استُكملت أمس، جلسات مؤتمر «اتّفاق الطائف بعد ربع قرن على إعلانه» وإنهاء الحرب الأهلية عام 1989 التي انطلقت أول من أمس في فندق «فينيسيا» في بيروت بجمع كل مكونات المجتمع السياسي والمدني حول ندوة نقاش شددت على الابتعاد عن الاحتدامات والاصطفافات لتقويم التجربة بسلبياتها وإيجابياتها ولمحاولة معالجة شوائب الاتفاق وسط انقسام سياسي في شأنه. وشهد المؤتمر أمس، إيضاحات للمواقف الوطنية من القضايا المطروحة وإجماعاً من الكتل النيابية المشاركة في الجلستين على قانون انتخابي عصري وعادل. والمشاركون هم: «تيار المستقبل»، التيار الوطني الحر»، «حركة أمل»، «حزب الله»، «الحزب التقدمي الاشتراكي»، حزب «الطاشناق»، «الكتائب اللبنانية»، «الكتلة الوطنية»، «القوات اللبنانية»، «الجماعة الإسلامية» و«مؤتمر الإنقاذ». طرح النائب سمير الجسر من كتلة «المستقبل» تساؤلات بشأن ما آلت إليه الأمور بعد اتفاق الطائف. وأكّد أن لزوم النظام الديموقراطي البرلماني الذي أورده الطائف «يقوم على تعدد الأحزاب ووجود أكثرية تحكم وأقلية تعارض من دون أن يعني ذلك إلغاء الأقلية». ورأى أنه «لا بد من تطبيق النصوص المتعلقة بإلغاء الطائفية لأن الطائفية السياسية كانت ولا تزال علة العلل في نظامنا»، وأشاد «بصحة خيار المحافظة دائرة انتخابية داعياً إلى تطبيق الطائف لهذه الجهة»، معتبراً أن «قانون الستين ساهم في حدّة الخطاب الطائفي». وقال: «بعد التجربة التي بيّنت أن تفسير الدستور أصبح مسألة رأي ووجهة نظر فإننا أحوج ما نكون اليوم إلى العودة إلى تطبيق الطائف لجهة تفسير الدستور عن طريق المحكمة الدستورية حتى لا يصبح الدستور مسألة رأي وحتى لا ينفرد أحد بذلك». وشدد على أن «بسط السيادة يعني على وجه التأكيد أن قرار الحرب والسلم هو مسألة حصرية للدولة ولا يشاركها به أحد ولا يتعداها به أحد»، وعدد 3 أمور كشفت التجربة اللبنانية وجوب استكمالها في ملحق لاتفاق الطائف من أجل سد الثغرات التي أظهرتها الممارسة اللبنانية وهي وضع آلية لانتخاب رئيس في المهل الدستورية، وضع آلية لعقد جلسات البرلمان، حصر حق تفسير الدستور بالمجلس النيابي. وركّز الوزير السابق سليم جريصاتي ممثلاً رئيس «تكتّل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون على دور رئيس الجمهورية وعدد صلاحياته، سائلاً: «من يكون المؤتمن على الدستور والميثاق والعيش المشترك أكثر من رئيس الجمهورية؟ وماذا يجب أن يتّصف به هذا الرئيس كي يقوم بهذا الدور»؟ وقدّم مطالعة دستورية عن رئيس الجمهورية تعبّر عن ما يطرحه التكتّل في مواقفه. وأجاب بضرورة انتخاب رئيس مباشرة من الشعب على دورتين وتقييده بمهل محدودة لإصدار القوانين والمراسيم وطلب نشرها، لافتاً إلى افتقار الرئاسة إلى قانون تنظيمي تنهض عنه مؤسسة رئاسة الجمهورية بكيانها المستقل وكذلك افتقار مجلس الوزراء الذي ناط به الدستور مجتمعاً السلطة الإجرائية إلى قانون تنظيمي، وغموض آلية الاستشارات النيابية الملزمة التي يسمّي بنتيجتها رئيس الجمهورية رئيس الحكومة المكلف، والتباس علاقة الرئيس برئيس الوزراء في أكثر من موقع. واتّفق جريصاتي مع الجسر في مسألة التحرر من الطائفية السياسية». وتحدث عضو هيئة الرئاسة في حركة «أمل» قبلان قبلان عن تحفّظ حركة «أمل» عن كل ما هو طائفي في الاتّفاق «هذا التحفظ الذي زاد عندما كانت الممارسة تزداد إمعاناً في الانحراف عن الغاية التي من أجلها أُقر الاتّفاق». وبعدما استعرض موقف الحركة من ثغرات في تطبيقه منها التشابك في الصلاحيات المستمر بين المؤسسات والقيمين عليها في السلطة التنفيذية، كرّر التزام الحركة الطائف كإطار لوحدة البلد واستقلاله والمناصفة بين المسلمين والمسيحيين»، داعياً إلى «وقف الاجتهادات في تفسير النصوص وتطبيقها واستكمال تطبيق كل بنود الطائف المتعلقة بالمؤسسات والإدارة». واستهلّ عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية نواف الموسوي بتأكيد أن ثوابت وثيقة الوفاق الوطني يجب أن تكون العنوان السياسي لجبهة واحدة في مقاومة الخطر التّكفيري، مشدداً على ثابتتين: ثابتة المقاومة وثابتة الحياة الواحدة. ففي ثابتة المقاومة، اعتبر أن الطائف حسم هوية العدو الوحيد للبنان وهو العدو الإسرائيلي وأن تحرير الأراضي اللبنانية يتم عبر الإجراءات اللازمة التي تعني مقاومة الاحتلال الإسرائيلي. وفي ثابتة حكم الشراكة والتوازن، رأى أن «الأزمات المختلفة التي تعصف بالحياة السياسية تنشأ من عدم تطبيق الطائف في روحه ونصّه العناوين للديموقراطية التوافقية»، لكنه أشار إلى أن «المدخل إلى الاستقرار الدستوري والسياسي والاجتماعي-الاقتصادي يكون عبر اعتماد التمثيل النسبي نظاماً للاقتراع في الانتخابات». وقدّم عضو مجلس قيادة الحزب «التقدمي الاشتراكي» بهاء أبو كروم رؤية الحزب لاتفاق الطائف واعتبر أن «اتفاق الطائف حالياً يشكّل عاملاً رئيسياً من عوامل الاستقرار الداخلي وأن الشروع في وضعه على مشرحة التعديل أو التغيير الجوهري سيفتح الباب أمام انكشاف الواقع الداخلي على مخاطر لا تعد ولا تحصى وسيفتح المجال أكثر أمام المداخلات الخارجية».