لم يكن يتخيل أن زيارته الأولى لمدينة حائل (شمال السعودية)، التي استمرت يومين في مهمة عمل كُلف بها من جهة عمله في مدينة الدمام، ستشهد قيامه بموقف بطولي يُسجله له التاريخ الذي لن ينسى معركته مع السيول. (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً) بهذه الآية القرآنية بدأ المقيم إبراهيم عوض (41 عاماً) حديثه إلى «الحياة»، وذكر بعد أن أطلق عليه مُغردون في موقعي التواصل الاجتماعي «تويتر» و«فيسبوك» لقب (بطل الأديرع) بعد نجاحه في إنقاذ وافد من جنسية آسيوية من السيول التي شهدتها مدينة حائل، أنه يعمل في المنطقة الشرقية وقدِم إلى مدينة حائل في اليوم الذي هطلت فيها الأمطار على المنطقة بغزارة. وقال: «كُلفت بالتوجه إلى فرع الشركة في حائل في زيارة عمل مدة يومين، وعندما وصلت توجهت إلى الشركة مع سائق أجرة، وفوجئت بتجمع كبير حول الوادي الذي يبعد حوالى 100 متر عن الشقة، وعندما اقتربت منه شاهدت أحد الوافدين يسقط من حافلة جرفتها السيول، فقمت على الفور بالدخول إلى وسط السيل في محاولة لإنقاذه، خصوصاً أن لدي دراية وخلفية جيدة في مثل هذه الظروف المناخية وأجيد السباحة وسط السيول، لاسيما وأنني من سكان مدينة عرب الواقعة على النيل الأزرق في السودان، ودخلت بملابسي وجوالي في جيبي خشية أن أتأخر عليه ويغرق، ما تسبب في تلف جوالي». وأضاف: «بعد دخولي وسط السيول توجهت صوبه بسرعة ومسكته من يده وسحبته من بعيد وكنت أخشى أن يتشبث بي فنغرق جميعاً وأثناء قيامي بسحبه كنت أشعر بنشاط غير عادي ولم أشعر بالتعب أو الآلام على رغم الأحجار والأخشاب بل كنت أشعر أنه خفيف، وبعد وصولنا إلى برّ الأمان شعرت بتعب شديد لدرجة أنني لم أتمكن من الوقوف على قدمي إلا بعد فترة من الراحة»، لافتاً إلى أن أحد رجال الدفاع المدني بحائل طلب منه الحضور لديهم لتكريمه لكن ظروف عمله أجبرته على العودة يوم (الإثنين) إلى مدينة الدمام، وأن هاتفه النقال لم يهدأ أبداً، وأنه يتلقى منذ ثلاثة أيام أكثر من 600 اتصال، إلى جانب مئات الرسائل التي تشكره وتثني على ما قام به من إنقاذه للمقيم. كما عبر عوض عن بالغ سروره لما وجده من حفاوة وتكريم من المقيم السوداني السماني ومن أهالي حائل الذين غمروه بكرمهم بحسب وصفه، وأصروا على أن يقوم بزيارتهم في منازلهم ليضيفوه، وأنه عاد لأسرته ومقر عمله في مدينة الدمام وهو يحمل ذكرى لن تنساها ذاكرته، موضحاً أنه إن كان ما قام به من عمل يستحق التكريم فإنه يتمنى ويحلم أن يكون ابناً من أبناء السعودية، خصوصاً أنه قضى فيها أكثر من 15 عاماً، وأنه أب لطفلة واحدة (ريانة ثلاثة أعوام). وكان مُغردون تناقلوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي صوراً ومقاطع في «يوتيوب» تظهر المقيم السوداني وهو ينقذ سائق الحافلة من الغرق، وسط مطالبات بتكريمه على موقفه الذي وصفوه بالشهم والنبيل.