تقوم الولاياتالمتحدة في هدوء باختبار قدرة المعارضة السورية على توزيع الحصص الغذائية والمجموعات الطبية والأموال على المناطق التي يسيطر عليها مقاتلوها، مع استعداد واشنطن لإرسال أسلحة إلى المعارضة التي طالبتها بتسريع العملية. ويجتمع مسؤولون أميركيون أسبوعياً في تركيا مع قادة المعارضة السورية للاتفاق على أفضل السبل لإبقاء خطوط الإمداد مفتوحة إلى مقاتلي المعارضة والبلدات والمناطق التي عصفت بها الحرب. وتحضر سهير الأتاسي، إحدى اشهر زعيمات المعارضة السورية، الاجتماعات بوصفها منسقة للمساعدات «غير الفتاكة» التي تتضمن معدات للمقاتلين والمجالس المحلية مقارنة بالمساعدات الإنسانية للمهجرين. ويتم تسليم الامدادات الى ضباط في «الجيش السوري الحر» في أماكن سرية لا يمكن الكشف عنها لأسباب أمنية. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية يشارك في هذا الجهد «إني اقوم بتوقيع الأوراق وأصافح مسؤول الجيش الحر. وأتمنى له الخير ثم انصرف». ويأخذ المقاتلون المعونات إلى وحداتهم ويوزعون أيضاً بعضها على المدارس والمستشفيات والمجالس المحلية. وكانت الولاياتالمتحدة تعهدت بتقديم مساعدات غير فتاكة بقيمة 250 مليون دولار لسورية إضافة الى المساعدات الانسانية التي تبلغ قيمتها 815 مليون دولار مساندة للمقاتلين الذين يحاربون قوات الرئيس السوري بشار الأسد. وفي الآونة الأخيرة قامت الولاياتالمتحدة بتوسيع مساعداتها لتتضمن معدات أكبر مثل الشاحنات وأجهزة اللاسلكي والمولدات الكبيرة ومعدات الاتصالات المتطورة. وبعض هذه المعدات لا يهدف الى مساعدة المقاتلين فحسب، بل أيضاً إلى مساندة السلطات المدنية في البلدات المحررة. وقال المسؤول الأميركي «بدأنا للتو الآن ارسال معدات كبيرة عبر الحدود إلى المجالس المحلية والبلدات في المناطق المحررة». وبالنظر إلى غياب وجود ديبلوماسي أميركي على الأرض فإن سورية تنطوي على تحد جسيم لمنسقي المعونات. ويقول مسؤولون أميركيون انهم يعتمدون على شبكة من نحو 75 شاباً سورياً يجمعون المعلومات في المناطق التي يسيطر عليها المعارضون وينقلونها الى وحدة الأتاسي. وغالباً ما يتم التحقق من تلك المعلومات من مجموعات للأمم المتحدة. وقد مهد الكونغرس الأميركي الطريق في وقت سابق من هذا الشهر لكي ترسل واشنطن اسلحة الى المعارضة. ووافق المشرعون على تمويل محدود لعملية نقل الأسلحة وهم يخشون ان ينتهي الأمر بالأسلحة والذخائر في أيدي جماعات إسلامية متشددة. وقال الديموقراطي داتش روبرزبرغر من لجنة الاستخبارات في مجلس النواب «احدى القضايا الأساسية هي الحرص على الا يصل شيء إلى أيدي تنظيم القاعدة». ولمتابعة سير المعونات غير الفتاكة التي تدخل سورية، يطلب المسؤلون الأميركيون من المعارضة ارسال أدلة مصورة لشحنات الامدادات كإثبات ان تلك السلع وصلت الى الأيدي الصحيحة. وقال المسؤول «إذا كنا نرسل كميات صغيرة من النقد إلى مجلس محلي لدفع الرواتب فإننا نصر على التوقيعات والصور. وأحد السبل لتقليل الخطر هي أننا نحتفظ بكميات نقد صغيرة وندفع شيئاً مثل إعانة مالية صغيرة أكثر من كونه راتباً». ومع أنه ليس من السهل دائماً ضمان ان تصل الامدادات الي الجهات المقصودة أو ألا تجد طريقها في نهاية المطاف إلى السوق السوداء فإن منسقي المعارضة السورية بدأوا يكتسبون ثقة المسؤولين الأميركيين. وقال المسؤول الأميركي «لقد اجتازوا الاختبار حتى الآن». وترسل فرنسا أيضاً إمدادات إلى مقاتلي المعارضة منها مظاريف تحوي نقوداً يتم تسليمها على الحدود التركية. وكان رئيس «الائتلاف الوطني السوري» المعارض احمد الجربا طالب إثر لقائه في نيويورك اول من امس وزير الخارجية الاميركي جون كيري بأن تسلم الولاياتالمتحدة «سريعاً» مقاتلي المعارضة اسلحة تمكنهم من مواجهة ترسانة الجيش النظامي. وقال الجربا في بيان اثر لقائه كيري في مقر الاممالمتحدة ان الرئيس السوري «يسعى الى الانتصار عسكرياً من خلال ترسانة تتراوح من الاسلحة الكيماوية الى القنابل الانشطارية». وأضاف: «طالما ان النظام لم يوافق على حل سياسي فنحن بحاجة الى ان ندافع عن انفسنا». ودعا الجربا الولاياتالمتحدة الى الوفاء بوعدها بتسليح المعارضة «سريعاً، وبما يتيح لنا الدفاع عن انفسنا وحماية السكان المدنيين». وأضاف: «ان حرماننا من حقنا المشروع في الدفاع عن انفسنا يهدد باستمرار النظام: آلاف الاشخاص سيقتلون والقمع سيتواصل من دون أي أمل في ان تكون هناك نهاية له». وأكد الجربا ان الائتلاف «يعي تماماً المخاوف الاميركية بما خص التطرف وامكان الاستيلاء على المساعدة العسكرية»، مشدداً على ان المعارضة السورية «مصممة تماماً على ارساء نظام ديموقراطي منفتح على جميع السوريين بغض النظر عن انتمائهم الديني او العرقي». من جهته وصف كيري اللقاء مع الجربا بأنه «ايجابي» ولكن من دون ان يتطرق الى موضوع تسليح المعارضة. وقال ان «المعارضة السورية اكدت ان مؤتمر جنيف-2 مهم جداً وقد وافقت على ان تعمل خلال الاسابيع المقبلة للتوصل الى توافق في ما بينها على الشروط والبنود التي تعتبرها كفيلة بإنجاحه». وتابع: «انا متفائل جداً (...) هناك هذا الشعور القوي بأن مؤتمر جنيف مهم وسنسعى لانجاحه».