شكّل الإصلاح في القطاع الزراعي الأوروبي محور اجتماع وزراء الزراعة الأوروبيين الذي بدأ أمس في دبلن، بهدف تمهيد الطريق لتطبيقه قبل شهر من المهلة النهائية، وتسهيل التوصل إلى اتفاق مع المؤسسات الأوروبية الأخرى حول إجراءات رئيسة لا تزال عالقة، مثل المساعدات المالية للمزارعين. ويشارك البرلمان الأوروبي والمفوضية في هذه المحادثات غير الرسمية المتوقع استمرارها اليوم في العاصمة الإرلندية، قبل اجتماع مجلس الوزراء نهاية حزيران (يونيو) المقبل، الذي سيكون حازماً في شأن إصلاح السياسة الزراعية المشتركة. ورأى وزير الزراعة الإرلندي سايمون كوفني، الذي تترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي حتى نهاية الشهر المقبل، أن الإصلاح «تحد كبير، لكن توجد إرادة قوية أقلّه من جانب الرئاسة الإرلندية لإنجاز هذه العملية في الوقت المحدد». وأكد ضرورة «إيجاد وسيلة للأخذ في الاعتبار هواجسنا المتبادلة». وأعلنت إرلندا مراراً، نيتها التوصل إلى اتفاق في هذا الشأن قبل نهاية ولاية رئاستها للاتحاد. واعتبر رئيس اللجنة الزراعية في البرلمان الأوروبي باولو دو كاسترو، أن «الأمر ليس بهذه السهولة، لكن نريد التوصل إلى اتفاق وسنبذل ما في وسعنا». ويدرج في جدول أعمال المحادثات أحد الإجراءات الرئيسة لإصلاح السياسة الزراعية المشتركة، وهو إعادة توزيع أكثر عدالة للمساعدات الزراعية بين المزارعين في بلد واحد. ويُخصص حالياً نحو 80 في المئة من المساعدات ل 20 في المئة من المنشآت الزراعية. وتأمل المفوضية في إقرار دفعة موحدة على أساس الهكتار اعتباراً من عام 2019، أو التوصل في هذا التاريخ إلى حد أدنى من التوافق. في حين يبني بعض الدول مثل إرلندا أو إيطاليا، أساس عملية التوزيع على مستويات إنتاج سابقة. وتشجّع طريقة الاحتساب هذه المنشآت الزراعية الكبرى. لكن مجلس الدول ال 27 في الاتحاد الأوروبي والبرلمان يأملان في مزيد من الليونة في إعادة التوازن إلى المساعدات، ويعتبر مرحلة عام 2019 قريبة جداً في الإطار الزمني. تشولوس وذكّر المفوض الأوروبي للزراعة داسيان تشولوس، بأن المفوضية كانت «أعلنت استعدادها لمراجعة اقتراحها الأساس المتعلق بدفعة محددة على المستوى الإقليمي أو الوطني». وقال: «لكن في المقابل نريد تحديد عتبة دنيا بالنسبة إلى الدفعات، ولن نقبل بعد الإصلاح بحصول بعض المزارعين على 50 يورو عن الهكتار الواحد، وأن ينال آخرون ألف يورو داخل المنطقة أو البلد ذاتهما». وتبقى الزراعة البند الرئيس في نفقات الاتحاد الأوروبي مع نحو 38 في المئة من الموازنة الإجمالية، على رغم خفض 12 في المئة من مخصصاتها للسنوات السبع المقبلة (2014 -2020) إلى 373.2 بليون يورو. والموضوع الشائك الآخر المطروح على البحث في دبلن، يتمثل في سقف المساعدات المدفوعة للمنشآت الزراعية الكبيرة. وتريد بروكسيل والبرلمان تحديد قيمة المساعدات التي تتقاضاها كل مزرعة (بعد حسم مجموع الرواتب) ب 300 ألف يورو سنوياً، وتقليص المدفوعات الأكبر في شكل تناقصي إلى 150 ألف يورو. وترغب الدول في الاحتفاظ بإمكان وضع تقديراتها بنفسها في هذا المجال، وتبدي ألمانيا تحديداً، قلقاً حيال إدارة العدد الكبير من المنشآت الزراعية الكبرى على أراضيها خصوصاً في شرق البلاد، وهو من مخلفات الهيئات المحلية في جمهورية ألمانياالشرقية سابقاً. ورأى تشولوس، احتمال «التوصل إلى تسوية حول مفهوم تراجعي» للمساعدات. وستحاول المفاوضات أيضاً تمهيد الطريق أمام تفاهم حول المساعدات المرافقة لبعض المنتجات التي تواجه صعوبات، مثل تربية الماشية لإنتاج الحليب، وهو إجراء تدافع عنه بقوة فرنسا أولى المستفيدين من السياسة الزراعية المشتركة. وسيُطبّق إصلاح السياسة الزراعية المشتركة تدريجاً بدءاً من عام 2014، لكن النظام الجديد للمساعدات لن ينشر قبل عام 2015 ، مع تأخير بسبب الصعوبات التي ظهرت في المفاوضات حول الموازنة الأوروبية المقبلة.