من رحم الفراغ والحاجة ولدت آمالهن اللاهثة عن ما يملأ الفراغ ويسد الحاجة وإلى ما يقفز بهن لما يطمحن إليه. سيدات صدّقن أحلامهن وعبّدن الطريق أملاً في الوصول إلى الواقع الذي آمنّ به، وقد وجدن ملاذاً لهن عبر الفضاء الإلكتروني، غير مباليات بكل مثبّط يحاول عرقلة عجلة الأمنيات، ومدركات بأن الأماني تولد صغيرة لتتحول بعدها إلى مشاريع كبيرة. بدأن بقولبة أفكار في أذهانهن ومن ثم رسمنها على ورق وأخيراً ابتدأن تطبيقها على رغم الصعوبات الاجتماعية لعمل المرأة، استطعن أن يحوّلن المواقع الاجتماعية «فيسبوك» و«تويتر» و«فليكر» و«أنستغرام» وغيرها من وسائل التقنية الحديثة كالمنتديات و«بلاكبيري» و«واتسآب» إلى أسواق و«دكاكاين» و«بازارت» تعج بالعملاء، وكسبن ثقة عملائهن بشتى الوسائل ليتوافدوا على صفحاتهن بغزارة، فهذه مشترية وأخرى مستفسرة. وتختلف الخطط والتنظيمات من سيدة إلى أخرى، كل بحسب خبرتها وقدراتها ونشاطها وأفكارها. ومن خلال بحث سريع على حسابات المتاجر الإلكترونية في مواقع التواصل الاجتماعية نجد حساب (متجر ملكة الأناقة) تجاوز متابعوه 135 ألف متابع، ولم يأتِ هذا الكم من المتابعين عن فراغ، فقد شغلت السيدة نوال الزويد (40 عاماً) وقتها قبل خمسة أعوام بالبيع والشراء على المستوى الشخصي بين قريناتها وفي المجمعات النسائية أملاً في أن توفّر لقمة عيش لها ولطفليها المصابين ب «التوحد»، لتتفتح أمامها أبواب الأمل بعد أن عُرفت على نطاق واسع من خلال تسجيلها ب«تويتر» في تموز (يوليو) 2012 واستطاعت أن تكوّن من خلاله قاعدة لها يقصدها القريب والبعيد في فترة وجيزة لا تتجاوز ثمانية أشهر، ما جعلها تحوّل مهمتها من مندوبة إلى مورّدة، وتقصد بلداناً عدة بين الفينة والأخرى لتوفير البضاعة للعملاء. وحرصت نوال على استئجار مبنى خاص يتسع لكميات البضاعة التي توردها من الخارج، تحوي غرفة قياسات ومستودعاً ومصلى واستراحة جلوس مجهزة بكل ما تحتاج إليه الموظفات والزائرات. ولأنها عرفت أهمية وسائل التواصل الاجتماعية، أولته الاهتمام الأكبر وخصصت موظفات لتصوير المنتجات الجديدة وبثّها عبر تلك الشبكات المتنوعة، وأخريات يرتكز عملهن بالرد على استفسارات العملاء واستقبال طلباتهم عبر «واتسآب»، إذ يستقبلن من خلاله ما يقارب 25 طلباً في اليوم، إضافة إلى العاملات اللاتي يرتكز عملهن داخل المتجر، فيما كلّفت مجموعة من الشبان تولّي مسؤولية توصيل الطلبات للمشترين، وأكدت أنها تجني أرباحاً جيدة في عملها هذا، وأمّن لها ولأسرتها حياة كريمة لم تكن لتعيشها لو لم تعمل بجهد. فاطمة (24 عاماً)، إحدى النساء اللاتي أنهين مشروع تعليمهن بتفوق لتجد نفسها بين أربعة أسوار لا تعلم بماذا تشغل وقتها، وكانت شغوفة بالأزياء والموضة، وأرادت أن تسهم في إثراء الموضة من خلال إنشاء حساب في «تويتر» مخصص ل«ريتويت» للمشاريع الصغيرة للسعوديات، إلى أن وصل متابعو هذا الحساب (22 ألف متابع)، وما لبثت كثيراً حتى قررت أن تقتحم كغيرها مجال البيع، لتسجل بحساب آخر يخص عملها (آناقة-17 ألف متابع). وأوضحت فاطمة أن عملها يقتصر على استعراض منتجات من مواقع أجنبية وعرضها على العملاء بمبلغ يشمل سعر البضاعة وقيمة شحنها إضافة إلى عمولتها، وتؤكد أنها تجني أرباحاً تصل في معظم الأحيان إلى 10 آلاف ريال شهرياً، بحسب العرض والطلب، وأنها بفضل عملها هذا أصبحت معتمدة على نفسها، وبينت أنها تدرس توسيع عملها أكثر من خلال «بلاكبيري» وتوزيع بطاقات في المدارس والأفراح والمجمعات النسائية، وتنصح بنات جنسها بخوض التجربة. أماني المنصور (19 عاماً)، اكتشفت من خلال أنشطة مدرستها الثانوية أنها موهوبة ومبدعة في الصناعة اليدوية، فهي قادرة على أن تصنع تحفة فنية باكسسوارات بسيطة. تقول أماني إنها أنجزت وابتكرت بعدما تلقت دعماً من أهلها ومدرستها وصديقاتها اللاتي كان لهنّ الفضل بعد الله في صقل موهبتها، فكُنّ يشجعنها باستمرار على السير في درب الإبداع ولا تتوقف، لتتميز بذلك وتشارك في «بازارات» متعددة، وكان لها ركن مخصص لعرض منتجاتها المميزة في مدرستها الثانوية ومدارس أخرى و«جامعة نورة»، تلك المشاركات دفعتها لتنتج وتثبت نفسها وتوسّع عملها أكثر لتدخل مواقع التواصل الاجتماعية «تويتر» و«أنستغرام» (listadeseos)، وتروّج لمنتجاتها من خلالها، وحظيت منتجاتها بالانتشار في أوساط مجتمعها ومن بين رواد تلك المواقع الاجتماعية. وتؤكد المنصور أنها لم تركز في فترتها هذه على المردود المادي بقدر تركيزها على إثبات نفسها وترسيخ حرفتها في أذهان المجتمع وعن طموحها، فهي تحلم لأن تحظى برواج أكبر على نطاق أوسع، وتسعى إلى ذلك خطوة خطوة حتى تصل. ومن المتوقع زيادة الإقبال على مواقع التواصل الاجتماعية في ما يتعلق بجانب الاستثمار والإعلان من النساء، لوجود شريحة كبيرة من المستخدمين في هذه المواقع، وهذا ما أكده المدير التنفيذي لشركة بحر التجارة الإلكترونية مازن الضرّاب ل «الحياة» الذي عزا زيادة الإقبال إلى سهولة استخدام قنوات التواصل الاجتماعية واعتمادها على الأجهزة الذكية في شكل كبير، إضافة إلى عدم ارتباطها بمكان أو زمان، فأصحاب المشاريع الإلكترونية وبفضل الإنترنت يمكنهم استهداف عملاء من أي مكان بالعالم وفي أي وقت، وأوضح أن الوعي في ازدياد لتقبل تلك المشاريع ولكن في مراحله الأولى، ويزداد أكثر بعد تركيز أصحاب السلع بتقديم مميزات وخدمات أفضل.