فيما كان أولياء الأمور يواجهون متطلبات العام الدراسي الجديد ويقاومون إشاعات قوية بتأجيل الدراسة بسبب تفشي مرض انفلونزا الخنازير، فاجأهم قرار لوزارة التربية والتعليم يؤكد صحة الإشاعات ويؤجل انطلاقة العام الدراسي أكثر من شهر ما يمنح الطلاب فرصة تمضية شهر رمضان في منازلهم إضافة إلى إجازة العيد المتوقع أن تمتد أكثر من اسبوع هذا العام. كانت فرحة التلامذة كبيرة بهذا التأجيل مع تزامن الصوم والصيف وما يعانيه طلبة الصفوف العليا من حرارة الشمس والفصول التي تفتقر غالبيتها للتكييف، لكن الفرحة لم تصل إلى المعلمين الذين فرض عليهم القرار الدوام في المدارس خلال ساعات العمل الرسمية المخفضة في الشهر الكريم. وأبدت غالبية المدرسين والموظفين المحليين تذمرها من هذا الواجب الممل الذي لا يقابله عمل يذكر، فيما كان تأثير هذا القرار أشد على المدرسين الأجانب الذين حرموا من السفر والاستفادة من إجازة عيد الفطر الطويلة بين أهلهم وفي بلدانهم. وتبدي وزارتا التربية والتعليم والصحة مخاوف كبيرة من ازدياد وتيرة تفشي المرض مع حلول فصل الشتاء واعتبار المدارس والجامعات أوساطاً سهلة لانتقال المرض خصوصاً مع الإصابات التي تجاوزت الألف وسجلت عشر وفيات حتى مطلع أيلول (سبتمبر) الجاري. وتوقفت الدراسة في مدارس التعليم العام والخاص، واستأنفت في المدارس الدولية على رغم اكتشاف أكثر من عشرين إصابة في إحدى هذه المدارس، الأمر الذي أدّى إلى توقيف الدراسة نحو عشرة أيام. وطالب عدد من أولياء الأمور وزارة التربية والتعليم بإلزام هذه المؤسسات المحسوبة على بلدان الأقليات الموجودة في السلطنة بالتوقف عن العمل لإن الإصابات قد تنتشر في المحيط الذي يتواجد فيه تلامذتها. وعلى رغم قلق الأهالي من وصول المرض إلى أبنائهم انطلقت الدراسة في الكليات التطبيقية متجاوزة المخاوف التي أصبحت الشغل الشاغل للجميع خاصة مع وجود شباب بين الوفيات المعلن عنها. وتحاول الكليات والجامعات الاستفادة من عامل الزمن اذ اكتفت خلال الأسبوع الأول من الدراسة باستقبال الطلبة وتسجيل المواد فقط، فيما قالت مصادر في جامعة السلطان قابوس (الجامعة الحكومية الوحيدة في السلطنة) إنها قررت تأجيل الدراسة الى ما بعد عيد الفطر. ويترقب المجتمع العماني أنباء أشبه بالإشاعات لكن هناك من لا يستبعد تأكيدها لاحقاً وهي إلغاء الفصل الدراسي بالكامل مع مخاوف أكبر من تفشي المرض الذي قد يضرب بقوة خلال موسم البرد ويجد في ازدحام المدارس وحافلات النقل بيئة مثالية للانتقال. وأفضت الإشاعات إلى توسيع دائرة المخاوف في الكليات التخصصية والجامعات الحكومية والخاصة. وعلى رغم تأكيد المصادر الحكومية أن أرقام الإصابات والوفيات المعلنة حقيقية، ثمة من يرى أن الأرقام أكبر من ذلك بكثير، مبدياً قلقاً كبيراً من بدء الدراسة في عدد من الكليات مطلع الشهر الجاري. وطالب المتخوفون بضمانات تمنع انتشار المرض في أوساط شبابية تتعامل مع الجوانب الوقائية باللامبالاة وعدم الاكتراث، وحمّل بعضهم وزارة التعليم العالي مسؤولية ما قد يحدث إذا ضرب هذا الوباء قطاعاً كبيراً من الشباب في غياب قدرة مؤسسات الصحة على التعامل مع أعداد أكبر من الإصابات. وسعت الحكومة العمانية لطمأنة المجتمع من خلال توفير لقاح للمرض، إلا أن مسؤولين في وزارة الصحة قالوا ان اللقاح في حال توافره سيعطى للأشخاص الذين يعتقد أن المرض سيشكل خطورة عليهم وعلى المجتمع أي المسنين والاطفال. وغطت الأدوية التي صرفتها وزارة الصحة مبدئياً والتي سمحت الشركات المصنعة للقاحات بتوفيرها في السلطنة قبل نهاية العام الحالي حوالى 50 ألف شخص فقط. ومن المحتمل أن يتوافر علاج لما يقارب 100 ألف شخص فقط قبل بداية شهر نيسان (ابريل) المقبل. وشكلت الحكومة لجاناً مشتركة بين وزارتي التربية والصحة استعداداً للعام الدراسي، وأطلق برنامج موسع لتفعيل الدور الإرشادي والتوعوي على مستوى الوزارتين والمناطق والمحافظات التعليمية والمدارس، وأعد دليل إرشادي للتعامل مع المرض في المدارس يحدد دور فريق التوعية الصحية في المدارس ويختص بالقيام بالبرامج التوعوية الصحية عن المرض في المدرسة ولأولياء الأمور ومراقبة معدلات الغياب غير المتوقعة في المدرسة وتسجيلها، والتواصل مع المؤسسة الصحية ومسؤول الصحة المدرسية في الولاية وفريق التوعية الصحية في المنطقة التعليمية، الى جانب متابعة الحالات المصابة بالمرض خلال فترة العزل عن طريق الاتصال بأولياء الأمور والسؤال عن تحسن الحالة والانتظام في العلاج. وقبل بداية العام الدراسي كانت الإشاعة تتحدث عن تأجيل بدء العام الدراسي، وخلال هذه الأيام فإن الإشاعة وكأنها تطلق أبواق الحذر وتتحدث عن تأجيل العام الدراسي بأكمله.