تسعى دولة جنوب افريقيا الى إبعاد العنف عن صفوف الاجيال الجديدة التي لم تختبر قسوة نظام الفصل العنصري ولكنها عرضة احياناً لعقوبات جسدية عنيفة في المدارس، على رغم ان هذه الممارسات محظورة منذ عشرين عاماً. ويقول بول موراكي المشرف على مدرسة تضم 900 تلميذ قرب جوهانسبورغ: «يصعب تغيير اقتناعات بعض المعلمين، لأنهم يشعرون بأن تخليهم عن العصا يعني تخليهم عن الأداة التي تُكسبهم الاحترام بين التلاميذ». في عهد نظام الفصل العنصري الذي حكم جنوب افريقيا من العام 1948 «كان الأمر قاسياً، ولا سيما في الشتاء. كان المعلمون يصلون الى الصف ويبدون انزعاجهم من الضجة، فيمددوننا على الطاولات وأيدينا وأرجلنا مثبتة بقبضات فتيان اكبر منا سناً، ويضربوننا»، وفق موراكي الذي صار ناشطاً مثابراً في «المشروع البديل للعنف» الذي يعمل على توعية التلاميذ وأهاليهم. ويبدو ان مشكلة الانضباط في مدارس جنوب افريقيا، سواء مع الذكور او الاناث، تحل غالباً بالضرب، اذ ان نصف تلاميذ هذا البلد يتعرضون لعقوبات جسدية (49,8 في المئة عام 2012، و47,5 في المئة عام 2008)، وفق مركز العدالة والوقاية من الجريمة. يذكر أن العقوبات الجسدية منعت في مدارس البلاد منذ العام 1996، وأصبحت اي مخالفة تعرض مرتكبها للشطب من جداول المعلمين مدى الحياة، لكن الظاهرة اتّسعت في السنوات الاخيرة في اربع من المقاطعات التسع التي تتألف منها جنوب افريقيا. ففي مقاطعة كوا زولو-ناتال شرق البلاد، التي يتحدر منها الرئيس جاكوب زوما، يبلغ العنف مستويات عالية. فقد سجلت هذه المقاطعة 80 في المئة من الاغتيالات السياسية التي وقعت في السنوات الثلاث الماضية. وهناك، يعيش التلاميذ جحيماً مدرسياً، اذ ان ثلاثة أرباعهم يتعرضون للضرب، ويوحى اليهم انه وسيلة مقبولة لحل المشكلات.