بعد أن كانت الأسر السعودية لا تقبل العيش في شقة ضيقة لا تزيد مساحة الغرفة فيها على أربعة أمتار، تحولت مساكن العرب المعروف عنها اتساع مجالسها إلى غرف معلبة لا تستقبل أكثر من أربعة أشخاص، وتقلص حجم غرف الشقق التي يعيشون فيها. ويتسبب ضيق الغرف في المشكلات الأسرية والعقد النفسية للأطفال والأمراض المزمنة لكبار السن لمن اعتادوا على المساكن الفسيحة والساحات العريضة، ما دفع المواطن سليمان محمد إلى استئجار «حوش» خارج البنيان وشتله بالمزروعات لوالدته، إذ قال: «اعتادت والدتي في القرية على المنزل الواسع والساحات الفسيحة والخروج إلى الأراضي الفضاء المجاورة للمسكن وامتداد النظر وانشراح الخاطر، ولكن على العكس عندما اقتنعت أن تعيش معي في المدينة، لم تستطع أن تقتنع بحياة الغرفة المغلقة والمساحة المحدودة، ما اضطرني إلى استئجار حوش خارج البنيان وشتله بالمزروعات، لأخلق لوالدتي أجواء الريف في المدينة». وأوضح المواطن كمال الزهراني خلال حديثه إلى «الحياة» أنه لاحظ تغيراً سلوكياً على ابنه أثناء وجوده في المنزل، في حين يتغير سلوكه إيجابياً عند ذهابه في الإجازة الصيفية مع باقي أفراد الأسرة إلى منزل جده في الريف، مضيفا: «لا يلقي الغرب بالاً لضيق مساحات الغرف في مساكنهم لعيشهم معظم ساعات اليوم في أعمالهم والمرافق العامة والطرقات والمتنزهات والمقاهي». من جهتها، أشارت المستشارة الأسرية والتربوية الدكتورة مزنه الجريد إلى المشكلات النفسية والسلوكية التي تنشأ لدى الصغار والكبار من أسباب ضيق الحُجر، مؤكدة أن سكن الإنسان في أماكن ذات مساحات ضيقة يؤدي إلى شعوره بالاختناق الداخلي وهو الشعور بالتذمر والضيق النفسي، وتصل بعض الحالات إلى الاكتئاب. وعن الأعراض التي تلحق بالكبار في السن والبالغين قالت ل «الحياة»: «إنه من ناحية البيئة الخارجية وبسبب زيادة الرطوبة التي تصل إلى الهواء من دورات المياه ومصادر المياه الأخرى بالمنزل قد يؤدي ذلك إلى تقشير الطلاء وظهور العفن والفطريات في الأماكن الرطبة، وفي ذلك تظهر أعراض مرضية، فيظهر عند البالغين حالات غثيان وقيء وضيق التنفس وآلام الظهر والإمساك وتوتر الأعصاب، أما بالنسبة للأطفال، فقد يعانون من صفير بالصدر، والتهابات بالحلق ورشح بالأنف، وحالات صداع وحمى أكثر من أقرانهم القاطنين في بيئات جافة، وكلما اتسعت المساحة دل ذلك على تهوية زائدة للمبنى، ومن ثم توزيع أكثر وتجديد للهواء، ما ينعكس إيجاباً على الإنسان». في حين استعرضت وزارة الإسكان تصميم نموذج وحدة سكنية تستوعب أسرة بناء على الدراسات التي تمت لمعرفة معدل الأسرة السعودية، يتألف من غرفة نوم رئيسة ومطبخ ودورتي مياه في الدور الأرضي وغرفة نوم للأبناء مع دورتي مياه وغرفة غسيل في الدور الأول، وهذه الوحدة السكنية قابلة للتوسع المستقبلي عند الحاجة لذلك، وتم إعداد التصاميم الهندسية لتتحمل التوسع المستقبلي، إذ ستكون مساحات الدور الأرضي 6×4 أمتار مربعة لمجلس الرجال وغرفة الطعام 5×3.8 مترمربع ودورة مياه 2×1.7 مترمربع وصالة عائلية 4×4.6 مترمربع مع المغاسل ومطبخ بمساحة 4×3 أمتارمربعة وغرفة نوم بمساحة 4.6×3.8 مترمربع، وسيحوي الدور الأول ثلاث غرف نوم وغرفة خادمة ودورة مياه تتراوح مساحات الغرف بين 3×5 و4×6 أمتارمربعة.