أصدرت محكمة جنايات القاهرة أمس أحكاماً مشددة بالسجن لمدد تتراوح بين عام وخمسة أعوام في حق 43 موظفاً بمنظمات غير حكومية، غالبيتهم أجانب، في القضية المعروفة باسم «التمويل الأجنبي غير المشروع لمنظمات المجتمع المدني». كما غرمت المحكمة المتهمين ألف جنيه لكل منهم، وأمرت بحل فروع منظمات دولية في مصر هي: المعهد الجمهوري، والمعهد الديموقراطي، وفريدوم هاوس، والمركز الدولي الأميركي للصحافيين، ومؤسسة كونراد الألمانية، وإغلاق مقراتها ومصادرة أموالها وأمتعتها وأوراقها. ويأتي هذا الحكم القضائي، الذي أثار تحفظات من قبل المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر وانتقادات دولية، فيما بدأ مجلس الشورى المصري، الذي يمتلك السلطة التشريعية موقتاً، في مناقشة قانون وضعته الرئاسة لتنظيم الجمعيات الأهلية، ويثير جدلاً واسعاً داخلياً ودولياً. وتضم القضية 43 متهماً من الجنسيات الأميركية والألمانية والصربية والنرويجية والفلسطينية والأردنية، يتقدمهم نجل وزير النقل الأميركي ومدير المعهد الجمهوري الدولي في مصر صامويل آدمز لحود، إضافة إلى متهمين مصريين. وصدر الحكم بالسجن لمدة 5 سنوات (غيابياً) في حق 27 متهماً، فيما تراوحت العقوبات ما بين الحبس لمدة عام وعامين مع الشغل والغرامة لبقية المتهمين الذين حوكموا حضورياً. وكانت التحقيقات القضائية التي باشرها المستشاران سامح أبو زيد وأشرف العشماوي، قاضيا التحقيق المنتدبان من وزير العدل، كشفت النقاب عن الاتهامات الموجهة إلى المتهمين، وهم 19 أميركياً و16 مصرياً والباقي يتوزعون على الجنسيات الألمانية والصربية والنرويجية والفلسطينية والأردنية، وهي تتعلق بتأسيس وإدارة فروع لمنظمات دولية من دون ترخيص من الحكومة المصرية، وتسلم وقبول تمويل أجنبي من الخارج بغرض إدارة فروع هذه المنظمات الدولية بما يخل بسيادة الدولة المصرية. وأظهرت التحقيقات مسؤولية المتهمين عن تأسيس وإدارة 5 منظمات أجنبية، منها 4 منظمات أميركية وواحدة ألمانية، حيث تبين من التحقيقات حصول تلك المنظمات على أموال من الخارج بالمخالفة للقانون على النحو التالي: المعهد الجمهوري 22 مليون دولار أميركي، والمعهد الديموقراطي 18 مليون دولار أميركي، ومنظمة فريدوم هاوس 4 ملايين و400 ألف دولار أميركي، والمركز الدولي الأميركي للصحافيين 3 ملايين دولار، ومؤسسة كونراد الألمانية مليون و600 ألف يورو. وفي أول رد فعل دولي عبر وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله عن غضبه إزاء الأحكام، معرباً عن غضب بلاده وانزعاجها إزاء «الأحكام القاسية» الصادرة عن المحكمة في حق عاملين في مؤسسة كونراد اديناور وقرار إغلاق مكتب المؤسسة في القاهرة. في غضون، ذلك بدأت لجنة تنمية القوى البشرية في مجلس الشورى مناقشة قانون تنظيم الجمعيات الأهلية والذي كانت الرئاسة المصرية وضعته، وعقدت اللجنة أمس اجتماعاً مغلقاً للتداول لنوابها حول مواد القانون، وأفيد أنه سيتم خلال الأيام المقبلة دعوة المنظمات غير الرسمية للاستماع إلى رؤيتها حول مواد القانون في مسعى من مجلس الشورى إلى تلافي الانتقادات الشديدة التي وجهت إلى مشروع القانون. من جهته، نفى رئيس اللجنة الدكتور عبدالعظيم محمود أن تكون مؤسسة الرئاسة أعدت مشروع قانون العمل الأهلي استجابة للضغوط الدولية التي بدأت فور شروع اللجنة في صياغة مشروع القانون. وقال عبدالعظيم قبيل مناقشة اللجنة مشروع القانون أمس في اجتماع مغلق، إن رئيس الجمهورية استخدم حقه الدستوري في إحالة مشاريع القوانين إلى مجلس الشورى وهذا دليل على اهتمامه بهذا الموضوع، واعترف بأن الضغوط الدولية سواء من المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان أو من المنظمات في الداخل كانت تمارس على اللجنة ولم تكن على مؤسسة الرئاسة. وأكد أن القانون الذي سيصدر عن مجلس الشورى سيكون مصرياً خالصاً، ويأتي طبقاً لمصلحة البلاد العليا لإيمان المجلس بأهمية العمل الأهلي وتحريره. وكشف عبد العظيم أنه تلقى رسائل من ممثل المفوضية الأوروبية في مصر والأمم المتحدة ومؤسسات أخرى تتضمن تحفظاتهم على مسودة مشروع القانون الصادر عن رئاسة الجمهورية، وأشار إلى أن مشروع القانون المرسل من رئاسة الجمهورية يكاد يكون متطابقاً مع المشروع الذي أعدته اللجنة، وسبق أن تمت الموافقة عليه من حيث المبدأ. على صعيد آخر كشف وزير الدولة للشؤون القانونية حاتم بجاتو إرجاء مجلس الشورى مناقشة قانون السلطة القضائية، فيما بدا محاولة من الحكم لتخفيف غضب القضاة. وأكد بجاتو، في مؤتمر صحافي أمس، أنه لا عجلة لإصدار مشروع قانون السلطة القضائية، موضحاً أن الرئيس محمد مرسي والحكومة أكدا أن هذا القانون ليس من الأولويات الآن وأن الحكومة تسعى إلى إزالة الاحتقانات، مطالباً الجميع باحترام القضاء وعدم التغول على السلطة القضائية، وفي الوقت نفسه الحرص على حقوق مؤسسات الدولة الأخرى.