يشهد العراق يومياً أعمال عنف منهجية فيصاب الشعب العراقي في الصميم في أعمال إرهابية متزامنة ومتكررة في الوسائل والأساليب، ومع كل هذا لا تفلح قوات الأمن العراقية، على رغم إمكاناتها الواسعة وأعدادها الكبيرة وتعدد أصنافها في كشف خيوط هذه الجرائم، وعلى الأقل القليل منها وفضح أهدافها ومنفذيها، ما جعل المواطن العراقي يوجه اتهامه إلى القوى الأمنية كافة بارتكاب مثل هذه الجرائم أو المشاركة فيها، وعلى الأقل التستر عليها، لأن الكثير من هذه الجرائم معروف من يرتكبها في أحيان كثيرة، ومن يستهدف المواطنين على أساس الهوية أو المذهب، فيما القوى الأمنية تسجلها ضد مجهول من دون أن تحاول أن تتحقق مما يدور بين المواطنين، والأدهى أن الذي يحاول أن يطالب بحقه أو يتهم زيداً أو عمرواً سيصفى لاحقاً، إضافة إلى أن تلك الأجهزة الأمنية لا تأخذ بها أساساً لعدم ثبوت الأدلة وعدم وجود شهود. قبل أيام شهدت بغداد جرائم عدة راح ضحيتها العشرات من المواطنين شهداء وجرحى، بسيارات مفخخة أو لاصقة متفجرة أو أسلحة كاتمة للصوت أو عبر استخدام أجهزة أمنية تعتقل وتقتل وتروع أبناء هذا البلد. فبعد أن قامت قوات سوات بجريمتها البشعة المتمثلة بقتل مدرّب فريق كربلاء لكرة القدم أقدمت على مداهمة بيوت تعود إلى أحد رموز العراق، وهي بيوت تعود إلى أحفاد الشيخ ضاري قاتل لجمن قائد القوات البريطانية في العراق في زمن الاحتلال البريطاني وأحد ثوار ثورة العشرين. وفي ذكرى هذه الثورة وبدلاً من تكريمهم اعتقلت قوات من الفرقة 17 للجيش العراقي، الشيخ عبدالرحمن خميس الضاري ودهمت بيت الشيخ حسين البرغش الفارس واعتقلت أحد أبنائه، واعتدت على الشيوخ كما اعتقلت الدكتور ناصر هراط. وفي مطلع الشهر الحالي استشهد طبيب القلب المعروف والأستاذ بكلية الطب في جامعة بغداد الدكتور أحمد شاكر الزيدي إثر انفجار عبوة لاصقة في سيارته في منطقة الزعفرانية، وشيعه العراقيون في موكب مهيب. وبعد ذلك استشهد ثلاثة أشخاص في المنطقة نفسها التي استشهد فيها الزيدي، وبعد يومين شهدت بغداد حالات تفحير سيارات مفخخة وعبوات ناسفة في كثير من مناطق العاصمة استهدفت المواطنين وقوات الجيش والشرطة و راح ضحيتها العشرات بين شهيد و جريح. ومما لاحظناه كما لاحظه الجميع أن القتلة ينفذون جرائمهم متى شاؤوا وفي أي مكان، وهم لا يخشون سلطات الدولة ولا القوات الأمنية، بل في بعض الحالات فإن القوات الأمنية تتحاشى أن تعترض مثل هؤلاء القتلة. وبسبب هذه الحالة وللحفاظ على أمن الوطن والمواطن فإننا نحتاج جيشاً يشبه جيش مصر يستطيع أن يؤدي واجباته ويحمي قوانين الدولة ودستورها ويستطيع وقف الانتهاكات بحق المواطن ومحاسبة المقصرين والمجرمين، حتى لو كان المقصر في قمة مسؤولية قيادة الدولة، ويمنع سقوط البلد في الهاوية.