على عكس ما يعتقد كثيرون، ليست الصفات الوراثية (الجينية) للإنسان شيئاً ثابتاً لا يتغير، ولا تبقى جامدة وكأنها أمر حتمي. والارجح أن تتغيّر تلك الصورة الرائجة عن الجينات والصفات التي تتحكّم بها، بأثر من اكتشاف أنجزه باحثون من جامعة «جون هوبكنز» في «مريلاند» شرق الولاياتالمتحدة. وبيّنوا أن التركيب الجيني (الجينوم) للإنسان يتغيّر خلال حياته بأثر من عوامل البيئة او الغذاء ونمط الحياة والنشاط الجسدي والفكري وغيرها. ويرون أن ذلك الأمر يفسر ظهور أمراض كالسرطان مع الشيخوخة. ونشروا دراستهم في «مجلة الجمعية الطبية» الاميركية اليوم. وتُبيّن الدراسة أن المؤشرات التي يحملها الحمض النووي الوراثي (د ن ا) تتغيّر خلال حياة الانسان. والمفارقة أن حجم تلك التغيّرات يتشابه بين أفراد العائلة. وتندرج هذه الدراسة في سياق انتقال جهود العلماء من دراسة تركيب الجينوم، إلى محاولة التعرّف على طريقة عمله، وضمنها الآليات التي تتيح للخلايا الحفاظ على سلامة عناصر الوراثة (الجينات). وأوضح الطبيب اندرو فينبرغ، استاذ علم الهندسة الوراثية في كلية الطب في «جامعة جون هوبكنز» أن دراسة عمل الجينات وتفاعلاتها «بدأت تحتل مكانة أكبر في الطب الحديث، خصوصاً بعد أن تبيّن أن التغيّرات الوراثية يمكن ان تحدث بأثر من نظام التغذية او غيره من عوامل البيئة التي يعيش فيها الانسان». وأضاف أن «التغيّرات تستطيع أن تؤدي دوراً مهماً في ظهور أمراض مثل السكري والتوحّد («أوتيزم») والسرطان وغيرها». ومن المستطاع تلخيص كلام هذا الاختصاصي بالقول ان ما تضمه الجينات من خصائص ليس قدراً محتوماً على الجسد الذي يحملها. وفي سياق الدراسة، حلّل باحثون عينات من الحمض النووي لنحو 600 شخص شاركوا في دراسة شهيرة عن القلب اسمها «دراسة ريكيافيك». واخذت عينات الحمض النووي من المشاركين في الأعوام 1991 و2002 و2005. وكذلك أوضحت الطبيبة دانيال فالن، من كلية طب في «جون هوبكنز» أن الدراسة «رصدت تغيراً كبيراً يحدث مع الزمن، ما يبرهن أن الصفات الوراثية تتغير مع التقدم في العمر». وأضافت أن هذه التغيرات يمكن ان تنتقل وراثياً، ما يشرح سبب اصابة افراد العائلة عينها بمرض معين أكثر من غيرهم».