يقول محمد (30 سنة) الذي اعتقل من قبل مكتب مكافحة المخدرات في قوى الأمن الداخلي اللبناني واقتيد إلى مخفر شرطة زحلة: «أخذوني للاستجواب عارياً وسكبوا فوقي الماء البارد وقيدوني إلى مكب بسلسلة وعلقوني في وضع فروج. كسروا جميع أسناني وأنفي وضربوني ببندقية حتى انخلع كتفي» وفق ما جاء في تقرير منظمة «هيومن رايتس ووتش». حال محمد ليست فريدة، فهناك بحسب تقرير المنظمة 52 شخصاً تعرضوا للضرب والتهديدات والإهانة وقت اعتقالهم أو أثناء التحقيق معهم للاشتباه بهم في تعاطي المخدرات أو لأنهم مثليون ومثليات وثنائيون وثنائيات ومتحولو الجنس أو عاملون في الدعارة. وتعاني مخافر الشرطة اللبنانية ومراكز الاحتجاز الأخرى من مشكلات جسيمة من خلال إساءة معاملة وتعذيب المحتجزين. ودفعت حال تمارا المتحولة الجنس وحال كارلا وأحمد المتهمين بتعاطي المخدرات، إلى جانب حالات أخرى، منظمة «هيومن رايتس ووتش» إلى نشر تقرير في يوم الأممالمتحدة العالمي لدعم ضحايا التعذيب: «جزء من عملنا: إساءة معاملة وتعذيب الفئات المستضعفة في مخافر الشرطة اللبنانيّة»، كخطوة لعلها تحض السلطات اللبنانية على إنشاء آلية مستقلة للشكاوى من أجل التحقيق في مزاعم التعذيب، وإنشاء آليات جادة للمحاسبة. ويقول نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة نديم حوري ل «الحياة»: « ليس هناك من إرادة سياسية حقيقية لمحاسبة الفاعلين ومعاقبتهم بشكل أساسي»، مطالباً من خلال التقرير ب «مشروع حقيقي للإصلاح، ليس فقط من قبل الأمن الداخلي، بل من مؤسسات الدولة كافة، لعدم الإفلات من العقاب والمحاسبة الفعالة». ولفت إلى «تجاوب بسيط من السلطات، إذ تقول القوى الأمنية إنها تكثّف الدورات التدريبيّة ولكن لم نلمس شيئاً على الإطلاق». ويقول حوري أن الشرطة ترتكب الانتهاكات البدنية والتعذيب لعدد من الأسباب، بينها إجبار الضحيّة على الاعتراف أو مد التهمة إلى آخرين. أما السبب الأكثر انتشاراً للتعذيب، فهو جهود الشرطة الرامية لانتزاع اعترافات بالقوة. يقول حوري: « التحقيق في غالبية الدول التي تحترم حقوق الإنسان لا يعتمد بشكل أساسي على الاعتراف بل على أدلة جنائيّة وعلى طرق تحقيق تثبت الجريمة. لبنان لديه مختبرات لفحوص الحمض النووي، من هنا القضاء ليس بحاجة إلى الإجبار على الاعتراف»، لافتاً إلى أن «نسبة الإجرام في بلدنا ليست أقل بكثير من تلك التي تحصل في السويد أو فرنسا أو في بلدان أخرى لا تعتمد التعذيب». وشدد على أن أساليب التحقيق وتقنياتها تجاوزت أسلوب التعذيب منذ فترة طويلة، خصوصاً أن ملف المشتبه به يستند إلى معلومات أو أدلّة تبرهن أسباب الاعتقال». وأكد أن سبب عدم التغيير في الأسلوب هو «العقلية عند قوى الأمن والشرطة، وخصوصاً القضاء، الذي يعتبر أن الاعتراف المباشر أساسي». وكشف أن «عدد شكاوى الضحايا المقدمة إلى المدير العام لقوى الأمن هي 6 من أصل 52 حالة، وتمت معاقبة شرطيين فقط»، مشيراً إلى أن «الكثيرين واجهوا عقبات في الإبلاغ عن الإساءات». ولفت إلى أن «باحثة في المنظمة تعرضت إلى مضايقات وترهيب على يد الأمن الداخلي عندما تقدمت بشكوى ضد أحد الضباط، فيما قال لها أحد رؤساء المخافر في بيروت إن من الطبيعي لرجل الشرطة تعنيف المحتجز».