تتميّز الفترة الحاضرة في تطور المعلوماتية بطوفان البيانات وانخفاض تكلفة نقل المعلومات وانتشار الخوادم القادرة على عمليات المحاكاة الافتراضيةVirtual Simulation. وبالترافق مع هذه الأمور، تشهد منطقة الشرق الأوسط انتشاراً لمراكز البيانات التي صارت أمراً لازماً للشركات والمؤسسات والحكومات، على ما يحصل عالميّاً أيضاً. من المتوقّع أن يزداد زخم هذه الصورة خلال السنوات الخمس المقبلة. وأصبح أمراً عادياً الآن في الشرق الأوسط أن نرى شركات صغيرة ومتوسطة تمتلك مراكز لبياناتها، بعد أن كانت أمراً مميّزاً في الشركات الكبيرة وحدها. نمو فلكي للبيانات في هذا الصدد، أكّد سفيان دويك، المدير الإقليمي لشركة «بروكيد» Brocade للاتصالات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من مقر الشركة في دبي، أن معظم مديري الشبكات في الشرق الأوسط في العام الماضي لمسوا بأنفسهم الشعبية المتنامية لنوع من التقنية الرقميّة المتصلة بمراكز البيانات، تحمل اسم «إيثرنت النسيج» Ethernet Fabrics، متوقّعاً استمرار هذا الاتجاه خلال العام الجاري. وتكشف نماذج من أرقام المحلّلين عن التأثير الحقيقي لهذه الاتجاهات. فوفق شركة «آي إم إس ريسرتش» IMS Research للبحوث عن الأسواق الإلكترونيّة، يتوقّع أن يبلغ عدد الكومبيوترات المتّصلة بالشبكة قرابة 22 بليوناً مع حلول 2020، مع ملاحظة أنها تزداد قوّة، كما ترتفع قدرتها في التعامل مع البيانات واستهلاكها. بالترافق مع هذه الصورة، تتصاعد جهود المؤسسات في «رقمنة» البيانات وتخزينها. وتتوقع شركتا «آي دي سي» IDC (وهي متخصّصة بالمسار الرقمي)، و «إي إم سي»، ان يصل الحجم العالمي للمعلومات إلى قرابة 35 زيتابايت Zetabyte من البيانات (زيتابايت = 1.1 تريليون غيغابايت). ويتضخّم هذا النمو بأرقام فلكيّة بأثر من زيادة سرعة نقل البيانات وانخفاض تكلفة العمليات المتّصلة بتخزينها واستخراجها وتحليلها والاستفادة منها. وساهم تطوّر الخوادم تقنيّاً في قدرتها على أداء عمليات متقدّمة، على شاكلة تقنيات «المُحاكاة الافتراضية» التي تقف في القلب من تقنية ال «إيثرنت النسيج» التي ظهرت إلى الوجود أصلاً بأثر من الرغبة في تقليل تكلفة التعامل مع البيانات الكبيرة، وزيادة معدل استخدامها. ومع زيادة استخدام المحاكاة الافتراضية، بات من الممكن تبسيط بنية الشبكات الرقميّة المختلفة، مع زيادة قوتّها ورفع كفاءتها. تؤدي المحاكاة الافتراضية التي تنجز على خوادم المؤسسات، إلى وفرة مدهشة في الوقت والتكلفة، كما تفتح مجالاً أمام كثير من الفرص الرائعة. ومكمن الصعوبة في تطبيق المحاكاة الافتراضية أنها تؤدي إلى تغير آليات حركة بيانات بشكل قويّ، ما يفرض تحديّات متنوّعة. وتتوقع شركة «غارتنر» Gartner، وهي متخصّصة في بحوث المعلوماتية والانترنت، أن يجري 80 في المئة من تداول بيانات الانترنت، بطريقة «من خادم إلى خادم» («سيرفر تو سيرفر» Server to Server)، ما يفرض تغييرات غير مسبوقة في مراكز البيانات الأخذة بالتكاثر أيضاً. مرونة مرغوبة يترافق الاتجاه نحو «إيثرنت النسيج» مع تصاعد الميل للتشديد على أهمية تقنيّة «حوسبة السحاب» Cloud Computing، التي ترتكز إلى فكرة مراكمة معظم البيانات على الانترنت، كي تكون دوماً في تناول الناس، بغض النظر عن موقعهم وطريقة وصولهم الى معلوماتهم. ويساهم هذا الأمر في تعزيز تراكم البيانات وتضخّمها على الشبكات كافة. ويعتبر التحدي الأمني من أبرز ما يواجه «حوسبة السحاب» و «إيثرنت النسيج» معاً. وكذلك تضع هذه المتغيّرات ضغوطاً على انسيابية المعلومات وتدفّقاتها عبر الفضاء الافتراضي للشبكات بأنواعها كافة. وفي المقابل، تبذل جموع من الاختصاصيين جهوداً حثيثة لتبسيط الشبكات وبنيتها، مع زيادة قدرتها العملانيّة أيضاً. وتفترض هذه الصورة نشاطاً متناميّاً باتجاه تحسين البينة الإلكترونية التحتيّة وتحسينها وتطويرها بصورة مستمرّة. ومن المزايا المستحسنة في اتجاهات شبكات النسيجي، الميل لتبنيّ معيار «غيغابت إيثرنت 10» 10 Gigabit Ethernet الذي يعزز من سعة الشبكات وسرعتها وقدرتها على الاستيعاب وتلبية المتطلبات المتزايدة. وبصورة مباشرة، أحدثت «إيثرنت النسيج» ثورة انفجارية في تكاثر مراكز البيانات، مع توفير نموذج تسعير مرن يرتكز على مبدأ «الدفع مقابل الوصول إلى الانترنت»، إضافة إلى تحفيز الجهود التقنيّة المتخصّصة باتجاه تبسيط هندسة الشبكات. من منظور تجاري بحت، يرجع المدّ الشعبي المتنامي «لإيثرنت النسيج» الى أنها لا تتقيّد بالتعامل مع مورد محدّد ولا مُزوّد معيّن لخدمة الاتصال بالانترنت، ما يتيح مرونة تعتبر مرغوبة من الجمهور الواسع.