هذا العنوان ليس مقتبساً من دراسة علمية أجراها أحد مراكز أبحاث الجريمة، بل هو، مع الأسف، عنوان أحد النقاشات التي أثارتها تغريدة لامرأة تقف بصف «المتحرش والمغتصب والقاتل»، إذا كانت المرأة غير محتشمة وترى أن ما يحدث لها هو حصاد عدم تسترها، كما أؤمن بحرية التعبير فإني أؤمن بحرية الغباء أيضاً، وعلى رغم أن الكفة رجحت بجانب المستهجنين لهذا الرأي إلا أن هناك عدداً لا بأس به ممن أيد هذه الفكرة. رأيّ المتواضع أن ثقافتنا الشرقية من أنتج أمثال هذه المرأة في بيوتنا ومدارسنا وأماكن عملنا، فكيف لا ومجتمعاتنا العربية من رباها على تحمل الخطأ دوماً في أي علاقة مع الرجل، حتى لو كان هو المخطئ، من باب الرجل «شايل عيبه»، والمرأة «سمعة»، وشرف العائلة متعلق بأفعالها وحدها، مجتمعاتنا التي تنصح المرأة بالتستر وتنسى نصح الرجل بغض البصر. نحن من زرعنا هذه المقارنة في رؤوس النساء ثم نبكي ما تحصده أيدينا حين تقف المرأة بصف جلادها، حين نربي البنت على أنها مخلوق ناقص وفاقد للأهلية بحاجة لإذن رجل في كل شاردة وواردة في حياتها، فمن الطبيعي أن تلوم نفسها لكل شر ينزل بها إذا كان من طرف الرجل حتى وإن كان ببشاعة جريمة كالاغتصاب، فلا نأتي اليوم ونستنكر أن تخرج لنا بعض النساء بهذه الأفكار! ألم تهاجم إحداهن سن قانون يعاقب المتحرش بدعوى أننا لو أقررناه نثبت جريمة التحرش؟ ماذا عن المتحرشين بالأطفال؟ هل كان على الأطفال التستر أيضاً وإلا سنلومهم على ما وقع بهم؟ عرضت إحدى القنوات هذا الأسبوع تجربة غريبة بعض الشيء، طلبت من أحد الممثلين الشباب أن يتنكر بزي امرأة، وأن يخرج للشارع في إحدى الدول العربية وسجلت ما يجري معه بكاميرا فيديو، أجروا التجربة مرتين، في كلتيهما كانت الملابس ساترة، والفرق أن المرة الأولى من دون حجاب وفي الثانية بحجاب، في الحالتين كانت التحرشات تتكرر وبالصفاقة نفسها. أكد الممثل بعد تجربته أنه وهو الرجل ذاق القليل جداً مما تذوقه المرأة كل يوم وبصمت، وأنه من الصعب جداً أن يقول إنه شعر بألمها لأنه في النهاية عاد لحياته الطبيعية بعد هذه التجربة، بينما عليها أن تمر بها كل يوم تخرج فيه للشارع. نظرة المرأة لنفسها بأن أفعالها وحدها هي المسؤول عما يقع لها من شر هي ما جعلت بعض مرضى النفوس يتجرأ على بنات وطنه فيتحرش ويقذف ويهين، بينما يحترم النساء في البلدان التي لديها قوانين صارمة ضد أمثاله! هي نفسها ما جعل المجتمع ينظر تلك النظرة الدونية للمطلقة والعازبة، فهي حتماً السبب في فشل زواجها، أو أي مشروع للزواج منها. أخطر أنواع قمع المرأة هو قمعها لنفسها ولبنات جنسها، أن تعطي المبررات لمن يؤذيها وحتى تشجعه على ذلك بصمتها واستسلامها ولوم الضحية بدلاً من المجرم، وهذا القمع هو أخطر الأنواع وأشدها فتكاً بالمرأة. وقفة مع سيدنا يوسف «عليه السلام»: (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)، «سورة يوسف - آية 23». [email protected] @manal_alsharif