بعد ساعات على إعلان الرئيس البوليفي إيفو موراليس خلال زيارته روسيا، أن بلاده ستنظر في طلب لجوء سياسي لإدوارد سنودن، المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأميركي الذي كشف برامج تنصت للوكالة شملت حتى مقار للاتحاد الأوروبي وبعثات لدول أوروبية، أغلقت فرنسا وإيطاليا والبرتغال مجالها الجوي أمام طائرة موراليس لدى عودتها من موسكو، بعد تشكيك سلطاتها بوجود سنودن، العالق منذ 23 حزيران (يونيو) الماضي في مطار العاصمة الروسية، على متن الطائرة التي اضطرت إلى تغيير مسارها والهبوط في فيينا. واستأنفت طائرة موراليس رحلتها بعد 13 ساعة، إثر تأكيد وزارة الخارجية النمسوية عدم صحة الشائعات حول وجود سنودن، الذي تريد واشنطن اعتقاله بتهمة التجسس، على متنها، وحضور الرئيس النمسوي هاينز فيشر إلى المطار، حيث التقى نظيره البوليفي قبل أن يؤكد أن «الشروط باتت متوافرة» لمواصلة الرحلة الى جزر الكناري ومنها إلى بوليفيا. لكن وزير الخارجية البوليفي ديفيد شوكويهوانكا اتهم فرنسا وإيطاليا والبرتغال بتعريض حياة موراليس لخطر، عبر إجبار طائرته على الهبوط اضطرارياً في النمسا. وقال إن «شائعات لا أساس لها تحدثت عن وجود سنودن في الطائرة. ولا نعرف من اختلق هذه الكذبة الكبيرة». ولم يستبعد وزير الدفاع البوليفي روبن سافيدرا وقوف وزارة الخارجية الأميركية خلف قرارات عدم السماح لطائرة موراليس بالهبوط في البرتغال أو التحليق في المجال الجوي الفرنسي. وقال: «نشكك بأن الولاياتالمتحدة استخدمت حكومتي هاتين الدولتين استخدامها بواسطة قوة أجنبية كوسيلة لتخويف الحكومة البوليفية والرئيس موراليس»، علماً أن باريس لم تستبعد حصول تأخير في إعطاء طائرة موراليس إذن عبور، «خصوصاً أن الأمر يتطلب تدخل أربع أو خمس إدارات مختلفة». وصرح ألفارو غارسيا لينيريا، نائب موراليس، بأن «قوى استعمارية في أوروبا خطفت الرئيس»، معتبراً أن تغيير مسار طائرة موراليس «أهان جميع البوليفيين الذين يشعرون بغضب». وكشفت سفيرة بوليفيا في الأممالمتحدة ساشا لورينتي، أن بلدها يعتزم تقديم شكوى إلي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في شأن منع دول أوروبية طائرة موراليس من التحليق في مجالها الجوي «ما ينتهك القوانين الدولية»، ينما توقعت مصادر أن تدعو إلى عقد جلسة طارئة لاتحاد دول أميركا الجنوبية من أجل إدانة ما حصل. وكان إعلان موراليس استعداده لدرس طلب لجوء سنودن إلى بوليفيا، أعطى بعض الأمل للشاب الأميركي، على غرار تصريح زعيم يساري آخر في أميركا اللاتينية هو الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، بأن «ما حدث لسنودن ما كان يجب أن يحصل، لأنه لم يقتل أحداً ولم يزرع قنابل»، علماً أن سنودن تراجع أول من امس عن طلب لجوء قدمه لروسيا، وواجه رفض دول أخرى لهذا الطلب. أسانج في غضون ذلك، دعا مؤسس موقع «ويكيليكس» جوليان أسانج الأوروبيين، خصوصاً الألمان والفرنسيين، إلى استقبال سنودن. وكتب أسانج في مقال مشترك مع الأمين العام لمنظمة «مراسلون بلا حدود» لحماية الصحافيين كريستوف دولوار نشرته صحيفة «لوموند» الفرنسية: «بعد منحها جائزة نوبل للسلام العام الماضي، على أوروبا أن تكون على مستوى الجائزة وتثبت ارادتها وتدافع عن حرية نقل المعلومات أياً تكن المخاوف من ضغوط سياسية تمارسها حليفتها المفضلة الولاياتالمتحدة». وأضاف أسانج الذي قدم مساعدة لسنودن منذ فرار الأخير من هونغ كونغ: «نظراً إلى استهدافها من جهاز يقوض سيادتها الخاصة ومبادئها، تدين دول الاتحاد الأوروبي لكشف سنودن معلومات تتعلق بالمصلحة العامة». وأسانج اللاجئ منذ نحو عام في سفارة الإكوادور في لندن قدم مساعدة لسنودن منذ فراره. واعتبر أسانج ودولوار أنه «لا يمكن ترك سنودن في المنطقة الدولية بمطار موسكو، من دون أن يشكل ذلك تخلياً للدول الأوروبية عن مبادئها وجزءاً من الأسباب الموجبة لإنشاء اتحادها». وكان لافتاً، كشف وزير الخارجية الإكوادوري ريكاردو باتينو عثور أجهزة استخبارات بلاده على مذياع مخبأ في سفارة الإكوادور بلندن التي لجأ اليها اسانج منذ اكثر من سنة لتفادي ترحيله إلى السويد، حيث يلاحق بتهم اعتداء جنسي، وربما الولاياتالمتحدة، التي تريد محاكمته بتهم تسريب معلومات ديبلوماسية وعسكرية أميركية سرية نهاية عام 2010. وأوضح الوزير أن المذياع عثر عليه في مكتب السفيرة آنا البان في 16 حزيران الماضي، و «تلقينا معلومات عن مصدر الاعتراض». أوروبا و«التجسس الأميركي» وعشية اجتماع سفراء دول الاتحاد الأوروبي لمناقشة المزاعم حول «تجسس» واشنطن على مقار للاتحاد وسفارات وبعثات لحلفائها الأوروبيين، اختلفت فرنساوألمانيا على فتح مفاوضات تجارية بين واشنطن والاتحاد الأوروبي، إذ أعلنت باريس رغبتها في أرجائها بينما تمسكت برلين بموعدها المقرر الإثنين المقبل. وأعلنت الناطقة باسم الحكومة الفرنسية نجاة فالوه بلقاسم: «لا يتعلق الأمر بوقف المفاوضات، بل نرى من الحكمة تعليقها موقتاً لمدة أسبوعين على الأرجح من اجل تفادي أي جدل، وتوفير وقت للحصول على معلومات مطلوبة من واشنطن حول تجسسها على مؤسسات أوروبية». وأضافت: «من المهم جداً أن نكون متماسكين، وأن نعتمد الخطاب نفسه حول الموضوع، لأن الرهان أوروبي وليس على المستوى الوطني فقط»، «لكنني أؤكد لكم أيضاً أنه يجب أن تعود الثقة بين الطرفين من أجل فتح المفاوضات في هدوء». لكن المستشارة الألمانية أيدت رغبة المفوضية الأوروبية في بدء المفاوضات في 8 تموز (يوليو). وقال الناطق باسمها ستيفن سيبرت: «في نقاشها مع الولاياتالمتحدة، ستجد أوروبا طريقها لفتح المناقشات حول هذه المواضيع المهمة أيضاً بالنسبة لنا، مثل حماية المعطيات وحرية الحياة الخاصة. ويتوقع تشكيل الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة مجموعة خبراء مشتركة توكل إليها مهمة توضيح مسائل مثل مراقبة أجهزة الاستخبارات ونشاطاتها وذلك يتضمن أيضاً قضيتي حماية المعطيات والحياة الخاصة». محاكمة زوجين «جاسوسين» في ألمانيا، قضت محكمة بسجن زوجين يعتقد بأنهما روسيان بتهمة نقل مئات من وثائق الحلف الأطلسي (ناتو) والاتحاد الأوروبي خلال عقدين من التجسس لمصلحة موسكو. وقالت المحكمة في شتوتغارت إنه «لدى اعتقالها عام 2011، استقبلت هايدون انشلاغ إشارات لاسلكية مشفرة من موسكو»، علماً أن انشلاغ دينت بالسجن 5 سنوات ونصف السنة، بينما حكم على زوجها أندريس (الاسمان غير حقيقيين) بالسجن 6 سنوات ونصف السنة. وكان الزوجان، وهما في العقد الخامس من العمر، دخلا ألمانيا في 1988 و1990، بعدما انتحلا صفة مواطنين نمساويين قدِما من أميركا الجنوبية. وعلى رغم فضح أمرهما لم يستطع المحققون حتى الآن كشف هويتهما الحقيقية.