يخوض الأديب والشاعر الدكتور غازي القصيبي غداً (الثلثاء) مغامرة جديدة، لكنها لا تخلو من ذكرى مريرة، فالقصيبي الذي لم ينجح في دخول منظمة اليونيسكو مديراً لها قبل سنوات، يقتحمها مساء غد، شاعراً تردّد صدى قصائده، أروقة القاعة الكبرى في المنظمة الدولية، ويترنم بإيقاعاتها العربية، ممثلو 193 دولة من مختلف أنحاء العالم. ولن تكون الأمسية الشعرية التي سيحييها القصيبي في «اليونيسكو»، عابرة يصفق لها جمهور عريض للحظات ثم يتولاها النسيان، إذ ستبقى محفورة في الذاكرة الوجدانية والثقافية لجمهور كبير، يضم فرنسيين وغربيين ومستعربين، وعرباً مقيمين في فرنسا. فطوال تاريخ منظمة اليونيسكو الذي يقارب ال 60 سنة، لم يستطع شاعر عربي سوى الراحل محمود درويش الوقوف في قاعتها الكبرى وإنشاد قصائده، ثم يأتي اليوم القصيبي، ليقف كثاني عربي وأول سعودي، ويصدح بشعره الذي يتغنى بوطنه، ويعبّر عن هموم أمته العربية وقضاياها. إنها لحظة تاريخية بامتياز، بحسب عدد من المثقفين، فضلاً عن المفارقة التي تمثلها. فالقصيبي الذي هجا «اليونيسكو» برواية «دنسكو»، التي جمعت بين الفانتازيا والإثارة وشيء من الواقع، بعد أن تضافرت أمور كثيرة، لتقصيه عن تبوؤ سدة المسؤولية فيها، عندما خاض قبل سنوات طويلة انتخابات محمومة، وكان قريباً من الفوز بها، يعود إليها حاملاً قصائده وعشقه وهمومه شاعراً وإنساناً. إذاً سيكون الجمهور الفرنسي والغربي والعربي ليس أمام أمسية شعرية، إنما في مواجهة مع حدث ثقافي قلما يحدث لشعب من الشعوب في العالم، حدث سيضمن حضوراً مشعاً للغة العربية، وديمومة لافتة للإيقاعات الشعرية المقبلة من بلاد العرب. وما كانت تلك الأمسية لتحصل لولا إلحاح المندوب الدائم زياد الدريس، الذي اعتبر المناسبة مميزة من جوانب عدة، «فهي أول فعالية سعودية على صعيد الإبداع، سواء الروائي أو القصصي أو المسرحي تقام في اليونيسكو. وثانياً كون القصيبي ثاني شاعر عربي يحيي أمسية شعرية في ذلك المكان». وقال الدريس إن الأمسية «مصدر فخر واعتزاز للمندوبية الدائمة لدى اليونيسكو». ويرى قبول القصيبي للدعوة بعد خسارته في الانتخابات قبل سنوات «منتهى الحكمة والعقل، خصوصاً أنه يعرف أن تجربة الانتخابات لنيل منصب المدير العام لليونيسكو لم تكن فاشلة، فالكل يعرف أن القصيبي كان مرشحاً قوياً، لكن هناك أموراً جعلته يخسر»، مضيفاً حول رواية «دنسكو»، انها «تعبّر عن وجهة نظر صاحبها، وتحمل فانتازيا وإثارة وانطباعات واقعية وحقيقية عن اليونيسكو، لكنها لا تعكس حقيقة موقفه من المنظمة، وتظل عملاً روائياً فيه من الخيال الكثير».