لقرن من الزمان، ترابطت العلاقات البحرينية اليابانية بتفرد. بدأت بالاقتصاد وانتهت به، ومثلت السياسة محطة مهمة فيها. ومن ضمن جهودها لتحديث صناعة اللؤلؤ البحريني وتعزيزها، وقعت شركة «ممتلكات» القابضة، الذراع الاستثمارية للمملكة، في 24 آذار (مارس) المنصرم مذكرة تفاهم مع ثلاث شركات يابانية بارزة. وكانت المذكرة إحدى 13 مذكرة تفاهم توصل إليها البلدان خلال زيارة إلى اليابان ترأسها ولي عهد البحرين رئيس مجلس التنمية الاقتصادية الأمير سلمان بن حمد آل خليفة. وشملت مذكرة التفاهم شركة «كينوشيتا بيرل» للؤلؤ الطبيعي والمستزرع وشركة «فيرست ستيم سال اليابان» لبحوث التكنولوجيا الحيوية. وستقدّم الشركتان تقنيات جديدة وأساليب متطورة لتحديد مواقع اللؤلؤ ومدى جودته ونضجه. وكان اختراع اليابان للؤلؤ المستزرع قصم ظهر النشاط الاقتصادي الأول للبحرينيين في عشرينات القرن العشرين بعدما استمر خمسة آلاف سنة. وقضت الأزمة المالية العالمية 1929 على البقية الباقية من صناعة صيد اللؤلؤ. وباكتشاف النفط عام 1932، انخرط السكان بالعمل في الصناعة الجديدة. وصدف أن صُدّرت أول دفعة من النفط الخام البحريني إلى اليابان عام 1934. وهكذا انتظمت علاقات اقتصادية مشتركة منذ ذلك الحين. وعلّق الرئيس التنفيذي ل «ممتلكات» محمود الكوهجي على المذكرة بالقول: «نبحث عن فرص جديدة، ونسعى إلى إحياء صناعة اللؤلؤ، المعروفة بعراقتها في مدينة المحرق. وصنفت يونسكو ثلاثة مواقع للمحار مواقع تراثية عالمية. وقطاع اللؤلؤ الياباني قطاع متطور عالمياً». وأضاف: «لإحياء هذه الصناعة سنتعاون مع اليابان». وستعمل «ممتلكات» وشركاؤها لتنشيط قطاع اللؤلؤ وزيادة إنتاجه ورفع المكانة العالمية للؤلؤ البحريني. وكان ذلك بمثابة تغير بمقدار 180 درجة عن سياسة سابقة للمملكة، فمنذ أن دخل اللؤلؤ الياباني المستزرع السوق الدولية، طبقت البحرين سياسة حمائية لسوقها المحلية من تسرب اللؤلؤ الياباني إليه، وفي السنوات الأخيرة كانت البحرين الدولة الوحيدة التي تمنع دخول ذلك اللؤلؤ إليها وتجرّم من يسوقه. وكان للسياسة نصيب إذ كانت اليابان إحدى أول الدول التي اعترفت بالبحرين بعد استقلال الأخيرة في 15 آب (أغسطس) 1971. واحتفل البلدان بمرور 40 سنة من العلاقات الديبلوماسية بينهما. واتخذت العلاقات بينهما منحى تصاعدياً، وبلغت ذروتها في زيارة عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة اليابان في 11 نيسان (أبريل) 2012 على رأس وفد رفيع المستوى ضم وزراء معنيين بالشأن السياسي والاقتصادي. ورحبت اليابان في 25 تشرين الأول (نوفمبر) 2011 في تصريح لناطق باسم وزارة خارجيتها برفع اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق برئاسة محمود بسيوني تقريرها إلى ملك البحرين، حول أحداث شباط (فبراير) 2011 في البحرين. وشددت اليابان على أنها تتابع عن كثب تصميم الملك على تشكيل لجنة حكومية للتمعن في توصيات التقرير وتنفيذها بسرعة تفادياً لتكرار الأحداث. وتوقعت اليابان إنجاز تقدم كبير في الإصلاح بالمملكة. ورحبت اليابان في 12 شباط (فبراير) 2013 بانعقاد جلسات الحوار الوطني في المنامة، وعبّرت عن أملها في مشاركة قطاع عريض من البحرينيين، وبضمان الشفافية وحرية التعبير في الحوار ليسير الإصلاح قدماً في المملكة. وعاد البلدان إلى الشأن الاقتصادي لتطويره إذ فضلت 18 شركة يابانية المنامة على بقية عواصم مجلس التعاون كمقر لها. ويعمل خمس منها في القطاع المالي وثلاث في التجارة، ويمارس تسع نشاطات صناعية، وثمة شركة للإنشاءات. وفي المقابل افتتح مجلس البحرين للتنمية الاقتصادية مكتباً له في طوكيو عام 2000. وفي 14 أيار (مايو) الماضي، أكد القائم بأعمال الرئيس التنفيذي للمجلس كمال بن أحمد أن الفرصة متاحة أمام البحرين واليابان لزيادة التعاون الاقتصادي ورفع مستوى التجارة البينية بينهما. جاء ذلك خلال لقائه وفداً من رابطة التعاون الاقتصادي البحريني الياباني (جي بي إي سي) برئاسة الرئيس الفخري لمجموعة «جاي جي سي» يوشيهيرو شيجهيسا. وضم الوفد ممثلين عن 27 شركة صناعية يابانية في قطاعات الهندسة والبتروكيماويات والأغذية والتمويل والطاقة المتجددة والفولاذ والتجارة. وصدّرت اليابان إلى البحرين عام 2011 منتجات بقيمة 411 مليون دولار أهمها آلات ومعدات، وهو أدنى معدل لحجم التجارة البينية بعدما تزايدت الصادرات اليابانية إلى المملكة ، لتبلغ قيمتها 430 مليون دولار عام 2005 و932 مليون دولار عام 2008، قبل أن تبدأ بالانخفاض. وصدّرت البحرين إلى اليابان سلعاً أهمها منتجات بترولية وألومنيوم بقيمة 617 مليون دولار عام 2011. وبالمقارنة حافظت صادرات البحرين على خط بياني مرتفع بدءاً من 327 مليون دولار عام 2005، وبلغت الصادرات البحرينية ذروتها بمبلغ 659 مليون دولار عام 2010. وتستمر المنامة في رصد آفاق العلاقة مع إمبراطورية الشمس المشرقة بعينين: واحدة على السياسة وأخرى على الاقتصاد.