تختار الشاعرة السورية هالا محمد أكثر الكائنات هشاشة في العالم لتحكي عن أكثر القضايا الراهنة قسوةً وتعقيداً. «قالت الفراشة» (الكوكب - رياض الريّس) ديوان خارجٌ من قلب الشاعرة كصرخة حُبست طويلاً في حنجرتها. الفراشة تنتقل من قصيدة إلى أخرى كأنّها لازمة اختارتها الشاعرة قرينةً لها. في عبورها الخفيف و «المُكثّف» نرى فراشة هالا محمد حاضرة في كلّ المشاهد تقريباً. تنطلق الشاعرة من فظاعة الحرب في سورية، ومع أنّها لا تغوص في بشاعة المشاهد التي لم يكن لعقل أن يتخيلها، نجدها تصف الحالة المُحيطة بها. فمرّة تستعير صوت طفلة لتحكي مأساة اللاجئين، ومرّة أخرى تستعير صوت أمّ الشهيد لتصف إحساسها تجاه جثة طفلها المنكلّ بها. ومن قصيدة «أم الشهيد حمزة الخطيب»: «الممرضة التي أشارت إلى صورتك في برنامج التلفزيون/ في تقرير الطبيب الشرعي/ لست ولدها./ كانت أظافرها حمراء طويلة/ وكانت تحمل صورتك برؤوس أصابعها المصبوغة بالمانيكور/ تحاول ألاّ تتلوّث بدم الصورة/ تقرف من موتنا/ تخاف دمنا/ يا حمزة...». على جناحي الفراشة تُرسل هالا محمد قصائدها إلى روح الشهداء: مشعل تمّو، هيثم، أحمد الفاخور... وإلى الشعراء الذين أحبّتهم: الألماني يواخيم سارتوريوس، الكولومبية أنجيلا غارسيا... وإلى المدن التي «ترّف في قلبها وتحرمها النوم» مثل درعا ودوما وداريا والقابون وبرزة والميدان وحلب واللاذقية وحمص ودمشق والقصير... «فراشة/ حطّت على كفّي هذا الصباح/ حمولة الألوان/ تُهمتها. بيني وبينك/ سلسلة جبال شاهقة من الوداد/ وصداها من الجفاء./ بيني وبينك/ دموع.../ ثياب/ عن حبل الغسيل/ تستفيق على أجسادنا...». (من قصيدة «قالت الفراشة»).