مع تباشير قدوم شهر رمضان المبارك لهذا العام1434ه، وفي ليلة أول أيامه المباركة، وأنا أستمع للمذياع، فإذا بصوت رخيم، يقرأ كلمة خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين التي وجّهاها للمواطنين وللأمة الإسلامية في كل بقاع الأرض، بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، تشرّف بإلقائها وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجه، كلمة حملت بين طياتها المعاني السامية للإسلام وقيمه النبيلة، كلمة فيها من البيان والحكم ما يدعو للوقوف معها لحظات كلها تأمل وإدراك لما تحمله من دعوات صادقة، خرجت من قلب، يحمل مشاعل العطف والشفقة لأمته جراء ما أصابها من جراحات وآلام، تحتاج لإعادة الحسابات وتغليب مصلحة الأمة على تلك الحسابات الخاسرة. كنت أتابع مفردات الكلمة، وليس من عادتي إعداد قراءة خاصة لها، إدراكاً بما تحمله من أهمية وقيمة كبيرة، لكن لنبق مع كلمة قيادتنا الرشيدة بمناسبة شهر القرآن، والخير والبركة، والغفران والعتق من النيران، لكونها كلمة كلها خصال وخصائص، تُكتب بماء الذهب، فيها من البيان لعالمية الإسلام وشموليته، وفيها دعوته – الإسلام - للبناء وللحوار بين الحضارات الإنسانية، وفيها نبذ للانهزامية والاتكالية، وتأكيد على عدم الاعتداء على الآمنين المسالمين. المملكة العربية السعودية عندما تصيغ مثل هذه الكلمات في هذه المناسبات الإيمانية، تنطلق من مسؤوليتها الكبيرة، تجاه ما شرفها الله وأكرمها به، من عمارة وخدمة للحرمين الشريفين، أطهر بقاع الأرض، وحماية لهما، لذا استشعرت القيادة الرشيدة، خطورة من يتصدى لإثارة الفتنة ويمتطي لباس الدين أو يتذحلق بحبه المزيف للدين والوطن، وأفعاله وأقواله مقلوبة، تراه من المثيرين المهرجين المهرطقين، تكشف المواقع الإلكترونية أوراقه، تجمعه وأضرابه مصالحهم الشخصية أو الموجهة. كلمة القيادة وضعت النقاط على الحروف، هي تدرك أهداف وطموحات المتنطعين والغالين، ممن لا يكاد يخرج من دائرة التطرف، الذي اكتوت ديار المسلمين بناره، وأكثر ما شدّني في كلمة القيادة عدم إغفالها لجانب أمثال هؤلاء الغلاة والمتطرفين، يوم أن قالت إنها لن تقبل إطلاقاً وفي أي حال من الأحوال أن يخرج أحد في بلادنا ممتطياً أو منتمياً لأحزاب ما أنزل الله بها من سلطان، لا تقود إلا إلى النزاع والفرقة والفشل، مستلهمة تعاليم الشرع المطهر من خلال نصوصه الصريحة ومقاصده العظيمة، التي ترفض الفرقة باسم تيار هنا وآخر هناك وأحزاب تأزها الشياطين، وتقودها لغياهب الجهل والظلام، تحسب أنها تحسن صنعاً. لم تغفل كلمة القيادة الشعب السوري وما يعانيه من ظلم، وذلك بدعوتها المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته، وألا يقدم حساباته السياسية على حساباته الأخلاقية، وذكرته بأن من يفعل مثل ذلك فالتاريخ كفيل بوصمه بعار المشاركة في قتل الأبرياء وانتهاك الحرمات والكيل بمكيالين وضرب حقوق الإنسان في مقتل، وهي التي باتت مجرد دعاوى زائفة للاستهلاك السياسي والإعلامي ليس إلا! المتابع لبيانات وكلمات قيادتنا الراشدة وساستها المعتبرين، يلاحظ تمام نضجها، وتناغم وتيرتها مع الأحداث والمتغيرات، وبعدها من الإثارة، ما جعل سياسة المملكة سياسة حكيمة ومتزنة ومتعقلة، تحسب لكل نازلة وحادثة، لونها وشكلها، كلمة القيادة في هذه المناسبة الإيمانية، دُعّم كل مقطع منها، بما يعضده من النصوص الشرعية من الكتاب والسنة، ما منحها بالكامل، قيمة بذاتها، لا يعادلها قيمة، وأضفى عليها قبولاً واسعاً، وإعجاباً بما ختمت به من سؤال لله، بأن يقي هذه البلاد شر كل صاحب فكر مؤدلج، وكل خارج عن جادة الطريق المستقيم إلى سبيل الضلال، لم يسلم من شره أرض ولا حرث ولا نسل. بقي القول إن كلمة القيادة، كلمة جامعة مانعة، اشتملت على مقاطع عدة، منها تهنئة الشعب السعودي والأمتين العربية والإسلامية بهذا الشهر الكريم، وبيان شمولية تسامح الإسلام، والتحذير ممن استغل الدين وجعله مطية، لتحقيق مآربه المشبوهة. dr-al [email protected]