حض خبراء اقتصاد وأكاديميون يمنيون على ضرورة إيلاء الملف الاقتصادي الاهتمام اللازم في الحوار الوطني الشامل المنعقد في صنعاء، للخروج بتصورات واضحة لتوجهات الاقتصاد في الدستور الجديد. وطالبوا في ندوة نظمها المرصد اليمني للدراسات والاستشارات بالتعاون مع «مؤسسة التعاون الفني الألماني» بعنوان «ملف الاقتصاد في الحوار الوطني»، باغتنام الفرصة للعمل مع فريق التنمية الشاملة والمستدامة من خلال آلية للتعاون بين مراكز الدراسات والفريق، وتقديم كل الخبرات والدعم الفني خلال المرحلة المقبلة. وشدّد رئيس المرصد الاقتصادي للدراسات والاستشارات وزير الصناعة والتجارة السابق يحيى بن يحيى المتوكّل، على إمكان الاستفادة من نماذج وتجارب ناجحة، ومنها اقتصاد السوق الاجتماعي بما يتضمنه من أسس وعناصر تلبي دعوات التغيير المنشود، خصوصاً في الجانب الاقتصادي والاجتماعي. وأضاف أن التحول في اليمن نحو اقتصاد السوق الاجتماعي بمبررات عقلانية ومنطقية وتوجيهه نحو الصالح العام، يؤكد دور الدولة في كثير من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية وتحولها من العمل المباشر في النشاط الإنتاجي إلى الدور الإشرافي والتنظيمي واستمرار وجودها الفاعل في المجالات الإستراتيجية أو التي يُحجم القطاع الخاص عن ممارستها. ولفت المتوكّل إلى تحديات بنيوية تواجه الدولة يمكن مواجهتها عبر تحقيق التوازن في هيكل الناتج المحلي وتصحيح اختلالات سوق العمل وإصلاح الموازين العامة والسياسة النقدية وأدواتها وتوفير بيئة استثمارية جاذبة. وأكد أن تدخل الدولة لا يقتصر على تصحيح فشل السوق بل أيضاً على إعادة توزيع الدخل والثروة ودعم المجالات الاجتماعية بما يضمن تحقيق العدالة الاجتماعية. واعتبر أن تحديد دور الدولة في إطار اقتصاد السوق الاجتماعي يتطلب أيضاً توضيح موقع القطاع الخاص والمجتمع المدني، ومراجعة تلك الأدوار دورياً في ضوء التطورات المحلية والخارجية والتكيف مع المتغيرات العميقة في المجتمع وسوق العمل. وأضاف: «يجب تحديد ما ستقدمه الدولة من سلع وخدمات عامة، ومعرفة ما هو مقبول اجتماعياً، كما يجب اعتماد السياسات والقرارات الاقتصادية والاجتماعية بالشراكة مع القطاع الخاص والعمال ونقاباتهم وغيرهم من الفاعلين في المجتمع المدني، مع ضرورة إحداث تغيير إيجابي ونوعي في الإدارة وإزالة ما اقترن بها من بيروقراطية وفساد». وأكد المدير التنفيذي للمرصد اليمني للدراسات علي دهاق أهمية الاستفادة من مؤتمر الحوار الوطني لإعادة التفكير في الفلسفة الاقتصادية والحاجة الفورية نحو تركيز القرارات الاقتصادية على جدواها وليس على نطاقها السياسي، وتمكين الأفراد من تقرير مستقبلهم. وأشار إلى أن الندوة تأتي في إطار سلسلة الحلقات والبرنامج لتسليط الضوء على الفلسفة الاقتصادية التي تأخذ في الاعتبار الأبعاد الاجتماعية، لافتاً إلى أهمية تشكيل ائتلافات وتحالفات بين المختصين والأكاديميين ومراكز الدراسات والبحوث لدعم قضايا الاقتصاد في مؤتمر الحوار. ودعا الخبير الاقتصادي طه الفسيّل إلى تحديد كل القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي يجب التطرق إليها في الدستور، مطالباً بإنشاء جمعية وطنية تأسيسية للدستور تضم القوى والتيارات السياسية والمجتمعية والاقتصادية. وشدد على ضرورة وجود خبراء وأساتذة اقتصاد وممثلين عن منظمات القطاع الخاص وجمعيات رجال الأعمال اليمنيين، إلى جانب فريق التنمية في مؤتمر الحوار للرجوع إليهم في ما يتعلق بالقوانين الجديدة في مجالات التجارة والصناعة والاستثمار والتشغيل وغيرها. واعتبر أستاذ العلوم السياسية المساعد في جامعة صنعاء عدنان المقطري، أن الرؤى والتصورات الاقتصادية التي تبنتها الأحزاب اليمنية تفاوتت وفقاً لمنطلقاتها الفكرية والحسابات السياسية ووفق ما تمثله القضية الاقتصادية بالنسبة اليها. وأوضح أن الحسابات السياسية طغت من خلال المواقف المتغيرة تجاه برنامج الحكومة والموازنات العامة، على رغم اتفاق الأحزاب السياسية في تشخيص الأزمة الاقتصادية وظهور تفاوت محدود في رؤاها الفكرية، خصوصاً في مراحل تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي.