يفتح سعيد فضل القباطي وأولاده الثلاثة صباح كل يوم دكانهم العتيق «لوكس السياحي» لبيع الهدايا التذكارية وأدوات الزينة من حلي فضية وأكسسوارات من الموروث الشعبي اليمني تفوح منها رائحة التاريخ... إلا أن هذه المقتنيات التراثية المعروضة على الأرفف أو على الأرض لا تجد من يشتريها، فأكثر الناس في عدن واليمن عموماً مشغولون بهمومهم اليومية التي تفاقمت في السنتين الأخيرتين في ظل ما شهدته البلاد من أزمة سياسية وعدم استقرار أثرا سلباً في النشاط السياحي. العم سعيد يتذكر الماضي ويقول: «في شبابي كنت من هواة جمع الأحجار الكريمة والمنتجات اليدوية من الموروث الشعبي والعملات النقدية، ومن ثم أبيعها على أرصفة الشوارع في منطقة التواهي للسياح الأجانب الذين كانوا يصلون إلى عدن عبر مينائها الذي كان يعد ثالث ميناء عالمي على طريق الملاحة الدولية يربط العالمين القديم والجديد. وحينها كانت تجارتي ناجحة، الأمر الذي شجعني على إنشاء هذا المحل في نهاية الستينات من القرن العشرين، وهو الدكان الأول في عدن لبيع الحلي الفضية والأحجار الكريمة بأنواعها المختلفة ومنها الصناعية لزينة المرأة اليمنية والعربية والتي تحبها كثيراً المرأة الغربية. لاحقاً وسعت عملي إلى بيع اللوحات التذكارية للمواقع الأثرية اليمنية وعملات مختلفة من دول العالم وهدايا وتحف من أفريقيا، بالإضافة إلى خيرات البحر من أصداف وأحياء بحرية متنوعة بعد تحنيطها، ويهتم بشرائها السياح وبخاصة الأوروبيين منهم». ويضيف: «في السنوات الماضية قبل الوحدة اليمنية وفي دولة اليمن الديموقراطي، نشطت كثيراً حركة البيع في محلنا وكان وجهة الزوار الأجانب والسياح للمدينة وللمقيمين من أفراد البعثات الديبلوماسية العربية والأجنبية العاملة في عدن والمحافظات المجاورة لها، أو المواطنين اليمنيين وبخاصة الطلاب المبعوثين للدراسة في الخارج الذين كانوا يحرصون على شراء الهدايا التذكارية لأصدقائهم. وبنيت صداقات مع زبائني لثقتهم بنوع البضاعة التي أبيعها. ولكن مع مرور السنين قلّت حركة البيع وتأثرنا كثيراً بالركود السياحي بعد عمليات الخطف والترهيب التي طاولت الأجانب. وحالياً، نادراً ما يأتي أحد للشراء من اليمنيين أو الأجانب، وما نبيعه لا يفي بمتطلبات حياتنا اليومية وما علينا من التزامات لدفع قيمة الإيجار الشهري للمحل وضرائب سنوية وفواتير كهرباء... إلا أن المحل جزء من حياتنا ولا نستطيع إغلاقه، فقد أمضيت أكثر من نصف عمري فيه وإلى جنبي أولادي. ونفتح أبوابه كل يوم لنمضي وقتنا فيه، وبعد الظهيرة كعادة أغلب اليمنيين نجلس معاً نمضغ القات عند مدخل المحل ونتجاذب أطراف الأحاديث مع المارة من أهل الحي... الأرزاق بيد الله، وكلنا أمل في أن تعود الحياة كما كانت عليه».