عمرها 237 عاماً.. بيع نسخة من الدستور الأمريكي ب 9 ملايين دولار    أمطار بعدد من المناطق وضباب على أجزاء من الشرقية ومرتفعات عسير    (صناع السعادة ) تكرم أكثر من 50 طالب وطالبه لتفوقهم    جامعة سليمان الراجحي تستضيف اللقاء 59 للجنة عمداء كليات الطب    55 ألف متضرر جراء فيضانات في السنغال    العليان يودع حياة العزوبية    ثمن السياسات الخاطئة.. وغياب التخطيط ومراعاة التوازنات المطلوبة    الاتفاق أمام مطب العروبة.. والفتح والخلود «صراع مؤخرة»    6 ميداليات ذهبية وفضية حصدها طلبة وطالبات السعودية في «أنوفا للاختراعات»    مسابقة خادم الحرمين لحفظ القرآن في موريتانيا تنظم حفلها الختامي    مشهورة «سوشال ميديا»: هكذا نجوت من السرطان!    أدلة طبية: الغذاء الصحي يقلل تحول سرطان البروستاتا    5 نصائح للتخلص من خجل الطفل    الاتحاد يتغلّب على القادسية بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    في أبرز المباريات الأوروبية.. ليفربول في اختبار تشلسي.. وبرشلونة يستقبل إشبيلية    تعزيز التعاون التعديني بين المملكة وإسبانيا    انطلاق معرض المدينة بيلدكس    نتنياهو رداً على محاولة اغتياله: لا شيء قادراً على ردعنا    غُصَّة حُزن وألم    الحضور السعودي الدولي    لص اقتحم منزلين.. نشر الغسيل ونظف الأرضيات    تحذير أممي من تداعيات مقتل 700 فلسطيني    إحالة مسؤولين في إحدى القنوات التلفزيونية للتحقيق    وسط إشادة واسعة بالرسوم المتحركة والمؤثرات البصرية.. مانجا للإنتاج تحتفل بالعرض الأول للأنمي السعودي    شارك في مؤتمر اللغات بإسبانيا.. مجمع الملك سلمان العالمي يعزز هوية "العربية"    ملتقي لتوطين قطاع الطاقة وتعزيز الريادة العالمية للمملكة    القدية للاستثمار تطلق برنامج صُنّاع الّلُعب التدريبية    الإعلامي البرتغالي «جواو» ل«البلاد»: دوري روشن السادس عالمياً قريباً.. وأداء الهلال ممتع    ما هكذا يكون الرد يا سالم!!    دراسة: لا يشترط المشي لفترات طويلة يومياً    اقتراح لتسوية مديونيات المخالفات !    اللقافة مرة أخرى    ضبط نحو 22 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    الوطن مجموعة من النعم    135 منشأة مخالفة لنظام المنافسة    ساعتان لإصدار تراخيص أنشطة النقل    التحول الرقمي يُعيد تشكيل الحدود    مبابي وفينيسيوس يقودان ريال مدريد لفوز صعب على سيلتا فيجو    بلان: هناك مشاكل دفاعية.. وبنزيمة خارق    لماذ أحب الهلال..؟    مدرب القادسية: قدرات الإتحاد سبب الخسارة    تأمين المركبة لحفظ المال وراحة البال    رأيُ سياسيٍّ أمريكيٍّ في سياسة بلاده ...؟!    وصول الطائرة الإغاثية السعودية السابعة لمساعدة الشعب اللبناني    القيادة تعزي ملك مملكة البحرين في وفاة الشيخ حمود بن عبدالله بن حمد بن عيسى آل خليفة    خطيب المسجد الحرام: التأني يقي من الانحراف    القبض على (7) إثيوبيين في جازان لتهريبهم (330) كجم "قات"    البدء بأعمال الصيانة والتأهيل لطريق الملك فهد (الدمام الخبر السريع) للمرحلة الرابعة    أمين الطائف يقف على مشروعات ظلم والمويه    إمام المسجد النبوي: أحب القلوب إلى الله أرقّها وأصفاها    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على فرحان بن عبدالعزيز آل فرحان    مفتي موريتانيا: مسابقة خادم الحرمين لها أهمية بالغة في خدمة الدين    7 ميداليات سعودية في معرض أنوفا للاختراعات    إطلاق 15 ظبي ريم بمتنزه واحة بريدة    شارك مجمع طباعة المصحف بالمدينة المنورة في معرض "جسور"    أجواء طريف المعتدلة تحفز المواطنين والمقيمين على ممارسة رياضة المشي    برقية شكر للشريف على تهنئته باليوم الوطني ال94    السعودية إنسانية تتجلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«السمّ اللذيذ»... عندما يتحوّل إدماناً
نشر في الحياة يوم 03 - 09 - 2009

في قاموس اللغة العربية لا تجد تعريفاً لكلمة «دليفري». في القاموس اللبناني المحكي، الكلمة أشهر من أن تعرّف. هي رفيقة لا يمكن الاستغناء عنها في الأوقات الجميلة، كما في الأيام الصعبة. لا تعرف فرقاً بين الليل والنهار، بين الطفل أو المراهق أو البالغ في السن. أربع وعشرون ساعة في اليوم... «الدليفري» حاضر لتلبية أنواع الطلبات كافة، عندما تعلن المعدة «التمرد» على «اللقمة الصحية».
كثر استسلموا ل «السمّ اللذيذ»، وباعتبار أن «الجوع لا يرحم»، وطالما الطبخة المنزلية غير متوافرة، فلا مفرّ من الإمساك بسماعة الهاتف عند الظهر (أو أي وقت)، وطلب أي صنف من الأكل السريع، يسدّ «نقيق» المعدة الفارغة. أما «فعل الندامة» فغالباً ما يكون لاحقاً ل «جنحة التمرّد»، وذلك بالامتناع عن تناول وجبة العشاء أو بهرولة مسائية تقي «المذنب» شرّ الدهون المتغلغلة في جسده.
ومن تمكّن من «التحايل» على إغراء «الدليفري»؟ فئة قليلة من اللبنانيين، سخّرت موظفي «خدمات التوصيل» لإرضاء «نهمها» لحياة صحية أفضل. جوزف (34 سنة)، موظف في شركة للاتصالات، ينتمي الى هذه الفئة... و «الفاتورة» مكلفة. وقع جوزف لفترة قصيرة في «فخ» المأكولات السريعة الآتية على طبق «الدليفري المجاني». ومنذ أن بدأت الكيلوغرامات الزائدة تجتاح جسده الممتلئ أصلاً، قرّر الانقلاب على نمطه الغذائي «الدسم». أبقى على «سياسة الدليفري» لأن تناول وجبتي الفطور والغداء في المكتب كان إجبارياً، ولكنه استبدل البطاطا المقلية والهمبرغر والسندويشات المشبعة بالدهون، بأطباق من «اليخنات» والسلطة والأكل المنزلي الذي يؤمنه أحد المطاعم، قرب مكان عمله.
طَبخ المنزل إذاً، انتقل الى مكتب جوزف، وإن كان «الطعم والنكهة» مختلفين بعض الشيء عنهما في طبخ الوالدة. لا يهم طالما أن «السموم» لا تدخل المعدة. يعترف جوزف بأنه منذ سنتين وهو يواظب «على طلب مختلف أنواع الطبخات التي يعدّها هذا المطعم، وفي مرات نادرة أحمل بعضاً من أكل الوالدة الى مكتبي».
الاعتراف الأهم لجوزف هو أن هذا النمط من تناول الطعام «يكلّفني نحو ربع راتبي شهرياً». ويُجري الموظف الشاب شهرياً عملية حسابية بسيطة بهدف «تقنين» مصروف الأكل. والنتيجة دائماً غير مرضية لأن هذا النوع من المأكولات مُكلف، ولم تنفع محاولاته عند اتصاله بإدارة المطعم من أجل تسليمه «الطبق اليومي» بأسعار مخفّضة، طالما أنه «زبون دوّيم»، والجواب «الديبلوماسي» من الإدارة اتكأ على حجة أن «المواد المستخدمة في الطعام بلدية وهي بالتالي مكلفة أكثر من الأطعمة الأخرى».
«الدليفري الصحي» غير معتمد لدى الغالبية الساحقة من اللبنانيين. عند هؤلاء اللذة الآنية و «مراعاة الجيبة» تتغلبان على «الرغبة» في تناول الأكل الصحي، على رغم جرس الإنذار الذي تدقّه المؤسسات والجمعيات الصحية والبيئية. يفيد تقرير ل «منظمة الصحة العالمية» بأن 77 الف مادة كيماوية تدخل يومياً الى جسم الإنسان، إذا ما قارناه بالإنسان من مئة سنة مضت. ونوعية الأطعمة غير الصحية ليست وحدها المسؤولة عن هذا الواقع الأسود، إذ تضاف اليها عوامل المناخ والمعامل الصناعية والتلوث الناتج من سير المركبات.
وإذا كانت عوامل البيئة والمناخ ليست في اليد، فإن «عصا التحكم» بما يدخل الى المعدة هي في اليد، بالطبع. والواقع أسوأ من أن تتم محاصرته. يقول طبيب الصحة العامة، الدكتور جورج كرم: «معظم مطاعم الوجبات السريعة تستخدم المواد الحافظة المضرّة كالنيترات، كما تعمد الى استخدام مقوّي النكهات، وهي مادة تضرب الدماغ حيث مركز الذاكرة والذكاء، وتؤدي تدريجاً إلى قتله».
ويؤكد كرم أن «المأكولات السريعة تحرم الجسم من معادن الكروميوم والماغنيزيوم والسلينيوم، ما يؤدي الى إرهاق الكبد والغدة الدرقية. وهو الأمر الذي يقود الى البدانة الحتمية وأحياناً كثيرة الى مشاكل في القلب والضغط». ويضيف كرم أن غالبية المرضى الذين يعاينهم تحتلّ المأكولات السريعة جزءاً أساسياً من نظامهم الغذائي، والأكثرية الساحقة منهم لم تدخل يوماً نادياً رياضياً: «أعتقد أن دور الطبيب لا يكفي والأزمة تحتاج الى توعية «منظّمة، أما الخطر الأكبر فهو إدمان بعض الأطفال على المأكولات الجاهزة، وهذا الأمر يتحمل مسؤوليته الأهل مباشرة».
لا يمر يوم من دون أن يسمع كريم (30 سنة) تعليقات «جارحة» من والدته وخطيبته في شأن أسلوب غذائه «السيئ»، بنظرهما. ترويقة وغداء «دليفري» مشبعان بكل أنواع الدهون والسكريات، وعشاء عائلي في المنزل أو في أحد المطاعم طبقه الأساسي «المقليات» بكل أصنافها. وتعلّم خطيبة كريم الطهو لا يبدو أنه سيغيّر في «المعادلة» كثيراً، باعتبار أن الوجبتين الصباحية وعند الظهر ستكونان حتماً خارج المنزل. فاضطرت الخطيبة الى إجراء تسوية «موجعة» قَبِلها كريم على مضض «إمّا أنا وإما الدليفري... لا أريد أن أصبح أرملة في الأشهر الأولى من زواجي!»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.