اليونانيون من أكثر شعوب أوروبا حباً وشراهة للتدخين، ومن الصعب إيجاد مجموعة من الشباب أو الرجال إلا وتكون غالبيتهم من المدخنين، والأسوأ أن هذا الشره للتدخين ينطبق على النساء ولو بدرجة أقل. حتى فترة قريبة، وقبل منع التدخين في الأماكن العامة، كانت تُلاحظ سحب كثيفة من الدخان داخل أروقة المدارس والمؤسسات العامة والخاصة خلال فترة الاستراحة. لكن هذا الأمر خفّ كثيراً من دون أن يختفي نهائياً، إذ لا يزال كثر يدخنون في الأماكن العامة غير مبالين بالقوانين أو إزعاج الآخرين. لكن فسحة التدخين تحولت إلى مداخل المباني العامة والطرق، حيث يتجمع الموظفون للتدخين بسلطة القانون. ورفعت الحكومات اليونانية غير مرة أسعار علب السجائر، ويُعتقد أن هذه السياسة مفيدة نوعاً ما للتخفيف من عدد المدخنين، ولو كان المدخنون اليونانيون يلجأون عادة إلى السجائر البديلة أو ما يسمى «دخان اللف». ونشر المعهد الوطني للصحة العامة، دراسة مهمة حول تأثيرات التدخين في الاقتصاد اليوناني، وأظهرت نتائجها أن التدخين مسؤول عن دخول 200 ألف شخص إلى المستشفيات الحكومية سنوياً، ما يمثل 8.9 في المئة من حالات الدخول إلى المستشفيات العامة. كما يشكل التدخين خطراً أساسياً على الصحة العامة للسكان، لأنه يمثّل سبباً رئيساً لموت 17 في المئة من اليونانيين الذين تفوق أعمارهم الثلاثين عاماً. تكاليف باهظة وعادة ما تحتاج الأمراض المرتبطة بالتدخين إلى عناية خاصة وتكاليف باهظة تتحملها الدولة اليونانية، والمقدّرة بنحو 3.3 بليون يورو سنوياً، أي 1.5 في المئة من الناتج المحلي اليوناني، استناداً إلى الدراسة. وبالطبع تزداد أهمية الرقم مع استمرار الأزمة الاقتصادية في اليونان، واضطرار الدولة إلى الإنفاق على ملايين العاطلين من العمل والمتقاعدين. ويشدد الخبراء والمتابعون، على ضرورة إيجاد حلول شافية لمشكلة التدخين وأضرارها على المجتمع والاقتصاد اليونانيين، خصوصاً مع ازدياد نسبة الإقبال على التدخين بين الشباب الناشئ والمراهقين. وأكدت الدراسة، أن على رغم توافر العوامل الخارجية التي تساعد على التوقف عن التدخين، يبقى العامل الأساس في المسألة هو إرادة المدخن نفسه الإقلاع عن هذه العادة، وفي حال لم تتوافر الإرادة الصلبة، تقترح الدراسة «التفكير في زيادة الرسوم على السجائر وبالتالي رفع سعرها لتحقيق ذلك الهدف». واعتبرت الدراسة، أن رفع أسعار السجائر يمكن أن يشكل عامل ردع للشباب صغير السن، كما يمكن أن يردع المدخنين السابقين كي لا يفكروا في العودة إليه، فضلاً عن أنه يقلل من استهلاك المدخنين للسجائر، إضافة إلى العائدات في صناديق الدولة. وأشارت إلى أن إضافة نسبة 10 في المئة على السعر، تخفّض الاستهلاك العام بنسبة تتراوح بين 2.5 و5 في المئة، وتؤثر هذه الزيادة أكثر في المدخنين المتدنيي الدخل. لكن هذه الخطوة تواجهها حقيقة مهمة، تتمثل في وجود آلاف الشباب الذين يبيعون علب سجائر مهربة بأسعار متدنية، وبات لهم زبائنهم الثابتون. وبيّنت الأرقام، أن نسبة المدخنين اليونانيين من الرجال والنساء تبلغ 41 في المئة، وهي من أعلى نسب التدخين في أوروبا، كما أن التدخين مسؤول عن نسبة 12.9 في المئة من حالات الأمراض بين اليونانيين.