التقط الرحالة الإنكليزي ويلفريد باتريك ثيسيجر، المعروف ب«مبارك لندن» مجموعة كبيرة من الصور تقترب من 113 صورة لأماكن متفرقة من «وادي حلي» ضمن محافظة القنفذة جنوبمكةالمكرمة عندما زارها في تاريخ 18 أبريل (نيسان) 1946 الموافق 15 جمادى الأولى 1365 ه. وكانت أبزر ما التقط من الصور تمثّل (سوق الأحد الشعبي في بلدة كياد الواجهة التجارية لمركز حلي ولأشخاص من قرية البيضين إحدى بلدات حلي ولأشخاص من الوادي وهم يؤدون رقصة شعبية بالسيوف في مناسبة حفلة زفاف وصور لآبار ماء ومساكن من الأعشاش وبعض القرى والطرق الوعرة) وسوى ذلك من الصور التي وقع عليها ناشطون شباب على الإنترنت يسكنون الوادي ما أنعش إحساسهم بالانتماء إلى هذه المنطقة النشطة من البلاد. الصور متوافرة في موقع متحف بيت ريفرز، جامعة أكسفورد، والمتحف يهتم بعلم الإنسان وعلم الآثار وغير ذلك وتأسس في عام 1884 ، كما ورد في الموقع الرسمي لعرض صور وتفاصيل الرحلات التي قام بها ويلفريد. والرحالة البرطاني ويلفريد ثيسيجر الذي ولد في أديس أبابا عام 1910 وتوفي عام 2003. سافر إلى معظم مناطق الجزيرة العربية في كل من السعودية والإمارات والعراق وإيران وباكستان وغرب أفريقيا وكتب عنها كتباً عدة أشهرها كتاب «الرمال العربية» وعرب الأهوار. محمد العمري أحد معلمي مدرسة ساحل حلي انتشى لحظة مشاهدته لتلك الصور وصفها بالكنز العظيم، وقال: «احتوت الصور على كثير من مظاهر الحياة في ذلك العهد، أذكر منها الزيّ الذي يرتديه الرجال والفتيان والذي غالباً ما تحيط به أدوات الفروسية كالخناجر والسيوف، شاهدت أيضاً صوراً لسوق الأحد الشعبي العريق ببلدة كياد (مهد حلي وقلب الوادي) وهو سوق شهير من الجميل أنه باقٍ إلى هذا اليوم كخير شاهد على تاريخنا العريق بعراقته، وهناك العشرات من الصور التي تفوح من خلالها رائحة تلك الأيام والليالي الزكية والشاهدة بقوة على أن من لا ماضي له فلا حاضر له أيضاً، وأمام هذا الكنز الكبير الذي جاءت رسله من الغرب أتسائل: أين دورنا نحن أبناء هذا الوادي من تدوين تاريخ آبائنا وأجدادنا على أقل تقدير؟ أين إسهاماتنا في مثل هذه الأعمال التي تحفظ للأجيال القادمة تراث أجدادهم الأوائل؟ ما الذي أشغلنا عن عمل ملحمي كهذا؟ أين دور النخب المثقفة؟ لماذا لا يتم اغتنام الفرصة خصوصاً أنه لا يزال هناك من آبائنا وأجدادنا من عاصر تلك الأعوام ويستطيع أن يحكي قصصاً تستحق أن تروى ويستفاد منها في ترسيخ قيم إنسانية كالكرم والشجاعة والوفاء والمحبة والتي تميز بها سكان هذا الوادي كغيرهم من سكان جزيرة العرب؟». وضمن الصور الملتقطة، واحدة تجسد سوق كياد الشعبي الذي يقام كل أحد في الأسبوع قبل تقديمه إلى السبت بعد تعديل الإجازة الأسبوعية للدراسة في السعودية، إذ ما زال السوق قائماً منذ ما يزيد على الثمانية عقود هي عمر زيارة الرحالة الإنكليزي، ولاحظ أهالي حلي العوز والفاقة الظاهرة في الصورة التي ظهرت فيها أجساد الأنعام النحيلة والرجال المتبضعين ويقول محمد العمري في هذا السياق: «سوق الأحد بكياد، هو من الأسواق التاريخية بوادي حلي، ولا أدري ما سر اتخاذ يوم الأحد مسرحاً لفعالياته؟ وهل للاستعمار الغربي يد في ذلك، خصوصاً إذا عرفنا أن يوم الأحد هو يوم الإجازة الأسبوعي في بلاد الغرب!!» ، ويضيف : «التقط رحالتنا البريطاني هذه الصور لذلك السوق ويبدو أنه بالقرب من (المجلبة) وهي معرض بيع الحيوانات التي تبدو نحيلة بعض الشيء وربما يؤكد ذلك إلى وجود حالة كساد وجفاف شهدته تلك الأيام».