رصد تقرير أعدته مصلحة الإحصاءات والمعلومات بمناسبة الذكرى الثامنة لتولي خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم في المملكة، الكثير من التطورات الملحوظة التي شهدتها المملكة على الأصعدة كافة التي تجسدت في العديد من الإنجازات الكبيرة المستمرة في المجالات الصحية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي قادها حفظه الله برؤية مستنيرة ونظرة ثاقبة وفق خطط مدروسة وبذل جهوداً قيمةً في كل ما من شأنه خدمة الإسلام والمسلمين وقضاياهم ونصرتهم وإشاعة ثقافة الحوار والتسامح وتطوير السياسة الخارجية والرفع من دور المملكة في الاقتصاد العالمي. وأشار التقرير إلى أن المملكة تمكنت خلال العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين من تحقيق توسع ملحوظ للاقتصاد السعودي والتحكم في التضخم المالي وتحسين مركز المملكة في التبادل التجاري مع دول العالم، فيما حقق الاقتصاد السعودي توسعاً مضطرداً منذ 2005م وفاق معدل نموه مستويات كثير باقي دول مجموعة العشرين. وأفاد أن الأداء الاقتصادي لدول العالم يقاس من خلال عدد من المؤشرات من أهمها الناتج المحلي الإجمالي GDP وذلك لأنه يمثل القيمة السوقية لجميع السلع والخدمات النهائية المنتجة في بلد ما في فترة معينة من الزمن ويمثل القيمة المضافة التي تسفر عنها الأنشطة الإنتاجية التي تقوم بها جميع الوحدات المؤسسية في الاقتصاد. ولفت التقرير النظر إلى أن مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات بصفتها المصدر الرسمي الوحيد لإحصاءات الناتج المحلي الإجمالي للمملكة تقوم بجمع وتحليل ونشر البيانات في هذا المجال منذ عقود من الزمن بما يتماشى مع أحدث المعايير والتصنيفات المتفق عليها دولياً ، فيما قامت مؤخراً بتنفيذ التعداد الاقتصادي الشامل الأول من نوعه في المملكة الذي تم استخدام نتائجه لتنقيح وتحديث إحصاءات الناتج المحلي الإجمالي بعد عام 2003م لتعكس بشكل أكثر دقة أداء الاقتصاد السعودي. وأكد التقرير أنه بفضل الله عز وجل ثم بفضل السياسات الاقتصادية الاستباقية التي نفذتها حكومة خادم الحرمين الشريفين أظهرت البيانات الحديثة أن الاقتصاد السعودي يتوسع بشكل مضطرد، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي من 1231 مليار ريال سعودي في عام 2005م إلى 1949 مليار ريال في عام 2008م ثم انخفض إلى 1609 مليار ريال في عام 2009م نتيجة للأزمة المالية والاقتصادية العالمية ليشهد انتعاشاً سريعاً بلغ 2727 مليار ريال في عام 2012م، فيما شهد نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي أداءً مماثلاً وارتفع من 53 ألف ريال في عام 2005م إلى93 ألف ريال في عام 2012م. وقال إنه نتيجةً لهذه التطورات المتميزة حل الاقتصاد السعودي المرتبة19 على المستوى العالمي في عام 2012م بعد أن كان في المرتبة 22 في عام 2005م وفي نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي احتلت المملكة المرتبة 30 في عام 2012م بعد أن كانت في المرتبة 39 في عام 2005م وتميزت بأنها البلد العربي الوحيد وعضو أوبك الوحيد الذي ينتمي إلى مجموعة العشرين G20 التي تمثل أكبر اقتصادات العالم. وحول النمو الاقتصادي أبانت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات في تقريرها أن النمو الاقتصادي شهد أداءً متميزاً خلال الفترة ما بين 2005-2012م وسجل الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الحقيقية نمواً بمعدل 6.5% وكان الأداء أعلى بكثير من أداء الاقتصاد العالمي بنسبة 3.7% ودول مجموعة العشرين 3.5% ومجموعة السبع أي الاقتصادات المتقدمة الكبرى 1.1%. وأشارت إلى أنه في عام 2009م عندما تقلص الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة -0.6% كان الاقتصاد السعودي ضمن عدد قليل من اقتصادات دول مجموعة العشرين التي حققت نمواً إيجابياً بلغ 1.8% وفي السنوات التالية كان من بين الاقتصادات الأكثر نمواً في المجموعة نفسها وفي عام 2012م حقق الاقتصاد السعودي ثاني أكبر معدل نمو في المجموعة بنسبة 6.8% بعد الصين 7.8%. وكشف التقرير عن أن المملكة نجحت في السيطرة على التضخم المالي على الرغم من الضغوط الناتجة عن الطفرة التي يعيشها الاقتصاد المحلي وعن ارتفاع الأسعار الدولية للمواد الغذائية والطاقة. مشيراً إلى أن مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات بصفتها المصدر الرسمي الوحيد لبيانات التضخم المالي تقوم بقياس هذا المؤشر بناءً على الرقم القياسي لتكلفة المعيشة الذي يعد أهم وسيلة إحصائية لقياس التغيرات في أسعار السلع والخدمات المدفوعة من قبل المستهلك بين فترة وأخرى ويستخدم الرقم القياسي على نطاق واسع في التحاليل الاقتصادية والإحصائية الخاصة بتحركات الأسعار والتنبؤات المستقبلية، كما يستخدم أيضاً كمقياس للتغيرات في القوة الشرائية للعملة. وأوضح التقرير أن المصلحة نفذت مؤخراً برنامجاً طموحاً لتطوير الرقم القياسي لتكلفة المعيشة تم خلاله تغيير سنة الأساس من 1999م إلى 2007م، وتوسيع سلة السلع والخدمات لتشمل أكبر عدد ممكن من البنود التي يقوم المستهلك بالإنفاق عليها لأغراض معيشية وزيادة عدد نقاط البيع التي تجمع منها الأسعار. وبين تقرير مصلحة الإحصاءات والمعلمات أنه انطلاقاً من البيانات الحديثة الناتجة عن الرصد المستمر لتكلفة المعيشة في المملكة فقد بلغ معدل التضخم المالي أقل من 2% من عام 2005م إلى 2007م فيما ارتفعت في الفترة ما بين 2007م و2008م ارتفعت نسبة التضخم بشكل كبير في جميع أنحاء العالم نظراً للزيادات غير المسبوقة في أسعار المواد الغذائية والطاقة ونتيجةً لذلك ارتفع معدل التضخم في المملكة بشكل حاد إلى 5.0% في عام 2007م وإلى 6.1%في عام 2008م ومع انخفاض أسعار كل من الطاقة والغذاء في عام 2009م ونتيجةً للسياسات الاقتصادية الحكيمة المتبعة لتخفيف آثار الأزمة على الاقتصاد السعودي تراجع معدل التضخم السنوي إلى أن وصل إلى 2.9% في عام 2012م. وحول مستوى الأسعار أفادت المصلحة في تقريرها أنها شهدت ارتفاعاً في المملكة بين عامي 2004م و2012م، بيد أن الارتفاع كان أقل بكثير من المتوسط بالنسبة للدول النامية وأقل من المتوسط العالمي ومتوسط دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الأمر الذي يشير بوضوح إلى أن الطفرة التي يعيشها الاقتصاد السعودي لم يوازيها ارتفاع مماثل في مستوى الأسعار وهو ما يؤكد نجاح السياسات المتبعة التي حدت من مستويات التضخم المتوقعة عادةً في مثل هذه الحالات. كما شهد الاقتصاد السعودي في الفترة من عام 2005م إلى 2012م تنوعاً مستمراً ونمت مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي فيما زادت قيمة الصادرات غير البترولية وزادت ونسبة الصادرات إلى الواردات في تزايد الأمر الذي انعكس على الميزان التجاري للمملكة في تلك الفترة. وعدا التقرير تحقيق مستويات عالية من التنوع الاقتصادي أحد أهم أهداف السياسات التنموية التي تنفذها حكومة خادم الحرمين الشريفين وذلك لأهمية تنويع مصادر النمو الاقتصادي لتفادي الآثار السلبية التي قد تسفر عنها بعض التغيرات الخارجية المفاجئة كانخفاض ملحوظ في أسعار النفط مثلاً. مشيراً إلى أن من أهم مؤشرات التنوع الاقتصادي التي ترصدها مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات باستمرار إسهام القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي ونسبة الصادرات غير البترولية إلى الواردات. وحول إسهام القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي أوضح تقرير مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات أنه شهد تحسناً خلال عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وارتفعت إسهامات من 47.7% في عام 2005م إلى 58.2% في عام 2012م وهو ما يعد انجازاً متميزاً نظراً للتوسع المضطرد الذي شهده الاقتصاد السعودي خلال العهد الميمون. وتطرق التقرير إلى أداء المملكة في مجال الصادرات غير البترولية والتجارة الخارجية بشكل عام حيث أظهرت البيانات التي توفرها المصلحة على أساس دوري وشمولي تطوراً ملحوظاً في هذا المجال الحيوي وارتفعت قيمة الصادرات السلعية للمملكة من 677 مليار ريال في 2005م إلى 1485 مليار ريال في 2012م بزيادة تجاوزت ضعف ما كانت عليه. كما شهدت قيمة الصادرات غير البترولية تطوراً متميزاً وارتفعت من 71 مليار ريال في عام 2005م إلى 183 مليار ريال في عام 2012م وهو ما يعني أنها تضاعفت أكثر من مرة ونصف خلال الفترة نتيجة للسياسات التجارية الحكيمة لحكومة خادم الحرمين الشريفين. ورصد التقرير عدداً من المؤشرات في نسبة الصادرات غير البترولية إلى الواردات التي شهدت تحسناً وارتفعت من نحو32% في عام 2005م إلى أكثر من 34% في عام 2012م وذلك على الرغم من أن المملكة تعيش نهضة عمرانية ومشاريع ضخمة تستوجب استيراد مواد وتجهيزات أساسية. ولفت التقرير الانتباه إلى أن المجتمع السعودي يعيش ظاهرة تعرف بالنافذة الديموغرافية التي تفتح آفاقاً واسعةً لتسريع النمو الاقتصادي وتحسين مستوى المعيشة للسكان وهي ظاهرة سكانية تحدث عندما ينتقل المجتمع من نمط إنجاب وإعالة الأطفال بشكل مرتفع إلى مرحلة تتميز بالانخفاض في معدلات الإنجاب وفي نسبة فئة الأطفال أقل من 15 سنة بالمقارنة مع إجمالي السكان، مقابل ارتفاع في نسبة فئة السكان في سن العمل 15 - 64 عاماً وبقاء نسبة الفئة العمرية في الأعمار المتأخرة 65 سنة فأكثر منخفضة. وأفاد التقرير أن الدول تقوم بالاستفادة من الوصول إلى التركيبة السكانية فيها إلى مستوى النافذة الديموغرافية والتي تتيح فرصة إحداث معدل نمو اقتصادي مرتفع وتحسين مستوى المعيشة لدى السكان نتيجةً لانخفاض نسبة الإعالة وزيادة فرص الادخار والاستثمار لدى الفئات في سن العمل وهو ما يحدث بفضل التخطيط للاستفادة من هذه الفرصة بتأهيل القوى العاملة وتمكينها وتوجيه طاقاتها في مجال العمل التنموي. وأكد التقرير أن حكومة خادم الحرمين الشريفين لم تغفل استثمار هذه الظاهرة الإيجابية بل ركزت جهودها على تنمية الموارد البشرية حيث ارتفع عدد الجامعات من 8 إلى 32 خلال العهد الزاهر والتوسع في افتتاح العديد من الكليات والمعاهد التقنية وكليات تعليم البنات والابتعاث للخارج ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين ،فيما خصصت الحكومة الرشيدة لقطاع التعليم والتدريب ما يقارب ربع المصروفات 23.9% في ميزانيتها لعام 2013م. وقال إنه إذا ما تم التوقف عند هذه الظاهرة بالنسبة للسكان السعوديين فسنجد أنه خلال السنوات الأخيرة بدأت الزيادة السكانية تشق طريقها لصالح الفئات العمرية في سن العمل، بينما بدأت تنخفض نسبة عدد الأطفال أقل من 15 عاماً انخفضت من 38.7% في عام 2004م إلى 34.8% في عام 2013م، مقابل ارتفاع في نسبة الفئة العمرية 15- 64عاماً من حوالي 57.8% إلى 61.6%، مع ارتفاع نسبي طفيف في الفئة العمرية (65 عاماً فأكثر) من 3.5% إلى3.6%. وكشف تقرير مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات عن أن المؤشرات الديموغرافية للسكان السعوديين شهدت تحسناً خلال العهد الميمون وانخفض معدل الوفيات من 4.3% في عام 2004م إلى 4% في عام 2013م فيما انخفض معدل وفيات الأطفال الرضع دون الخامسة من 21.7% في عام 2004 إلى 17.5% في عام 2013م ، مشيراً إلى أن "توقع الحياة عند الميلاد" ارتفع من 73.1 عاماً في عام 2004م إلى 74.4 سنة في عام 2013م وهو ما يجسد التطور الذي تشهده الخدمات الصحية والخدمات الأخرى ذات العلاقة بصحة أفراد المجتمع.