قتل أكثر من 58 شخصاً على الأقل وأصيب اكثر من مئة آخرين في موجة عنف دامية جديدة بتفجير سيارات مفخخة أمس في مناطق مختلفة، معظمها في جنوب العراق، فيما البلاد تعيش على وقع توتر سياسي يهدد بالانزلاق الى حرب طائفية. وانفجرت سيارتان مفخختان في مدينتي الكوت والعزيزية الواقعتين في محافظة واسط جنوب بغداد، فيما انفجرت اربع سيارات في محافظتي ذي قار والبصرة، وأخرى في النجف، كلها جنوب العراق، حيث غالبية السكان من الشيعة. وأسفر تفجير السيارة المفخخة في الحي الصناعي شمال الكوت (170 كلم جنوب شرقي بغداد) عن تدمير مقهى «شدهان»، وهو احد اعرق مقاهي المدينة التي تأسست في سبعينات القرن الماضي. وقال هشام شدهان، نجل صاحب المقهى ان «السيارة ركنت امام المقهى، على بعد امتار ولدى انفجارها تسببت بانهيار الجزء الأمامي من المبنى». وأصيب صاحب المبنى وهو رجل طاعن في السن بشظايا في اجزاء متفرقة من جسده نقل على اثرها إلى المستشفى، فيما غطت الدماء والشظايا المنطقة المحيطة بها. كما انفجرت اربع سيارات في المحمودية وأخرى في المدائن وثالثة شمال الحلة، كلها جنوب بغداد. وقال مصدر امني ان «سيارة مفخخة انفجرت امام مطعم شعبي في الحي الصناعي شمال مدينة الكوت ما اسفر عن سبعة قتلى و15 جريحاً». وأضاف ان «سيارة اخرى انفجرت قرب مقهى وحسينية في سوق مزدحمة في قضاء العزيزية اسفر عن مقتل خمسة اشخاص وإصابة عشرة آخرين». في البصرة (450 كلم جنوب بغداد) قتل خمسة اشخاص، بينهم خبير متفجرات برتبة عقيد في الشرطة، بانفجار سيارتين مفخختين وسط المدينة، على ما افاد رئيس اللجنة الأمنية في مجلس المحافظة علي غانم المالكي. وأكد مصدر طبي في مستشفى الحسين تلقي خمسة قتلى ومعالجة تسعة آخرين اصيبوا جراء الانفجارين. وأوضح مصدر امني ان «الخبير كان يحاول تفكيك السيارة المفخخة الثانية بعد العثور عليها، لكنها انفجرت به». وقال رئيس اللجنة الأمنية في مجلس المحافظة المنتهية ولايته علي المالكي « إن 5 أشخاص لقوا مصرعهم بانفجارين تم تنفيذهما بسيارتين مفخختين ولكن بتعاقب زمني وأدتا إلى جرح ما يقرب من 10 أشخاص» وأضاف إن «سيارة مفخخة انفجرت في الساعة الثامنة صباحاً قرب مديرية الجوازات في المحافظة وحين وصل خبراء المتفجرات ورجال الشرطة انفجرت السيارة الثانية في المكان نفسه ما أدى إلى زيادة عديد القتلى والجرحى». وتابع «من بين القتلى مدير مكافحة المتفجرات في قيادة الشرطة العقيد حسن جلوب الذي قتل في الانفجار الثاني أثناء القيام بعمله في فحص مكان الانفجار الذي خلفته السيارة المفخخة الأولى». وتم إغلاق الشوارع المؤدية إلى سوق العشار القريب من منطقة الانفجار في حين فتح الطريق المؤدي إلى مستشفى الصدر التعليمي الذي تلقى إنذاراً بعدم تسلم حالات أخرى غير حالات الانفجار ولفترة محدودة باستثناء الحالات الطارئة الخطيرة. إلى ذلك قال النائب عن محافظة البصرة حسين طالب ل «الحياة» إن «قيادة الشرطة ومديرها تحديداً يتحملان مسؤولية الإخفاق الأمني الذي أدى إلى حدوث التفجيرات». في الناصرية (305 كلم جنوب بغداد) انفجرت سيارتان مفخختان احداهما في شارع الحبوبي، اعرق شوارع المدينة، ما اسفر عن مقتل شخصين وإصابة 35 آخرين، وفقاً لمصدر طبي في دائرة صحة المحافظة. وفي المحمودية (30 كلم جنوب بغداد) قتل شخص وأصيب خمسة آخرون في انفجار سيارة مفخخة مركونة على الطريق العام، على ما أفادت مصادر امنية وطبية. في النجف (160 كلم جنوب بغداد) قتل شخص وأصيب 14 آخرون في انفجار سيارة مفخخة عند سوق لبيع الخضار في حي النفط، وفقاً لمصادر امنية وطبية. وفي المدائن (25 كلم جنوب بغداد) قتل شخص وأصيب سبعة آخرون في انفجار سيارة مفخخة قرب مقر للجيش. في الموصل (350 كلم شمال بغداد) قال النقيب تحسين الجبوري من قوة حماية المنشآت النفطية ان «مسلحين هاجموا بعد منتصف ليلة امس (السبت) مركزاً لقوة حماية المنشآت النفطية ما ادى الى مقتل ثلاثة وإصابة خمسة آخرين». وأكد الطبيب محمود حداد في مستشفى الموصل حصيلة الضحايا. وفي قضاء طوزخورماتو (170 كلم شمال بغداد) قتل اثنان من عناصر الشرطة وأصيب خمسة بينهم ثلاث طالبات في المرحلة الثانوية، بانفجار عبوة ناسفة استهدف دورية للشرطة وسط القضاء. وفي ناحية جبلة، شمال الحلة (100 كلم جنوب بغداد) اصيب خمسة اشخاص بينهم اثنان بجروح بالغة، بانفجار سيارة مركونة وسط الناحية، وفقاً لمصادر امنية وطبية. ويشهد العراق موجة عنف ادت في الأسابيع الماضية الى ارتفاع حصيلة الضحايا خلال أيار (مايو) الماضي، الى 1045 قتيلاً وإصابة نحو 2400 آخرين، على ما اظهرت ارقام بعثة الأممالمتحدة. وكان الناطق باسم الداخلية العراقية العميد سعد معن اشاد في اتصال مع «الحياة» قبيل تفجيرات امس، بالتحسن الأمني النسبي الذي شهدته بغداد بعد الانفلات الأمني الذي راح ضحيته عشرات العراقيين الشهر الماضي واعتبر ذلك «نتيجة الإجراءات الأمنية سواء على صعيد عمليات بغداد او القيادات الأمنية الأخرى والتي تدخل في صلبه تدعيم الملف الأمني وتفعيل الجهد الاستخباراتي». ونفى معلومات عن وجود عمليات استباقية لتنظيم «القاعدة» داخل المدن بهدف تخفيف الضغط عن نشاط هذا التنظيم قرب الحدود السورية، وقال إن «هناك عمليات استباقية للجهات الأمنية العراقية أفشلت بعض المخططات التخريبية قبل تنفيذها كما حصل في الانتخابات السابقة وخلال تأمين زيارة الإمام موسى الكاظم». وعن تطبيق قرار المزدوج والمفرد على السيارات أوضح أن «لا تراجع عن ذلك». وأشاد معن بالانعكاسات الإيجابية لهذه القرار واعتبر أن «ما شهدته العاصمة في الأيام السابقة من استقرار امني نسبي كان سببه هذا القرار». وانفجرت خلال الأيام العشرة الأخيرة من أيار (مايو) نحو خمسين سيارة أودت بحياة المئات، في شهر دام قتل خلاله اكثر من ألف شخص، على ما أفادت ارقام الأممالمتحدة، ما يجعله اكثر الأشهر دموية منذ منتصف 2008.