على رغم أنه ليس العالِم السوري الوحيد الذي فضل الغربة مكاناً مؤاتياً لعمله وتقدّم بحوثه، فإنه من العلماء الذين برعوا في علوم النانوتكنولوجيا Nanotechnology، وسجلوا اختراعات باسمهم، وشاركوا في مؤتمرات علميّة مؤثّرة، وكانوا في بعضها مشاركين عرباً وحيدين. ففي ألمانيا، يقيم الدكتور إحسان البستاني، وهو عالِم ألماني - سوري (ولد في حلب 1948). وتخرّج في كليّة الرياضيات في جامعة حلب (1972). وبعد عام، غادر إلى برلين الغربية (آنذاك) من أجل متابعة دراسته في «قسم علوم الفيزياء النظرية – مجال فروع الجسم الصلب وأقسامه» في جامعة برلين للهندسة. وفي لقاء مع «الحياة»، تحدّث البستاني عن تجربته، متذكّراً أنه بعد حصوله على ديبلوم في الهندسة الفيزيائية (1981)، قدّم رسالة الدكتوراه في جامعة برلين في مجال «الكيمياء النظريّة - علم الجزيئات الذريّة». وبعد إنهائه الدكتوراه، انتقل إلى جامعة «فويرتال» الألمانية، حيث حصل على لقب بروفسور في العام 1998. ومنذ ذلك الوقت، يعمل البستاني في هذه الجامعة بوصفه بروفسوراً في البحوث، وأستاذاً أكاديمياً في الهيئة التدريسية للجامعة. الكيمياء المُبرمَجَة تناول البستاني بحوثه ونشاطاته العلمية، مُشيراً إلى أنها تتركز على مجال البحث العلمي في الفيزياء والكيمياء النظرية التي وصفها بأنها «الكيمياء المُبَرمَجَة». وقال: «سجّلت اكتشافات علمية بإسمي في مجموعة من دوائر البحوث والمراكز العلمية الدولية. وساهمت في إصدار ثمانية كتب باللغة الإنكليزية متخصّصة في كيمياء الجسم الصلب، وشرائح الكريستال ومُكوّناتها، ومقاطع الجزيئات الذريّة ووظائفها، إضافة إلى كتب متخصّصة في كيمياء مادة ال «بورون» Boron، وهي مادة غير معدنية تستعمل كثيراً في صناعة اللدائن الفولاذيّة والسيطرة على التفاعلات الذريّة. وبيّن أن التعمّق في كيمياء ال «بورون» قاد إلى اكتشاف تراكيب في المادة على مستوى المُكوّنات الذريّة، ما أعطى لل «بورون» استخدامات متنوّعة في علوم الفضاء وحماية السطوح، إضافة إلى الطب، خصوصاً في مجال معالجة السرطان ومكافحته». وأضاف البستاني: «دقّقت مراكز بحوث اكتشافاتي بشكل علمي، فأعطتها تقديراً عالياً، خصوصاً من قِبَل مراكز بحوث ذريّة في أميركا وأوروبا واليابان. وبعدها، نشرت قرابة أربعين بحثاً علمياً نُشِرَت في مراجع علميّة كثيرة». وأشار إلى أن أبرز مؤلفاته هو «النمذجة الكيماوية: التطبيق والنظرية»Chemical Modeling :Applications and Theory ، إضافة إلى كتابته بحثاً بالمشاركة مع علماء آخرين، عنوانه «بحث عن البعدين الثنائيين الأكبرين لتجمّعات البورون» Search for the largest two dimensional aggregates of boron. وأوضح أنه اكتشف «أعداداً سحريّة» في الجزيئات الذريّة لل «بورون» وهو أمر نال اهتماماً كبيراً في مراكز البحوث الذرية. وشرح هذه الأعداد «السحريّة» بقوله: «تحتوي نواة الذرّة مستويات من الطاقة تتدفق في مسارات اصطلح على تسميتها ب «القشور الذريّة»، كما يوصف عدد البروتونات والنيوترونات في هذه القشور ب «الأعداد السحريّة». وفي ذرّات المعادن، تشير «الأعداد السحريّة» أيضاً إلى الإلكترونات التي تدور أيضاً في «القشرة» الإلكترونية للذرّة، وهي تحيط بنواتها كما يحيط الغلاف الجويّ بالكرة الأرضيّة». وهناك رابط ساحر في هذه الأعداد على غرار أنها تتوالى على الشكل التالي: 2، 8، 20، 28، 50، 82. ولنلاحظ أيضاً أن الجزيئات التي تحتوي مجموعات من هذا النوع من الأرقام السحرية للإلكترونات، تكون طاقة الروابط بين مُكوّنات أنوية ذرّاتها أعلى مما يشابهها من المواد. ومع ارتفاع طاقة الروابط بين مُكوّنات النوّاة، تصبح الذرّة أكثر استقراراً». في هاجس ال «بورون» تحدّث البستاني عن مشاركته في مؤتمرات تتعلق بمواضيع النانوتكنولوجي و «الأعداد السحريّة». وأوضح أنه شارك في ندوات علميّة متخصصة، وألقى محاضرات عن الاكتشافات العلمية التي أنجزها في جامعتي «أتلانتا» و «نيوجيرسي» الأميركيتين، وجامعة طوكيو اليابانية، وجامعات اخرى ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبولندا والنمسا والهند. وذكر أنه كان المشارك العربي الوحيد في مؤتمر في «أتلانتا» عام 1997. وألقى محاضرات في دول عدة حول الأنابيب ال «بوريّة» (نسبة إلى مادة «بورون») والتطوّرات المتعلّقة بها، واستخداماتها صناعياً، مع تركيز على المناحي المتّصِلَة بالنانوتكنولوجيا وعلوم صناعة الطيران. كما حضر «المؤتمر الدولي الثاني لعلم النانو تكنولوجيا» في الصين (2012)، وتلقى دعوة لإلقاء محاضرة في «المؤتمر الدولي الثالث لعلم النانوتكنولوجيا» الذي ينعقد في أيلول (سبتمبر) 2013، وهو مؤتمر يغطي مواضيع في علوم النانوتكنولوجيا واستخداماتها في الطاقة والبيئة، ويتوقّع أن يشارك فيه قرابة خمسمئة خبير دولي في هذا المجال. ورأى البستاني أن ما يميز الباحث السوري هو ثقته بنفسه وبقدراته وإمكاناته البحثية، إضافة الى استناده إلى تاريخه وتراثه الإنساني. وتحدّث مُطوّلاً عن تعاونه السابق مع مراكز بحوث في سورية، موضحاً أنه كان بهدف دراسة إنشاء مركز علمي للبحوث النظرية في سورية بالتعاون مع «مركز البحوث والدراسات العلمية» في ميونيخ. وأوضح أنه شارك في ورشة عمل أقامها «المعهد العالي للعلوم التطبيقية» في دمشق حول الحسابات العالية الأداء المرتبطة بتقنيات الحوسبة المتطوّرة. وهدفت الندوة إلى اطلاع الباحثين على مستجدات علميّة في هذا المجال كي يأخذوها في الاعتبار في بحوثهم. كما شملت فعاليّتها، العمل على تطوير مركز للحوسبة العالية الأداء في سورية، ووضعه في خدمة القطاعات كافة. وبيّن أن محاضرته في هذه الورشة وتركزت على البنية الأساسيّة للحوسبة العاليّة الأداء، وبنية البرامج والتطبيقات المتّصلِة بها. وبيّن البستاني أيضاً أنه تعاون مع «هيئة الطاقة الذريّة السورية»، واستقبل عدداً من الباحثين السوريين من الهيئة في ألمانيا، كما نشر مجموعة من بحوثهم في مجلات ودوريات علمية.