أكد الداعية الإسلامي ومفسر الأحلام الدكتور محمد شكري حجازي أن الرؤى المنتشرة في أوساط المجتمع السعودي تتركز على ما له علاقة بالوظائف والترقيات والعمل، وتكثر لدى الفتيات في أحلام العش الزوجي.ولفت إلى أن أهم الرؤى التي تنتشر في الشهر الفضيل إنما تتعلق بزيارة الحرمين الشريفين للصلاة والعمرة. واصفاً أهم رؤى الشهر بأنها تلك التي تتعلق بليلة القدر. في ما يأتي نص حواره: ما هي أكثر مواضيع الرؤى التي تعرض عليك؟ - تعرض علي رؤى غالبها تكون في أمور أسرية، إما زواج أو خطبة، أو في جانب مشكلات معينة لها علاقة بالعمل، فنفسر الرؤيا بأن فلاناً من الناس له ترقية أو أن شخصاً في العمل سيتسبب له في مشكلة. غالب الرؤى التي تعرض علينا تدور حول العمل والوظيفة. وكذلك فإن عدداً كبيراً من الرؤى يدور حول موضوع العلاقات الأسرية والمستقبل الاجتماعي كالزواج والخطبة. ولذلك مما يلفت النظر أن كثيراً من الفتيات تعبير رؤاهن أن الفتاة ستُخطب، وبعضها تكون حديث نفس، بمعنى أن الفتاة تكون تتمنى أن يتقدم لها خاطب، فترى في المنام ما حدثت به نفسها. هل يعني ذلك أن الرؤى لا تتميز في المواسم الدينية عن الرؤى في الشهور العادية؟ - لا يوجد تميز كبير، لكن ثمة خصوصية بلا شك، فمثلاً: الرؤى تتميز في رمضان بالمبشرات الدينية، لأن الناس يكون جوهم إيمانياً، ويقبلون على قراءة القرآن، ويفكرون في العمرة، ويتحرون ليلة القدر، فقد يرى الرائي في المنام أنه يزور الحرمين الشريفين، أو أنه هو وعائلته ذهبوا للعمرة، أو يرى أنه يطوف أو يسعى أو يصلي التراويح، ويكثر هذا الأمر في هذا الشهر، وعندما تقبل العشر الأواخر، ويبدأ الناس يحملون هم ليلة القدر ويتحرونها بأشواق كبيرة، وأرواح متعطشة إلى رحمة الله، عندئذ تكثر الرؤى حول ليلة القدر، ويغلب فيها رؤية المطر هاطلاً على مكةالمكرمة أو منطقة أخرى بعينها، ما يتيح لنا تأويل الرؤيا بأن ليلة القدر كانت في تلك الليلة. أخيراً عادت الرؤيا المشهورة للطفل الذي يرضع القمر، وعادت معها إشاعات بأنها رؤيا حقيقية تؤكد ولادة المهدي المنتظر، برأيك ما سبب عودة هذه الرؤيا إلى الأوساط الاجتماعية؟ - موضوع المهدي موضوع غريب، وانتشار هذه الرؤيا بهذا التأويل يرجع إلى خطأ التصور لدى بعض المؤولين، الذين يظنون أن المهدي رجل خارق. فهؤلاء لا يدركون أن المهدي يعيش طبيعياً ويصطفيه الله بسبب صدقه وإخلاصه ويكون مجاب الدعوة، ولن يكون ميلاده سبباً في إثارة قلاقل أو فتن أو خروج على أولياء الأمور، بل هو يأتي في فترة ليس فيها شيء من الاستقرار، ويجتمع الناس عليه ويبايعونه برغبتهم بيعة علنية ليست فيها فتنة ولا بدعة، وإلا ما كان مهدياً ربانياً. وموضوع تفسير رؤيا ميلاد المهدي قد لا تعني بالضرورة وإن صحت الرؤيا أن هذا ميلاد المهدي المنتظر نفسه، بل قد يكون معناها ميلاد رجل عادي يكون سبباً لانتشار الهدى والدين والصلاح بين الناس، والمقصود ظهور مجدد أو شخص أو داعية يهدي الناس إلى الحق ويجدد لهم دينهم، كما ظهر الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، فليست رؤيا المهدي يشترط في تعبيرها أن يكون المقصود بها المهدي المنتظر الوارد في السنة النبوية. ولكن هذا التخبط سببه الخلط الذي يقع بين بعض المنتسبين للتعبير فيقع في هذه الأخطاء، ويفسر بعضهم رؤى الناس بحقيقتها، متناسياً أن معظم الرؤى رمزية وليست على ظاهرها. لكن ما الدلالة الرمزية في رؤية طفل يرضع القمر؟ - الطفل الذي يرضع القمر، قد يعني أن سلطاناً ما سيعين رجلاً من أهل الهدى ليصلح الناس بدعوتهم عبر الشاشات إلى الهدى والصلاح، وكما تعلم أن الشاشات والبرامج يتابعها من 70 إلى 80 مليون شخص، فعندما يحصل التمكين لأحد العلماء المصلحين، فقد أشبه المهدي في بعض صفاته. والمهديون كثر في النهاية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي». فالخلفاء الأربعة مهديون، وعمر بن عبدالعزيز مهدي، والشيخ ابن باز مهدي، وهكذا. لكنك لم توضح لنا الرموز الموجودة تحديداً في رؤيا الطفل الذي يرضع القمر؟ - القمر يشير إلى رجل له سلطان، بالعلم أو بالحكم، لأن القمر يضيء للناس بالليل فهو إما عالم أو حاكم أو شخص بارز لجميع الناس مثل بروز القمر، فقد يكون الرجل داعية مهدياً يستفيد من علوم أحد الأئمة الكبار في هذا العصر، ويستفيد من علوم الشيخ ابن باز مثلاً، ويميل إلى طريق الوسطية في التفكير. لكن المشكلة أن بعض الناس يحدد الأمور في المهدي المنتظر، وينسى أن المهدي وهو يسبقه مهديون وللحق رايات والدجال له رايات وللباطل رايات، والمهديون كثر والدجالون كثر، وهم ممهدون للمهدي المنتظر، وأولئك ممهدون للدجال، فيخرج كذابون في الشاشات وغير الشاشات.. ما رأيك في انتشار تأويل الرؤى في القنوات الفضائية؟ - أنا أؤيد في الجملة تأويل الرؤى لكن شرط أن يكون الشخص مؤهلاً ويتحلى بالحكمة وبالفهم، غير أنه يستحيل أن أطلق حكماً عاماً أقول فيه: أؤيد كل القنوات. ما أريده وأحرص عليه يندر وجوده أصلاً، وهو أن يظهر شخص يسأل الرائي عن حالته الاجتماعية والدينية والصحية وعمله ووظيفته. لكن المنتشر الآن أكثره باطل ويجب منعه وفيه تسرع وفيه نوع كهانة، فبعض المعبرين يتعجل التعبير، فيسأله السائل: رأيت كذا؟ فيقول فورا: تعبيرك كذا! ويتناسى أن على المؤول أن يعرف حال الرائي ووقت الرؤية وعمره وأحياناً يحتاج بياناته الشخصية، والرؤيا الواحدة يراها عدد من الأشخاص وتعبر لكل واحد بتعبير مختلف بحسب حاله ومكانته ومنصبه فقير أو غني. لهذا فمشكلة أكثر معبري القنوات أنهم يفعلون ذلك لأجل التجارة وبعضهم ليس عنده ورع في التعبير ويعتبر الموضوع تسلية ولعباً لأنه لن يحاسب ولن يسأل هل وقع التعبير أم لا؟ بل إن مفسر الرؤى يتعدى هذا بأن يفسد الأسر ويفرق بين الزوجين، كأن تأتيه رؤيا فيقول: زوجتك خائنة ولها علاقة محرمة فيذهب ويطلقها أو يضربها أو يقتلها. وبعضهم يعبر رؤى سياسية وفيها فتن فيهيج الناس على ولاة الأمر ويسبب فتنة واضطراباً في الأمن، مثل أحد المفسرين الذي أمر الناس أن يخرجوا إلى مكة والمدينة ويتركوا مدن المملكة لأن الفتن أقبلت ويتركون وظائفهم وزوجاتهم وأقاربهم، فهذا المعبر وأمثاله السفهاء يعتبرون مفسدين لا مصلحين مؤولين، لأنهم ينشرون الأراجيف، والمعبر الحق هو الذي يتمكن من علم التعبير المستضيء بنور الوحي المتحلي بالحكمة.