اتفق القادة الأوروبيون خلال قمة في بروكسيل أمس على صرف ثمانية بلايين يورو من أجل مكافحة البطالة لدى الشباب وأقروا مشروع موازنة الاتحاد للأعوام 2014 - 2020 على رغم شكوك سابقة في إمكان التوصل إلى اتفاق في هذه المسألة. وزاد تهديد «خسارة جيل» من الشباب الأوروبيين من أهمية المحادثات في بروكسيل على رغم تراجع ضغوط الأسواق المالية في الأشهر الأخيرة عما كانت عليه في ذروة أزمة منطقة اليورو. وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل بعد انتهاء الجولة الأولى من المحادثات ظهراً، «علينا ان نؤمّن وظائف وألا نعطي وعوداً كاذبة». وأضافت ان «الأمر سيستغرق وقتاً لتأمين وظائف لغالبية الشباب». إلا ان مركل التي تواجه استحقاقاً انتخابياً في أيلول (سبتمبر) في بلد يعترض غالبية السكان فيه على تمويل دول أوروبية أخرى تعاني صعوبات مالية، شددت على ان ضبط الموازنة لا يزال هو الأساس. ولفتت إلى ان «النقطة الأساسية هنا هي ان نحسن من قدراتنا التنافسية وليس إيجاد مزيد من مصادر المال». واتفق القادة الأوروبيون على ان الأموال من صندوق مبادرة توظيف الشباب يمكن صرفها اعتباراً من كانون الثاني (يناير) 2014 لتطوير برامج التوظيف ومساعدة الباحثين عن عمل على إيجاد فرص في أماكن أخرى داخل الاتحاد الأوروبي. ويزيد عدد الشبان العاطلين عن العمل في أوروبا عن 5.6 مليون شاب وشابة تقل أعمارهم عن 25 سنة. وترتفع نسبة بطالة الشباب إلى مستويات خطرة في بعض هذه الدول، خصوصاً اليونان وإسبانيا حيث تزيد هذه النسبة عن 50 في المئة. وقرّر رؤساء الدول والحكومات في قمتهم أيضاً تحسين تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، خصوصاً عبر المفوضية الأوروبية والبنك الأوروبي للاستثمار. إلا أن منتقدي هذا الاتفاق اعتبروا أن الإجراءات لا تكفي أبداً لمواجهة أزمة التوظيف المتفاقمة. واعتبر رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز المبلغ «ضئيلاً جداً». ويعاني واحد من أصل أربعة شباب أوروبيين البطالة، وهذه النسبة اكبر بكثير في دول الجنوب داخل منطقة اليورو مثل اليونان وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا حيث حذر المسؤولون من «خطر اجتماعي طارئ». وكانت هذه الأموال التي يحتاج صرفها إلى اتفاق اكبر بين المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، موضع نقاشات حادة لأشهر. وشدد رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي على وجود «اتفاق تام» بين القادة حول الموازنة لكنه أضاف، «اكتشفنا مشاكل في الموازنة بالنسبة إلى بعض الدول وسنتوصل إلى الحلول المناسبة لها». ولفت إلى وجود «مسائل تقنية وليست سياسية». وتعهد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون الذي شارك في القمة بأن يدافع عن الحسم الذي تحصل عليه بريطانيا بعد إقرار موازنة الاتحاد الأوروبي والذي يبلغ 1.3 بليون جنيه إسترليني سنوياً. وكانت رئيسة الوزراء السابقة مارغريت ثاتشر توصلت إليه في 1984. وكانت لندن تخشى ان تؤدي طريقة التمويل الجديدة ل «السياسة الزراعية المشتركة» (باك) إلى خفض هذا التمويل وبالتالي خفض الأموال التي تستفيد منها لندن. وأشار الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى إمكان «حصول تعديلات» على طريقة احتساب هذا الحسم. وقال ديبلوماسيون ان اعتراض كامرون أدى إلى تأخير المحادثات، وكان شولتز أعرب عن قلقه من ان يؤدي موقف كامرون إلى تعطيل تسوية جرى التوصل إليها الخميس. إلا ان ديبلوماسيين أوروبيين كانوا أكثر وضوحاً، وقال ديبلوماسي رفض الكشف عن هويته لوكالة «فرانس برس»: «ليس مقبولاً أبداً ان تكون قمة الاتحاد الأوروبي متوقفة على شروط كامرون». وأظهر استطلاع جديد للرأي أجري الشهر الماضي ان التأييد للاتحاد تراجع من 60 في المئة العام الماضي إلى 45 في المئة فقط في الوقت الحالي. إلا ان دول أوروبا الشرقية لا تزال تسعى للانضمام إلى الاتحاد. والاثنين ستصبح كرواتيا الدولة ال 28 التي تنضم إلى الكتلة. وحصلت صربيا في محادثات بعد الظهر على تأييد لبدء محادثات الانضمام في موعد أقصاه كانون الثاني، بعد موافقتها على شروط قاسية حول تطبيع علاقاتها مع كوسوفو. وتأمل ألبانيا أيضاً بأن يحصل طلبها على دعم جديد، خصوصاً بعد فوز المعارضة الساحق في الانتخابات نهاية الأسبوع الماضي. إلا ان مسؤولي الاتحاد الأوروبي يخشون من انضمام دول تعاني مشاكل اقتصادية إلى الكتلة. ويبدي سكان دول الاتحاد اعتراضاً متزايداً على توسع الاتحاد ليضم دول أكثر فقراً من شرق أوروبا. وقال رئيس الوزراء الفنلندي يوركي كاتاينن إن «المسائل المهمة كلها اتُّفق عليها» وتبقى مسائل توسيع الاتحاد. وعلى صعيد البطالة، لفت إعلان «نستله»، وهي أكبر شركة صناعات غذائية في العالم، عن خطط لتوظيف 20 ألف شاب في أوروبا حيث تضعف أزمة البطالة بين الشبان ثقة المستهلكين. وعرض رئيس نشاطات «نستله» في أوروبا لوران فريكس، الخطة على مفوض الاتحاد الأوروبي للتوظيف لازلو أندور في بروكسيل على هامش القمة. وقال فريكس لصحافيين في مقر «نستله» في فيفي بسويسرا: «لن تستطيع الحكومات بمفردها حل المشكلة. فنظراً إلى زيادة الديون وأعداد كبار السن في أوروبا تحتاج القارة إلى شبانها في العمل. نحتاج إلى من يحل محل أفراد جيل الوفرة الاقتصادية عندما يتقاعدون».