تتسلق تاخ وديور وصديقات لهما مرتفعات وعرة في منطقتهن في القسم الباكستاني من جبال هملايا، في مسعى لاكتساب المهارات اللازمة للعمل كدليلات تسلق في الجبال، وهي مهنة طالما كانت حكراً على الرجال في هذه المنطقة التي تشهد "ثورة نسائية". وهؤلاء النساء يقمن في قرية شيمشال الواقعة على ارتفاع أكثر من ثلاثة آلاف متر في جبال هملايا، في أقاصي الهند قرب الحدود مع الصين. ويأمل السكان بأن تجذب منطقتهم السياح، بقممها المكسوة بالثلج، ووديانها الخضراء، وشمسها التي تلفح البشرة. ولهذه الغاية، تنطلق ثماني نساء إلى الجبل في رحلة تدريبية مع مدربهن نعمت كريم، على أمل أن يصبحن في يوم ما دليلات لرحلات تسلق الجبال يرافقن البعثات السياحية الأجنبية. وتقول إحدى المتدربات، وتدعى تخت بيكا "عمي وشقيقي دليلان في تسلق الجبال، ومنذ طفولتي وأنا أحب عملهما وألعب بأدوات التسلق، وفي اليوم الذي أخبرت بوجود مدرسة تدرب النساء على التسلق طرت من الفرح". وافتتحت مدرسة شيمشال للتسلق، وهي مدرسة رائدة في هذا المجال في باكستان، في عام 2009 بمساعدة المتسلق الإيطالي سيمون مورو الذي أمضى وقتاً طويلاً في جبال هملايا الباكستانية. ويقول المدرب في المدرسة نعمت كريم "نحن نلاحظ أن أعداداً كبيرة من النساء متسلقات الجبال المحترفات تقصد المنطقة". ويضيف: "صحيح أن باكستان ما زالت تخطو خطواتها الأولى في هذا المجال، لكنّ فتياتنا هنا قرّرن أن يبادرن إلى ذلك". والعام الماضي، دخلت الباكستانية سامينا بيغ التاريخ لكونها أول فتاة من باكستان تتسلق قمة "إيفرست". والشابات اللواتي يتدربن مع نعمت كريم يشكّلن طلائع النساء الباكستانيات من رواد المرتفعات الشاهقة، وتسلقت هذه المجموعة حتى الآن قمماً تزيد ارتفاعاتها عن ستة آلاف متر، في إطار الرحلات التدريبية هذه التي تخالف الصورة النمطية المعروفة عن النساء الباكستانيات الملازمات لمنازلهن. وتتدرب ديور بيغام على التسلق أملاً في أن تعمل مرشدة لتسلق الجبال، وتدر مدخولاً على عائلتها التي لم تعد تملك مصدر دخل منذ وفاة زوجها أثناء رحلة له في الجبل. وتقول: "أنا مستعدة لمواجهة أخطار التسلق من أجل أطفالي كي يكون لهم القدرة على تحصيل علومهم". وتضيف "إنه أمر شاق، وسيتطلب بعض الوقت أيضاً، لكنني أكتسب الأمل من أطفالي". وفي إحدى قرى الوادي الذي تطل عليه هذه القرية، وفي الطبيعة الخضراء بعيداً من القمم المكسوة بالثلوج، تأمل بيبي غولشان هي أيضاً أن تعيل طفليها من عمل كان حكراً على الرجال، بعدما قتل زوجها الجندي في الجيش الباكستاني في إحدى العمليات العسكرية. وهي قررت أن تعمل في مجال النجارة. وتقول: "بدأت العمل في هذه المهنة بعد عشرة أيام على وفاة زوجي. في البداية كان أقاربي يسخرون مني ويقولون لي إنه الأولى بي أن أبكي على زوجي بدل الانغماس في مهنة خاصة بالرجال". وتضيف: "لكن لم يكن أمامي خيار... كان عليّ أن أعيل الطفلين". وتلقت بيبي غولشان تدريباً في برنامج لمؤسسة الآغا خان تأسس عام 2003، وبات يشغل 110 نساء تتراوح أعمارهن بين 19 سنة و35. وتكسب بيبي شهرياً ما يقارب 80 دولاراً من عملها في النجارة، فبات بإمكانها أن تعيل طفليها وترسلهما إلى المدرسة، إضافة إلى أنها باتت تملك أثاثاً في منزلها صنعته بيديها وأصبحت تباهي به زوارها من سكان القرية. وتقول: "آمل في أن تنسحب هذه الثورة النسائية الصغيرة في المرتفعات وقمم الجبال على سائر مناطق البلاد".