تلعب الأصابع على مفاتيح جهاز الهاتف النقال بشكل عشوائي ثم تضغط مفتاح الاتصال لتستكشف صوت الطرف الذي اتصلت به. إذا كان صوتاً ذكرياً بادر المتصل بسؤال ازلي عن محمد او قصي او عمر او جاسم او اي اسم كان ليتخلص من الموقف. اما اذا سمع العابث صوتاً نسائياً فالرد المحفوظ عن ظهر قلب «وجدت رقم هاتفك على جهازي فمن انت، ولماذا تتصلين بي؟». بهذه الطريقة يستخدم بعض الشباب العراقيين الهواتف النقالة بحثاً عن فتيات يقيمون معهن علاقة حب عبر الهاتف النقال مستثمرين الخدمة المجانية التي تمنحها شركات الاتصال بعد منتصف الليل، والتي غالباً ما تتسبب في مشكلات عائلية. نمير عادل يعمل شرطياً ويقضي معظم وقته في تفتيش السيارات، وفي احيان كثيرة يلجأ الى الهاتف النقال بعد منتصف الليل حيث تبدأ خدمة الاتصال المجاني باحثاً عن «حاته» وفق التعبير المحلي المتداول بين الشباب، ويعني الفتاة الصغيرة غير المتزوجة. ويقول نمير: «أضغط ارقاماً عشوائية وانتظر الرد. إذا كان رجلاً اسأله عن اي اسم يخطر في بالي وغالباً ما يكون الجواب ان الرقم خاطئ فأعتذر بأدب واقفل الخط. اما اذا كان الصوت أنثوياً فأدعي انني وجدت مكالمات عديدة مسجلة على هاتفي من رقمها وأقدم لها الحجج والذرائع حتى اتمكن شيئاً فشيئاً من إنشاء حديث وايقاعها في شباك حبي». وفي احدى المرات وقع عادل ضحية احتيال احد اصدقائه الذي اقتنى خطاً جديداً وارسل له رسالة غرام باسم فتاة اسمها سرور، ثم تحدث اليه بصوت حنون لم يستطع تمييزه. تطورت علاقته «الهاتفية» بسرور الوهمية حتى بدأ يرسل لها بطاقات التعبئة من جيبه الخاص ليتمتع بالحديث معها خارج ساعات الخدمة المجانية إلى أن اكتشف بعد ايام ان ذلك السرور لم يكن سوى مقلب من مقالب صديقه أحمد. حيدر هاشم (21 عاماً) اعتاد أيضاً الاحاديث الليلية مع فتيات تعرف اليهن عن طريق الهاتف: «ذات مرة ضغطت رقماً عشوائياً فرد علي رجل شاب. بادرته بالسؤال المعهود عن محمد لكنه فاجأني بالقول انه بالفعل الرقم الصحيح لكن صاحبه محمد توفي في انفجار مدينة الكاظمية مطلع العام، وجرني بالحديث معه لأكثر من ساعة حتى استنفذ رصيدي كله. وعندما ضاق صبري وتسرعت لإقفال الخط قال إنه فعل ذلك متعمداً كي لا اقوم بإزعاج الناس مجدداً اثناء بحثي عن فتيات». ويستخدم الشباب الذين اعتادوا المعاكسات اوقات الخدمة المجانية التي تبدأ بعد منتصف الليل. ويواجه بعضهم مشكلات كثيرة في حال لجأ زوج إحداهن أو شقيقها الى شركات الاتصال لاستخراج عنوان المتصل. وغالباً ما يكون الاجراء الاول قطع خطه ثم إقامة دعوى قضائية عن طريق شركة الاتصال ذاتها. ويؤكد سامر ناجي احد وكلاء شركات الهاتف النقال في العراق ان القسم القانوني في الشركات يباشر بقطع الخدمة عن الزبائن المتجاوزين فور وصول بلاغ من احد المشتكين. ويزود المشتكي بالاسم الكامل والعنوان العائد للشخص المذكور عند جلبه بلاغاً رسمياً من مركز الشرطة. ويضيف: «الخدمة المجانية اطلقت لتشجيع الناس على اقتناء خطوط بعض الشركات، لكن الكثيرين يستخدمونها لأغراض سيئة».