بعدما أعادت مفاجأة استبعاد رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني من الانتخابات الرئاسية الإيرانية ترتيب خريطة المرشحين القادرين على جذب اتجاهات القوي الفاعلة في الساحتين السياسية والأمنية، كشفت مصادر مع بدء الحملة الانتخابية أول من أمس أن التيار الأصولي يفكر جدياً في دعم مرشّح «يستطيع استيعاب الأخطاء التي ارتكبها الرئيس محمود أحمدي نجاد، تمهيداً لمعالجة المشاكل والملفات العالقة». وينقسم هذا التيار بين تأييد ثلاثة مرشحين، هم علي أكبر ولايتي مستشار المرشد للشؤون الدولية، ومحمد باقر قاليباف رئيس بلدية طهران، وسعيد جليلي أمين مجلس الأمن القومي. لكن أحمد سالك عضو اللجنة المركزية لجماعة «علماء الدين المناضلين»، الهيئة السياسية الأهم في التيار الأصولي، صرّح بأن «الجماعة ستختار مرشحها بعد غد الثلثاء ضمن لائحة ثلاثية تضم ولايتي وقاليباف والنائب غلام علي حداد عادل»، من دون أن يذكر جليلي. واستبعدت المصادر أن يكون جليلي مرشح التيار الأصولي «لأنه لا يملك تجربة تنفيذية واضحة، ولا تختلف آراؤه كثيراً عن آراء الرئيس نجاد في الشؤون الداخلية والخارجية»، ولكنه يعتبر أحد أكثر المرشحين تمسّكاً بقيم الثورة التي تستهوي المتشددين باعتبارها تكفل مواجهة الأخطار المحدقة بإيران، وتضمن دعم جهاز «الحرس الثوري» وقوات التعبئة الشعبية «الباسيج» . مصادر مقربة من الحملة الانتخابية لعلي أكبر ولايتي أبلغت «الحياة» أن «الأخير قد يحصد أصواتاً أقل من قاليباف في طهران، فيما ستصب أصوات باقي المدن والفاعليات الدينية والاقتصادية والتجارية في مصلحته مستفيداً من حسن اختيار أعضاء حملته الانتخابية، عبر تكليف علاء الدين بروجردي رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية مسؤولية الإشراف السياسي على الحملة، ومحمد نهاونديان رئيس الغرفة التجارية والصناعية مسوؤلية متابعة شؤونها الاقتصادية. أما الإصلاحيون، فلا يزال موقفهم غامضاً من دعم مرشّح محدد، على رغم أن مرشّحهم الوحيد على لائحة السباق الانتخابي هو محمد رضا عارف، مساعد الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي. ولاحظ مراقبون عدم اكتراث الإصلاحيين بالانتخابات بعد رفض ترشّح رفسنجاني، وتركيزهم علي حجم المشاركة بعيداً من اسم المرشح، خصوصاً أن عارف وحسن روحاني لا يستطيعان تحقيق «ملحمة سياسية» بسبب افتقادهما الإثارة السياسية والذاتية، علماً أن شائعات سرت باحتمال إنسحاب عارف لمصلحة روحاني. ولم تحدد «جبهة الاستقامة» المؤيدة لرجل الدين المتشدد محمد تقي مصباح موقفها من المرشحين، بعد استبعاد مرشّحها وزير الصحة السابق كامران باقري لنكراني. وتوقع كثر أن تدعم الجبهة جليلي، لكن ذلك لم يحصل بسبب عدم زيارة الأخير مصباح يزدي خلال وجوده في مدينة قم الأسبوع الماضي. وتعتقد المصادر الأصولية بأن التنافس في الانتخابات المقبلة لن يحصل بين الأصوليين والإصلاحيين، بل بين «الأصوليين الواقعيين» و «الأصوليين الإصلاحيين»، وهي تركيبة حاول الأصوليون إيجادها بعد إبعاد الإصلاحيين من الساحة السياسية. لكن مراقبين يعتقدون بأن هذا التصنيف لن يخلو من تجاذبات سياسية في المستقبل.