تتولى المفوضية الأوروبية الجديدة اليوم، مهماتها ببرنامج اقتصادي مثقل جداً، من إنعاش النمو إلى مكافحة البطالة ووضع خطط للاستثمارات، إلى جانب ضبط الموازنات. ويتولى الفريق الذي يقوده جان كلود يونكر مهماته رسمياً اليوم، وسيبدأ عمله فعلياً الإثنين. والملفات كثيرة، من الأزمة في أوكرانيا، إلى المفاوضات التجارية مع الولاياتالمتحدة. لكن الأولوية التي شدد عليها يونكر هي إنعاش النمو والوظيفة. وقال بيار موسكوفيسي الذي تولى حقيبة الشؤون الاقتصادية في المفوضية «الأشهر المقبلة ستكون ثقيلة جداً مع توقعات المفوضية ومراجعة موازنات الدول الأعضاء هذا الشهر، وإعداد خطة الاستثمارات». وسيكون على المفوضية أن تقدم بدءاً من الثلثاء، تقديراتها الاقتصادية الجديدة، وأن تأخذ علماً بضعف الاقتصاد في منطقة اليورو. وسيكون لهذا العرض الشفهي أهمية كبيرة بعد الصعوبات التي واجهها وزير المال الفرنسي السابق خلال جلسة في البرلمان الأوروبي، إذ يشكك بعضهم في قدرته على النظر في حياد إلى وضع بلده. ومهّد الطريق إلى حد كبير سلفه الفنلندي يركي كاتاينين الذي قرر هذا الأسبوع، عدم التحدث عن أي مشروع موازنة في منطقة اليورو. ونجت فرنسا وإيطاليا بذلك من سيناريو مهين ولو لم يُقفل الملف بعد. ولم تستبعد المفوضية طلب «إجراءات إضافية» من بعض الدول لخفض العجز، مهددة حتى بفرض غرامات في حال عدم احترام القواعد، وهو أمر يشكل تهديداً لفرنسا التي ربما لن تتمكّن من خفض عجزها العام إلى أقل من 3 في المئة قبل عام 2017، بتأخر سنتين إضافيتين. ويُفترض إجراء دراسة الموازنات بدقة منتصف الشهر الجاري، قبل اجتماع لمنطقة اليورو سيُخصص لهذا الملف قبل نهاية الشهر. والملف الأكبر لدى مفوضية يونكر هو من دون منازع خطة الاستثمارات الضخمة البالغة قيمتها 300 بليون يورو، والهادفة إلى إنعاش الوظيفة والاقتصاد المعطليْن في القارة. وأعلن الرئيس الجديد للمفوضية جان كلود يونكر أمام البرلمان الأوروبي أن «الأمر ملح»، متعهداً تقديم الخطة قبل عطلة عيد الميلاد. والفكرة هي الإسراع والعمل في شكل أفضل من «ميثاق النمو» الذي أطلق عام 2012 بقيمة 120 بليون يورو وتبين بسرعة أنه محدود. ولتسريع وتيرة العمل تدرس برلين وباريس اقتراحات مشتركة تريد العاصمتان تقديمها مطلع كانون الأول (ديسمبر) المقبل. لكن الخطوط العريضة للخطة تبقى غير واضحة بعد، من مصدر الأموال إلى توزيع الجهود بين القطاعين العام والخاص، بينما ترفض برلين تقديم أية أموال لتنشيط الاقتصاد. وكان الاشتراكيون في البرلمان الأوروبي أعلنوا مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، «تأكيد وجود خطة بموارد عامة جديدة ترافقها استثمارات خاصة». وشدد يونكر الأسبوع الماضي على فكرة «استحالة تمويل هذه الرزمة من خلال عجز كبير» في الموازنة، داعياً القطاع الخاص إلى المشاركة في الجهد إلى جانب الأموال العامة. وحالياً هناك أمر مؤكد وحيد هو ضرورة أن يساهم البنك الأوروبي للاستثمار في ذلك. وقال ديبلوماسي أوروبي «يجب أن يكون الأساس البنك الأوروبي للاستثمار، لكن يجب أن يقوم بمجازفات حقيقية وأن يقدم مرتكزات حقيقية». وأشار إلى أن «زيادة رأس المال يمكن أن تستخدم لرفع قدراته إلى الحد الأقصى». وشدد هذا الديبلوماسي على ضرورة «إيقاظ» هذه المؤسسة التي توصف في أحيان كثيرة، بأنها «جميلة نائمة». واستبعدت فكرة أخرى بسبب الرفض القاطع لألمانيا، وهي اللجوء إلى الآلية الأوروبية للاستقرار، أي صندوق الإنقاذ في منطقة اليورو الذي يتمتع بالقدرة على تقديم قروض بقيمة 500 بليون يورو، يتوافر منها 450 بليوناً حالياً. ويُفترض أن تشكل خطة الاستثمارات محور القمة الأوروبية لنهاية السنة، التي ستُعقد في 18 و19 كانون الأول المقبل.