يروي متحف الكويت الوطني باختصار تاريخ دولة الكويت عبر تجسيد مراحله التراثية والاجتماعية والثقافية. فهو صورة مصغّرة لما كان عليه البلد منذ بزوغ فجره. يضمّ المتحف صالات لعرض التحف والآثار الإسلامية النادرة التي تعود إلى القرون الأولى من العهد الإسلامي، وما يتعلق بالتراث والفنون الشعبية الكويتية، فضلاً عن القبة السماوية التي تحوي معلومات وافرة للباحثين عن علم الفلك والمجرات. وهناك مجسم لسفينة شراعية كانت تستخدم في رحلات الغوص وتسمى «بوم الملهب». أما معرض التراث الشعبي الذي افتتح في العام 2003، فهو من أجمل الأقسام في المتحف، لكونه نموذجاً عن الكويت القديمة ببيئاتها البحرية والحضرية والبدوية، وبأحيائها السكنية التقليدية وأسواقها الشعبية. عند مدخل القاعة تستقبلك لوحة كبيرة، تجسّد موقع ساحة سوق الصفاة القديم الذي كان له دور كبير في التبادل التجاري بين سكان البادية وتجار المدينة. ثم يطالعك قسم عن التعليم في الكويت قديماً وما حوته من كتاتيب، إذ كان يخصص في كل حي بيت لاستقبال الصغار وتعليمهم القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة، مقابل مبلغ رمزي. يتعرّف الزائر على تفاصيل الحياة الشعبية القديمة وحارات البلاد أو ما يسمونه باللهجة الكويتية «الفريج»، وهو عبارة عن مجموعة بيوت متراصة تفصل بينها أزقة ضيقة بينها ساحات يلعب فيها الأطفال. ويُطلعنا المعرض على عمارة البيت الكويتي التراثي المميز ببساطة تصميمه. ويستمتع الزائر في سوق الحرف اليدوية التي زاولها الكويتيون قديماً قبل ظهور النفط، فيتعرف عن قرب إلى الحايك والحداد والصائغ والقطان، وخياط العباءات، والخرّاز من خلال مجسمات منفّذة بطريقة عالية الجودة. حياة البحر وصناعة السفن اللتان كانتا عصب الحياة الاقتصادية للبلد قديماً، حاضرتان بقوّة في المعرض، إذ يحتّل البحر وحكاياته وأسراره جزءاً لا يتجزّأ من ثقافة الكويتيين العامة وحياتهم. وفي نهاية القاعة، يطالعك بهو علقت على جدرانه صور بالأبيض والأسود عن ذكريات الزمن الجميل، يوم كانت الشمس تلوّن أجساد الكويتيين بالسمرة الحادة، ومياه البحر تبرّد أجساد الصيادين، وتزيّن لآلئه أعناق النساء ومعاصمهن. يذكر أن المتحف الوطني افتتحه الشيخ عبدالله الجابر الصباح في العام 1957 في قصره في منطقة الشرق، وضم الآثار الشعبية التي تمثل البيئة الكويتية. وعام 1958 أضيفت إليه بعض الاكتشافات الأثرية التي عثرت عليها البعثة الدنماركية في جزيرة فيلكا بالتعاون مع موظفي المتحف. وكانت غالبيتها تعود إلى العصرين البرونزي واليوناني. وفي العام 1976 نقلت محتويات المتحف إلى أحد البيوت القديمة وهو بيت البدر، إلى حين افتتاح المتحف الحالي في العام 1983 في موقعه الحالي في شارع الخليج العربي.