حاولت الحكومة التركية تهدئة حركة الاحتجاج السياسي "غير المسبوقة"، التي تواجهها منذ خمسة ايام، داعية المتظاهرين الذين باتوا يحظون بدعم نقابة رئيسة في البلاد الى العودة الى منازلهم. وبعد ليلة جديدة من التعبئة واعمال العنف، التي شهدت مقتل متظاهر ثان في جنوب البلاد، اقر نائب رئيس الحكومة بولند ارينغ ب"شرعية" مطالب انصار البيئة، الذين يقفون وراء حركة الغضب، ودعا المحتجين الى "وضع حد لتحركهم". وقال المتحدث باسم الحكومة "اطلب من كل النقابات وكل الاحزاب السياسية وكل الذين يحبون ويفكرون بتركيا ان يقوموا بذلك اليوم"، في حين بدأ اتحاد نقابات القطاع العام، احدى اكبر النقابات المركزية في البلاد، اضراباً من يومين ضد الترهيب الذي مارسته الدولة. وفي غياب رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان، الذي يقوم بجولة في المغرب حتى الخميس المقبل، والذي كان هدفاً رئيسياً لغضب المتظاهرين، خرج ارينغ بعد لقائه الرئيس عبد الله غول بتصريحات تدعو الى التهدئة. وتمثل ذلك اولاً في تقديم اعتذاره للعدد الكبير من الجرحى استثنى منها "الذين الحقوا اضراراً في الشوارع وحاولوا اعاقة حرية الناس". وعلى غرار ما فعل السبت، اعرب نائب رئيس الوزراء عن اسفه للاستخدام المفرط للغاز المسيل للدموع من قبل الشرطة "الذي دفع بالامور الى الخروج عن السيطرة". وعلى صعيد سياسي اكثر، اكد نائب رئيس الوزراء ان حكومته "نحترم انماط الحياة المختلفة لكل الاتراك". ومنذ بداية حركة الاحتجاج الجمعة، يتهم المتظاهرون اردوغان ب"التحول الى التسلط" وبأنه يريد "اسلمة تركيا العلمانية". وقال ارينغ "لا يحق لنا ان نتجاهل الشعب ولا نتبجح بذلك، الديموقراطيات لا توجد من دون معارضة"، وقال انه "اخذ الدرس" من هذه الاحداث. وتمايز خطابه التصالحي مع التصلب الذي ابداه اردوغان، الذي طلب من منتقديه انتظار الانتخابات المحلية في العام 2014، وهو الواثق من وزنه السياسي في البلاد. حتى ان اردوغان تحدث بلهجة مستفزة، عندما قال من الرباط ان الوضع "يتجه الى الهدوء". وقال "لدى عودتي من هذه الزيارة سيتم حل المشكلات". وتأتي اليد الممدودة من الحكومة في حين اشتد اختبار القوة الجاري منذ خمسة ايام بين الشارع والسلطة، مع دخول اتحاد النقابات في القطاع العام، احدى النقابات المركزية اليسارية، التي تقول ان لديها 240 الف منتسب، في اضراب ومع مقتل متظاهر ثان. وبعد مقتل شاب دهساً بسيارة اثناء تظاهرة في اسطنبول، قتل محتج آخر يبلغ من العمر 22 عاماً مساء الاثنين في تجمع في هاتاي (جنوب شرق) ب"رصاصات عدّة اطلقها شخص مجهول"، كما اعلن محافظ المدينة جلال الدين ليكيسيز. الا ان التقرير الاول الذي نشر عن تشريح الجثة، القى شكوكاً ازاء ظروف مقتله، مؤكداً انه "لم يجد آثار رصاص". وساد هدوء ظهر اليوم، بعد مواجهات عنيفة ليلاً بين الشرطة والمتظاهرين في اسطنبولوانقرة ما اوقع العديد من الجرحى. واحتل آلاف المتظاهرين مجدداً لفترة طويلة من ليل الاثنين -الثلاثاء ساحة تقسيم وسط اسطنبول، ورفعوا رايات حمراء مطالبين برحيل رئيس الحكومة وهم يهتفون "طيب استقل". وفي مؤشر الى قلق الاسواق المالية ازاء استمرار الازمة، تراجعت بورصة اسطنبول 10,47% الاثنين وكذلك الليرة التركية. واوقعت اعمال العنف في الايام الاربعة الماضية اكثر من 1500 جريح في اسطنبول و700 في انقرة بحسب منظمات الدفاع عن حقوق الانسان ونقابات الاطباء. ولم تؤكد السلطات هذه الارقام. وقدر المتحدث باسم الحكومة عدد الجرحى ب46 متظاهراً و244 شرطياً فقط. واثار القمع العنيف للتظاهرات، الذي تناقلته شبكات التواصل الاجتماعية التركية بشكل واف، انتقادات كثيرة في الدول الغربية ولا سيما في الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا. وطلبت متحدثة باسم المفوضة العليا لحقوق الانسان في الاممالمتحدة نافي بيلاي من تركيا اجراء تحقيق "سريع وشامل ومستقل وغير منحاز" حول "الشرطيين الذين انتهكوا القانون والمعايير الدولية لحقوق الانسان".