كوبنهاغن - «نشرة واشنطن» - توظف الحكومات والصناعات حول العالم مبالغ طائلة، لوضع نفسها في مركز القيادة في مشاريع تجارية ناشئة لما يعرف ب «نانوتكنولوجيا»، وهو العلم الذي يبحث في الذرة وجزيئاتها. ولكل دولة رؤيا واستراتيجية وممثلون من المتنافسين الخمسة الكبار – الولاياتالمتحدة، الاتحاد الأوروبي، اليابان، روسيا، والصين – التي اجتمعت في 23 أيلول (سبتمبر) في أول يوم من اجتماع «نانوتك» لشمال أوروبا 2008 الذي دام ثلاثة أيام. ودرس 800 مشارك من 44 بلداً، تأثير «النانوتكنولوجيا» على الصحة والإلكترونيات، والطاقة والمياه، والغذاء، والبناء والسلامة، والاستثمار. وقال مساعد المدير في مكتب البيت الأبيض لسياسة العلوم والتكنولوجيا والمتحدث في المؤتمر ريتشارد راسل: «هناك الكثير من منتجات النانو لكنها ليست ثورية فعلاً. إنها تحسينات أدخلت على عمليات ومنتجات قائمة – مواد أفضل، تغليف أفضل، عمليات كيماوية أكثر كفاءة». وأضاف: «كل تلك الأشياء تضيف إلى الأرباح النهائية بالنسبة الى الشركات وتقدم الفوائد للمجتمع، لكنني أعتقد بأن كثيرين ينتظرون منتجات نانو ثورية. هذه لا تزال بعيدة بعض الشيء لأننا لا نزال ننفق وقتاً وجهوداً لتحديد ميزات مواد النانو. لا تزال هناك حاجة إلى الكثير من البحوث الأساسية». وأوضح أن «علم النانو يصف القدرة على الرؤية والقياس والتعامل وصنع الأشياء على مقياس يتراوح بين واحد و100 نانومتر. والنانومتر هو جزء من بليون جزء من المتر. وعلى سبيل المثال فإن صفحة الورق يبلغ سمكها حوالى 100 ألف نانومتر». وبمقياس النانو، تختلف الخصائص الكيماوية والبيولوجية للمواد بطرق أساسية وذات قيمة، عن المواد الكبيرة الحجم. فبحوث النانوتكنولوجيا والتنمية تساعد العلماء والمهندسين على فهم المواد وابتكارها، والأجهزة والأنظمة التي تستخدم هذه الخصائص الجديدة. وتجرى تطبيقات النانوتكنولوجيا في كل صناعة تقريباً، منها الإلكترونيات والمغناطيسيات وإنتاج الطاقة وخزنها، وتكنولوجيا المعلومات، وتطوير المواد، والنقل والطب والصحة. في عام 2007، أنفقت الدول والصناعات الخاصة حول العالم مجتمعة، 13.8 بليون دولار على النانوتكنولوجيا، وكانت الولاياتالمتحدة من كبار المستثمرين، اذ بلغ الإنفاق الحكومي على البحوث الأساسية فيها 1.5 بليون دولار، أي بزيادة 500 مليون دولار عن سنة 2001، كما أن استثمارات القطاع الخاص في البحوث والتنمية زادت على 3 بلايين دولار. وينفق نحو 5 في المئة من الاستثمارات الأميركية على البحوث لتحديد تداعيات النانوتكنولوجيا على الصحة العامة والسلامة والبيئة. وفي 18 أيلول (سبتمبر) منحت المؤسسة القومية الأميركية للعلوم ووكالة حماية البيئة 38 مليون دولار لإقامة مركزين لتأثيرات النانوتكنولوجيا على البيئة. وساهمت وكالة حماية البيئة ب 5 ملايين دولار، وهي أكبر منحة لبحوث التكنولوجيا تقدمها الوكالة في تاريخها. وستبنى المراكز التي تديرها جامعة كاليفورنيا – لوس أنجليس وجامعة «دوك»، على أساس ما حققه مركز المؤسسة القومية الأميركية للعلوم، للتكنولوجيات البيولوجية والبيئية وعلوم وكالة حماية البيئة للتوصل إلى النتائج التي توفرها النانوتكنولوجيا. وقال رئيس وحدة الاتحاد الأوروبي للتكنولوجيا في أوروبا كريستوس توكامانس إن «ثلثي تمويل النانوتكنولجيا يأتي من الحكومات، ومن الاتحاد الأوروبي ومن الدول الأعضاء، ويأتي الثلث الآخر من القطاع الخاص». وأوضح أن «خطة العمل تركز على نقطتين رئيستين: واحدة هي القدرة التنافسية والتحديات المجتمعية التي علينا حلها مع النانوتكنولوجيا، والأخرى هي التنمية المسؤولة لهذا العلم الناشئ». أما الاتحاد الأوروبي، فتبنى عام 2008 قواعد السلوك لعلم النانو على سبعة مبادئ تغطي عدداً من القضايا مثل الاستدامة والوقاية والمساءلة. وهي تدعو الدول الأعضاء إلى اتخاذ الخطوات لتشجيع التنمية والاستخدام السليم للنانوتكنولوجيا بين الجامعات، ومعاهد البحوث والشركات. وكذلك تساعد الحكومة الصينية في تمويل ساحة الإبداع الدولي للنانوتكنولوجيا وتشيجعها، وهو جهد جسور لتسريع نمو صناعة النانوتكنولوجيا للدولة. والمنظمات الرئيسية في تلك الساحة هي «بايو باي» وهي حاضن للتكنولوجيا، ومعهد سوجو نانوتك ونانوبايونكس. وقالت المديرة العامة ل «بايو باي» ليو يُووِن: «الساحة تضم الآن 14 شركة نانوتكنولوجيا جديدة وفتية، ويتوقع أن ينمو عدد موظفيها المئتين إلى 700 خلال السنوات المقبلة». وأضافت: «التعاون العلمي مهم بالنسبة إلى نمو تلك الساحة، كما أن مباحثات جرت مع ممثلين من روسيا وفنلندا وكوريا الجنوبية وسنغافورة وهونغ كونغ». وفي اليابان، وفقاً للباحث في المعهد القومي الياباني للعلوم الصناعية والتكنولوجيا المتقدمة كازونوبو تاناكا، فإن المواد النانوتكنولوجية هي بين الأولويات الاستراتيجية الأربع للدولة. وسيبلغ التمويل العام وحده بين 2006 و2010 نحو 824 مليون دولار، وتركز البحوث على مواد النانوتكنولوجيا للطاقة والبيئة والموارد، والبحوث المتقدمة والتنمية، وتقويم البحوث حول جزيئات النانو المصنعة، والتصوير بواسطة الليزر الخالي من أشعة إكس، المرفق الذي سيفتتح هذا العام لتطوير مواد نانوتكنولوجية جديدة. اما بالنسبة لروسيا، فقال مدير معهد كورتشاتوف ميخائيل كوفالتشوك، ان «النانوتكنولوجيا أصبحت الأساس للثقافة التكنولوجية الجديدة التي ستغير تماماً السياسة الصناعية والاقتصاد الصناعي. ستكون ثورة جديدة». وأضاف: «خصصت الحكومة أكثر من بليوني دولار للنانوتكنولوجيا والبيوتكنولوجيا للسنوات الست المقبلة، عبر روسنانو، شركة النانوتكنولوجيا الروسية. والهدف هو وضع 6 بلايين دولار جانباً لمساعدة القطاع الخاص في تسويق النانوتكنولوجيا المتطورة». وأوضح أن «البنية التحتية للتعليم والعلوم في روسيا التي ضعفت خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة، ستسهل عملية الإصلاح الشاملة التي تتطلبها النانوتكنولوجيا».