لندن، جنيف - «الحياة»، رويترز، أ ف ب - أكدت المملكة العربية السعودية امس انها «لن تقف مكتوفة الأيدي في مساعدة الشعب السوري للدفاع عن نفسه»، معتبرة ان سورية باتت «أرضاً محتلة» وتتعرض ل «غزو اجنبي» وأنه «لا يمكن السكوت على تدخل ايران وحزب الله». ودعت الى اصدار قرار دولي «يمنع تزويد النظام السوري بالسلاح ويؤكد في الوقت ذاته على عدم مشروعية هذا النظام». في غضون ذلك، لم يخرج اجتماع في جنيف بين مسؤولين اميركيين وروس بحضور المبعوث الدولي - العربي الأخضر الإبراهيمي باتفاق على موعد انعقاد مؤتمر «جنيف-2» ولا على المشاركين فيه، ما دفع الى ترتيب لقاء بين وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف الأسبوع المقبل لمناقشة تطورات النزاع السوري. وكان الأمير سعود الفيصل قال في مؤتمر صحافي مع كيري في جدة امس انه لا يمكن اعتبار سورية «إلا أرضاً محتلة»، مؤكداً أن تدخل إيران و»حزب الله» اللبناني في الصراع الدائر هناك أمر خطر. واتفق مع كيري في جدة، خلال المؤتمر الصحافي الذي جمعهما أمس، على أن الأزمة السورية تتفاقم بسرعة وسط إدانة مشتركة لتدخل «حزب الله» وإيران في الأراضي السورية. وجدد الوزير السعودي موقف بلاده من رفضها مشاركة النظام السوري في حاضر سورية أو مستقبلها، «بسبب فقدان شرعيته» منذ اليوم الأول لانطلاق التظاهرات السلمية ضده. وأوضح أن فقدان النظام للشرعية يلغي أي احتمال لمشاركته في أي ترتيبات أو قيامه بأي دور من أي نوع في حاضر سورية أو مستقبلها، لافتاً إلى أن «الائتلاف الوطني السوري» المعارض أصبح يحظى باعتراف المجتمع الدولي، باعتباره ممثلاً شرعياً للشعب السوري بمكوناته وأطيافه السياسية كافة، وبات مهيأً لتشكيل هيئة انتقالية حاكمة بمعزل عن أركان النظام السوري وأعوانه الملطخة أيديهم بالدماء. واستنكر الأمير سعود الفيصل مشاركة القوات الأجنبية المتمثلة في «حزب الله» اللبناني والمدعومة بقوات الحرس الثوري الإيراني في قتل السوريين، وبدعم لا محدود من السلاح الروسي. وقال: «يعد هذا أمراً خطراً لا يمكن السكوت أو التغاضي عنه، كونه يضيف إلى حالة الإبادة الجماعية التي يمارسها النظام ضد شعبه معنى جديداً يتمثل في غزو أجنبي مناف لكل القوانين والأعراف والمبادئ الدولية والإقليمية». وأكد استباحة النظام للأراضي السورية وتحويلها إلى ساحة للصراعات الدولية والإقليمية، وجعلها عرضة للنزاعات الطائفية والمذهبية، واصفاً الأراضي السورية ب «المحتلة»، مشيراً إلى أن الأزمة باتت تتطلب تحركاً دولياً سريعاً، ولم يعد هناك أي مبرر أو منطق يسمح لروسيا بالتسليح العلني والمحموم للنظام السوري وجحافل القوات الأجنبية التي تسانده، «بينما نتوقف مكتوفي الأيدي حيال تقديم الحماية الدولية للشعب السوري، أو على أقل تقدير تقديم المساعدات العسكرية له لتمكينه من الدفاع عن نفسه أمام الجرائم النكراء التي ترتكب في حقه، مهما كانت المبررات». وطالب بصدور قرار دولي «واضح لا لبس فيه، يمنع تزويد النظام السوري بالسلاح»، مؤكداً في الوقت نفسه عدم شرعية النظام التي افتقدها منذ اليوم الأول للأزمة برفضه المطالب المحدودة للشعب السوري، وشنّه حرب إبادة جماعية عليه بعد أن فقد عضويته في كل من الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وبعد تأكيد مجلس التعاون الخليجي عدم شرعيته. وأضاف: «تؤكد المملكة في الوقت ذاته ضرورة توازن القوى على الساحة السورية لمصلحة «الجيش السوري الحر» الذي يعتبر السبيل الوحيد لتعزيز فرص الحل السلمي الذي نسعى إليه جميعاً في مؤتمر «جنيف - 2»، ونحن نساعد الشعب السوري بقدر الاستطاعة، ومساعدتنا جزئية وتوافق قدراتنا، ولن نتوقف بدعمهم بأفضل الأساليب التي تساعدهم». ورفض وزير الخارجية الأميركي الخوض في تفاصيل الأمور الفنية عن نوعية المساعدة والدعم اللوجستي الذي ستقدمه الحكومة الأميركية للمعارضة السورية، بيد أنه عمل على تأكيد توفير المساعدات في شكل دقيق وفاعل، مشيراً إلى أنهم يناقشون مع حلفائهم في تركيا ولبنان والأردن آثار الأزمة السورية في بلدانهم، والحرب التي يديرها حزب الله ومنظمات إرهابية. وأكد أن مؤتمر «جنيف2» هو الفرصة الأفضل لتحقيق السلام، لأنه يوفر أفضل الفرص لتحقيق ذلك، موضحاً عمل الجانب الأميركي على حضّ الأطراف لاتخاذ القرارات والمشاركة في مؤتمر «جنيف 2»، مؤكداً في الوقت ذاته دعم المعارضة السورية بعد قرار الإدارة الأميركية للمساهمة في إنجاح «جنيف 2». وأضاف: «الأزمة السورية تفاقمت وأصبحت صعبة بعد استعانة النظام بحزب الله وإيران باجتياز الحدود الدولية والمشاركة داخل سورية، والنظام هو من بدأ العنف خلال صد تظاهرات سلمية، وبسبب قرارات النظام السوري دُوَّلت الأزمة، ونحن نؤمن بأن الحل السياسي هو أفضل الحلول في الأزمة السورية لإتاحة الخيار للشعب السوري لتحديد مستقبله». وفي جنيف، قالت الأممالمتحدة في بيان اثر محادثات جمعت ديبلوماسيين اميركيين وروساً كباراً إن «المجتمعين أبلغوا بأن الوزيرين لافروف وكيري سيلتقيان الأسبوع المقبل لإجراء مزيد من المشاورات حول تاريخ عقد المؤتمر وقائمة المشاركين فيه». وأضافت إن «المحادثات كانت بناءة وتركزت على سبل ضمان عقد مؤتمر جنيف حول سورية بأفضل فرص نجاح». وهذا ثاني اجتماع هذا الشهر بين الإبراهيمي ونائبي وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف وميخائيل بوغدانوف ومساعدة وزير الخارجية الأميركي ويندي شيرمان. ولكن قبل بدء محادثات امس، صرح الإبراهيمي للصحافيين بأن المؤتمر قد لا يعقد في تموز (يوليو). وقال انه «يشك» في إمكان عقد «جنيف-2» الشهر المقبل. وأضاف «يحدوني أمل كبير جداً بأن حكومات المنطقة والقوى الكبرى وخصوصاً الولاياتالمتحدة وروسيا، ستعمل على احتواء هذا الوضع الذي يخرج عن نطاق السيطرة ليس في سورية فحسب بل في المنطقة أيضاً». وعبر الإبراهيمي عن قلقه العميق من أسوأ موجة من أعمال العنف في لبنان والتي قتل وجرح فيها عشرات الأشخاص في مدينة صيدا. ميدانياً، واصلت قوات النظام قصفها المدفعي وغاراتها الجوية على اطراف دمشق، ودهمت كلية الطب في جامعة دمشق واعتقلت طلاباً فيها، بالتزامن مع حصول انفجارات ضخمة في ريف دمشق واندلاع مواجهات في الغوطة الشرقية. وفي حلب شمالاً، شن مقاتلو المعارضة هجوماً لفرض سيطرتهم على حي الراشدين، فيما قتل عدد من الضباط في هجوم شنه «الجيش الحر» على موقع عسكري في ادلب شمال غربي البلاد. واستقدمت القوات النظامية تعزيزات إلى بلدة القريتين في حمص (الوسط) ضمت دبابات وناقلات جند وسط اشتباكات في محيط البلدة.