ما إن يؤذن لصلاة المغرب إلا وتجد الموائد الرمضانية تتنوع باختلافها بين الأسر، خصوصاً حينما يكون رب الأسرة وبقية أفرادها يتقابلون كل يوم على تلك المائدة، وتمتزج تلك اللحظات بسعادة غامرة. وهناك صائمون آخرون يعيشون بين كثبان الرمال الزاحفة ووعورة الجبال الشاهقة ينتظرون سماع أصوات الأذان أحياناً عن بعد وأحياناً من خلال جهاز الاتصال اللاسلكي، ثم يقومون بالتقاط تمرات بسيطة مع قليل من الماء والسلاح والنظرات نحو العدو المجهول طوال 8 ساعات، لا يمكن للراحة والنوم أن تدخل بدنه حتى يعود من يستلم مكانه. «حرس الحدود» عيون ساهرة في حماية الوطن أرضاً وشعباً باقتصاده وإمكاناته ومقدراته، ويحافظ على حياة البشر، هم الخط الأول، فما أن تمر الدقيقة تلو الأخرى إلا ويسجلون لحظات حرجة، تمر في حياتهم، يقودها أعداء خلف تلك الحدود، وهم يرسلون المواد السامة والمخدرات والأسلحة بأنواعها، لاختراق أمن الدولة. يروي قائد قطاع الطوال العميد محمد العمشي قصصاً كثيرة، كان أبرزها ما حدث ذات يوم في نهار رمضان عند الساعة ال12 ظهراً، وهو يراقب جنوده، قائلاً: «كنت في جولة على زملائي، أتابع جهودهم وإمكاناتهم في شهر رمضان، ومع شدة الحرارة في فصل الصيف، وحينما كنت أواجه رقيباً من حرس الحدود، من أجل أن يتنبه لبعض الأماكن التي يمكن أن يستغلها بعض الأعداء خلف قضبان الحد الجنوبي في جازان، نظراً لخبراتنا السابقة مع أولئك الأشخاص، اتجهت لأداء صلاة الظهر في قيادة القطاع، ففوجئت باتصال من العمليات، يؤكد القبض على كميات كبيرة من الحشيش، كان يحاول أحد المتسللين من اليمن إدخالها إلى المملكة، فاتجهت وسط كثبان رملية زاحفة، لأجد رجال حرس الحدود وهم يروون لي القصة، ويحملون معهم تلك الكميات الكبيرة وسط هروب المهربين إلى اليمن عبر الحدود». تلك قصة حديثة ضمن قصص لمواجهات مستمرة ومتوالية لمتابعة الحدود، إضافةً إلى استقبالنا لآلاف المتسللين الذين يحاولون الدخول، وأيضاً الخروج من أراضي المملكة عبر هذه الحدود، فيهم المريض والعاجز والمجرم وغيرها، فنتعامل مع تلك الظروف بكل ما نملك من خبرات وتنسيق جيد. فرجال حرس الحدود في رمضان كما لو كانوا في أيامهم العادية، يسهمون في حماية الحدود، ويبقون على مراقبة تامة لكل التحركات، وسط انتشار واسع في تلك التضاريس المختلفة، ويتناول الرجل إفطاره وسحوره بيد، ويد أخرى تحمل البندقية للحفاظ على أمن الوطن. من جهة أخرى، أكد النقيب محمد الصفحي أن أفراد حرس الحدود في أيام رمضان يستقبلون حالات متعددة من الهاربين والمتسللين، يعانون من أوبئة خطرة، يمكن أن تنتقل إليهم، ويمارسون معهم حقوقاً وواجبات، تعلموها من مدرسة حرس الحدود، فالمتسلل يجد عناية فائقة حتى يعود إلى بلده، بعد أن نتأكد من معلوماتهم، ونطمئن على حالاتهم إلى جانب متابعتنا للشريط الحدودي ليل نهار، ووسط ظروف مناخية متنوعة وصعبة، لكن العزيمة التي يمتلكها رجال حرس الحدود والإحساس بالمسؤولية واحترامهم لكل القوانين واحترام مبدأ الإنسانية، كان حاضراً في كل الأوقات، وما أن يبدأ صباح كل يوم من رمضان وبعد الإمساك، إلا وتجد رجال حرس الحدود وهم يتخذون من كل شبر في الحدود مكاناً لهم، يتابعون ويحرسون فيه أرض المملكة، وتستمر الساعات، ويلج الليل، والأعين ساهرة، لا تغمض عن كل لحظة، يحاول من خلالها العدو المروق إلى المملكة، مهما تعددت الوسائل، واختلفت الطرق، وتنوعت الأساليب، يبقى الجندي في الميدان صاحب رسالة مهمة.