ يلعب سمك السردين وحبات الترنج دوراً مهماً في تكوينها، ويعتقد كثيرون أنه لا طعم لهذا الطبق من دون هذه الفاكهة، حتى وإن كان البديل الأنواع الأخرى من الحوامض.