حذّر وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح آل الشيخ الدعاة إلى الله من أخذ الأجر على دعوتهم، ونبههم إلى الحرص على ما يبعث الفأل في الناس، ويقلل من اليأس والترهيب. وأضاف خلال محاضرة في جامع الإمام تركي بن عبدالله في الرياض أخيراً بعنوان: «تأصيل المنهج الدعوي في ضوء الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح»، بحضور المفتي العام للمملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، أن الدعوة إلى الله من أفضل العبادات، لأنها تشتمل على أنواع الأفضلية، بينها الجهاد في سبيل الله، والمجاهدة بالدعوة إلى الله بالقرآن والسنة، مشيراً إلى أنها عبادة يتعدى نفعها إلى الناس في بلد الداعية. وقال: «ليحذر أن يقول الداعية بثمن، وأن يتكلم بثمن، وأن يشارك بثمن، وإذا غلب على نفسه شيء من ذلك، أو من الحاجة فليراجع نفسه أن يكون مصيباً في قوله»، مشيراً إلى أن العلماء أجازوا أن يأخذ الداعية رزقاً أو مكافأة لا أجراً من بيت المال يقرها ولي الأمر مكافأة غير مشروطة على قيامه بهذا الواجب. وذكر أن الدعاة نوعان، منهم من يدعو وفق السنة، مع الأخذ بما جد في العصر من اجتهادات لا تخرج عن إطار التزام السنة والجماعة وطرق السلف الصالح، ومنهم من يدعو وفق الأهواء والاجتهادات من دون الرجوع من العلم إلى ركن وثيق، فتعددت الأهواء والمشارب، وبدل أن تكون الدعوة منهجاً واحداً صارت مناهج شتى وطرائق مختلفة، وكلٌ يدّعي صوابه فيما يأتي وفيما يذر، مشدداً على أن العناية بالتأصيل فيه عصمة للعقل والقلب من الوقوع في الغلط. ولفت إلى أن الدعوة إلى الله اسم عام يشمل كل وسيلة من وسائل إبلاغ الدين الحق إلى الناس، سواءً كان ذلك بالتعليم أم بالتأليف أم بالتدريس أم بالذهاب إلى القرى والبوادي أم بإلقاء المحاضرات أم بالمشاركة في وسائل الإعلام، معتبراً أن بعض طرق الدعوة ومناهجها «قد تكون بعيدة تماماً عن الكتاب والسنة، وطرق سلف الأمة كوسائل دعوة غلاة الصوفية والمريبين، والأحزاب السياسية البحتة التي استخدمت الدين وسيلة لدعوة الناس إلى مفاهيم سياسية ليس فيها تعبد لله، وليس فيها إيضاح للدين الحق وأشباه ذلك». وتحدث الوزير آل الشيخ عن صفات منهج الدعوة إلى الله وفق الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح، مشيراً إلى أن أول هذه السمات الإخلاص لله في الدعوة، والثانية أن تكون الأولويات واضحةً عند الداعية في المنهج الدعوي في الكتاب والسنة، والثالثة الحرص على الإتباع وعدم الابتداع، والاعتناء في التربية بالعلم. وشدد على ضرورة تحلي الداعية بلغة عربية سليمة «لا يمكن أن يكون الداعية بصيراً في دعوته ما لم يعلم اللغة العربية، ولذلك يجب أن يعتني الدعاة اليوم في المراكز الإسلامية والمؤسسات والجمعيات في مشارق الأرض ومغاربها بالعلم والعمل باللغة العربية، فإنه لا قوة للإسلام إلا بقوة أهل العلم وأهل الدعوة، ولا قوة لأهل العلم ولا لأهل الدعوة إلا بقوتهم في اللغة العربية». وأكد أن السلف الصالح كانوا في دعوتهم دعاة إلى الجماعة وإلى نبذ الفرقة، ولم يكونوا مع أهل الجفاء في جفائهم ومع أهل الغلو في الدعوة ولا في العمل ولا في العلم، وإنما هم وسط بين ذلك، وهذا ما جعل دعوتهم قابلة للانتشار والبقاء، مضيفاً أن التجربة أثبتت أن كل دعوة خرجت عن منهج السلف الصالح بغلو أو بزيادات أو بشيء من المبالغة لا يكتب لها الاستمرار. وحث آل الشيخ الداعية والخطيب في خطبته إلى الحرص على ما يبعث الفأل في الناس، ويقلل من اليأس ومن الترهيب الذي يخيف، مستشهداً على ذلك بأن القرآن وصف الجنة أكثر من وصف النار، والترغيب أكثر من الترهيب.