كشفت مناقشات منتدى جدة التجاري في دورته الثالثة، أمس، عن أن عدد قضايا التستر التجاري في السعودية بلغ 391 قضية، أحيلت منها 64 قضية إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، تمثل 22 في المئة من إجمالي عدد القضايا، في حين أن هناك 184 قضية وبنسبة 63 في المئة قيد اتخاذ الإجراءات، وتم حفظ 143 قضية. وقدّر المشاركون في الجلسة الأولى للمنتدى الذي تختتم أعماله اليوم، حجم التستر التجاري في السعودية ب236.5 بليون ريال، بما يعادل 16.78 في المئة من قيمة الناتج المحلي، لافتين إلى تزايد أعداد العمالة غير النظامية لتصل إلى 1.2 مليون عامل، تبلغ أجورها أربعة بلايين ريال. وأشار عميد كلية الإدارة والاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أيمن بن صالح فاضل إلى أن مؤشرات قضايا التستر التجاري للربع الرابع لعام 1432ه (2011)، وفقاً لتقرير وكالة وزارة التجارة والصناعة لشؤون الاستهلاك توضّح أن إجمالي عدد قضايا التستر بلغ 391 قضية. وأكد أهمية توعية المجتمع بقرار هيئة كبار العلماء الخاص بعدم صحة عقد الشركة الواقعة في التستر التجاري، إذ أفتت الهيئة بأن الشركة بين المواطن والأجنبي عن طريق التستر ليست من أنواع الشركات الجائزة شرعاً. وحض على استحداث «برنامج حاسب آلي» موحّد من وزارة التجارة والصناعة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتراخيص الصادرة من البلديات، يتضمن الهيكل الإداري للشركة وشؤون الموظفين، ونظام المحاسبة، ويكون مرتبطاً بوزارة العمل والتأمينات الاجتماعية ومصلحة الزكاة والدخل، بهدف كشف وحصر التستر، ويكون أفضل من «برنامج نطاقات» الذي حقق نجاحاً في «السعودة».من جهته، استعرض رئيس كرسي الأمير مشعل بن ماجد للتستر التجاري الدكتور عبدالعزيز دياب الآثار الاقتصادية المترتبة على التستر التجاري، وقال: «يقدّر حجم التستر التجاري في المملكة ب236.5 بليون ريال، بما يمثل 16.78 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية لعام 2009، مشيراً إلى تزايد انتشار أعداد العمالة غير النظامية في المملكة، بمتوسط 1.2 مليون عامل سنوياً، يشكلون نحو 27 في المئة من إجمالي العمالة الرسمية. وقال: «عدد القوى العاملة الأجنبية في المملكة يقدر بتسعة ملايين، بما يمثل 50 في المئة من عدد السكان، وتتسبب الاستعانة بالعمالة الوافدة في استبعاد نسبة كبيرة من السكان من قوة العمل، خصوصاً فئة النساء، على رغم أن عدد سكان المملكة في تزايد مستمر». وزاد: «30 في المئة من العمالة الأجنبية النظامية تعمل لحسابها الخاص تحت ظاهرة التستر»، مشيراً إلى أن «الإحصاءات غير الرسمية أوضحت سيطرة العمالة الأجنبية على تجارة الجملة والتجزئة في قطاع الملابس والأقمشة، وبنسبة 97.5 في المئة من إجمالي عدد العمالة في السوق». وشدّد دياب على أهمية درس التستر التجاري كونه أحد مكونات الاقتصاد الخفي، خصوصاً أنه يتنامى بالتزامن مع التوسع في النشاط الاقتصادي والتجاري والخدمي، واتساع النطاق العمراني للمدن والقرى في مختلف المناطق، كما أن التستر يؤدي إلى تشويه البيانات والمعلومات، وارتفاع المستوى العام للأسعار، وزيادة معدلات البطالة بين المواطنين، وتكدس الأسواق بالسلع والمنتجات المقلدة والرخيصة والرديئة، وارتفاع إيجارات الوحدات السكنية. واقترح رئيس كرسي الأمير مشعل بن ماجد للتستر التجاري الدكتور عبدالعزيز دياب عدداً من الطرق لمعالجة التستر، منها «زيادة معدلات النمو الاقتصادي للمجتمع، وتأسيس الجمعيات التعاونية الاستهلاكية، وتسهيل الإجراءات الإدارية في قطاعي التجارة والصناعة، وتنظيم السكن العشوائي والحد من انتشاره، والتوسع الأفقي، والتكامل العمودي بين الأنشطة، وتحسين رواتب ودخول العاملين في القطاع الحكومي». وعرض المستشار القانوني عضو مجلس إدارة «غرفة تجارة جدة» الدكتور عبدلله بن محفوظ خريطة التستر، وقائمة العقوبات المتعلقة بالتستر، وقدّم حلولاً مقترحة، منها عرض مهلة للأنشطة التي تدار بالتستر لمحاولة تصحيح وضعها، من دون توقيع العقوبة على أطراف التستر، وذلك بتحويل الأنشطة الكبيرة منها إلى نظام الاستثمار الأجنبي بترخيص محدد المدة، أو إلزام أصحابها بإدارتها بأنفسهم. كما تتضن الحلول التي عرضها ابن محفوظ «تقبيل الأنشطة لمواطنين يرغبون باستثمارها بأيدٍ وطنية، أو إنهاء الوضع غير النظامي وتصفية الحقوق، كما يحدث عندما ينظر القضاء الشرعي قضية تستر عقاري، فبعد إثبات الحق يوكل جهة حكومية ببيع العقار في مقابل الحصول على 10 في المئة نظير إجراءات البيع، وبقية المبلغ تعود إلى صاحب الحق، ويتم إنهاء حالة التستر العقاري».