قال وزير المال في حكومة تصريف الأعمال اليمنية محمد زمام إن اليمن سيشهد خلال الفترة المقبلة تنفيذ أبرز برنامج إصلاحات في تاريخه المعاصر بموجب «اتفاق السلم والشراكة الوطنية» الموقّع بين الأطراف السياسية. وأكد زمام خلال جلسة مباحثات بين اليمن ومسؤولي البنك الدولي في واشنطن، «التزام القيادة اليمنية وحرصها على تطبيق مقومات الإصلاحات واتخاذ القرارات الصعبة التي تجفف منابع الفساد»، وفق بيان صدر في صنعاء أمس. وترأس وفد اليمن وزير التخطيط والتعاون الدولي محمد السعدي، فيما مثل البنك الدولي نائب رئيس البنك لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إنغر أندرسون والمدير التنفيذي للبنك ميرزا حسن، وذلك على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين. واستعرض زمام التحديات التي تواجه المالية العامة وأبرزها العجز في تمويل النفقات الرأس مالية، موضحاً أن «اتفاق السلم والشراكة الوطنية تضمن خريطة طريق على المديين القريب والبعيد للإصلاحات المالية والاقتصادية، ويلزم فئات المجتمع كافة بتنفيذها باعتبارها واجب وطني أمام أبناء الشعب». وقدّم شرحاً مفصلاً لموجهات الإصلاحات الاقتصادية والمالية في وثيقة السلم والشراكة، لافتاً إلى «أهمية التركيز على الإصلاحات في قطاعات محدّدة في الفترة المقبلة، خصوصاً قطاع الكهرباء». وقال السعدي: «إذا وجد الاستقرار السياسي وجدت التنمية»، مشيراً إلى الصعوبات التي تواجه اليمن في المجالات الاقتصادية والتنموية. وأعرب عن ثقته في أن علاقة البنك المميّزة مع اليمن ستنعكس نجاحاً للبرامج والمشاريع، خصوصاً الجهود المشتركة في معالجة الفقر وتطوير الخدمات الأساس وتحسين المستوى المعيشي. ولفت إلى أن اليمن «يشهد أحداثاً حسّاسة وثقتنا عالية في أن اليمنيين سيتجاوزونها بحكمة في نهاية المطاف». وأشادت أندرسون بالجهود التي يقوم بها اليمن على صعيد الإصلاحات الاقتصادية، مستعرضة جهود البنك الدولي لتخفيف الأعباء المالية لصندوق الرعاية الاجتماعية على موازنة الدولة، ومرحّبة بالخطوات التي قامت بها الحكومة في «نقل الأموال للفئات الأشد فقراً». وتطرّقت إلى المهام القائمة من أجل تشخيص الوضع الاقتصادي والسعي نحو العمل المشترك من أجل القضاء على مظاهر البطالة والتعرّف على الخطوط العريضة للإصلاحات الجوهرية، منوّهة بالتوجّه القائم لزيادة الموارد في محفظة اليمن لدى المؤسسة الدولية للتنمية، ذراع البنك الدولي الذي يضّطلع بمساعدة أشدّ الدول فقراً. وأكدت أن «البنك يتفهم التحديات السياسية والأمنية التي تواجه اليمن حالياً»، معربة في الوقت ذاته عن ثقة مجلس إدارة البنك في «حكمة اليمنيين في مواجهة تلك التحديات». وقالت: «لن نقبل إلا بالنجاح في اليمن ولا مجال لليأس والاستسلام»، مشدّدة على «ضرورة الاهتمام بالبرامج التي تمس حياة المواطن، خصوصاً في مجالات الضمان الاجتماعي ومواصلة الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية». وأكّد الاجتماع على أهمية مواصلة المانحين دعمهم للمرحلة الانتقالية السياسية في اليمن، مشيداً بجهود الدول الشقيقة والصديقة وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية التي لعبت دوراً ملموساً في تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي. وشدّد على ضرورة «تعزيز الاستقرار الأمني والسياسي بما يسرّع وتيرة التنمية الشاملة، مع التأكيد على ضرورة تجسيد الالتزامات بمواصلة الإصلاحات المالية والإدارية وتحقيق نتائج ملموسة تستجيب إلى تطلّعات المواطن اليمني». وشدد الاجتماع إلى أهمية «مراجعة أولويات الإنفاق الرأس مالي خلال الفترة المقبلة بغية الاستجابة إلى الحاجات في قطاعات الخدمات الأساس مثل الكهرباء والطرق، إضافة إلى الاستفادة من موقع اليمن الاستراتيجي وتطوير الموارد البشرية والطبيعية». ودعا الاجتماع الدول المانحة إلى الإيفاء بتعهداتها لدعم اليمن والتي وصلت إلى نحو ثمانية بلايين دولار خلال مؤتمر المانحين في الرياض واجتماع أصدقاء اليمن في نيويورك. تعاون يمني-أميركي وكان السعدي وزمام التقيا في واشنطن كبير المدراء التنفيذيين لشؤون شمال أفريقيا واليمن في مجلس الأمن القومي لدى البيت الأبيض إريك بولفسكي. وأكد السعدي أهمية «تعزيز دور شركاء التنمية ومجموعة أصدقاء اليمن في دعم جهود اليمن لمجابهة الفقر وإيجاد فرص العمل لمعالجة البطالة في أوساط الشباب»، مشيداً بدور «دول مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمتهم السعودية ودعمها السخي لليمن». وقدّم السعدي شرحاً مفصّلاً للبندين الثالث والرابع من اتفاق السلم والشراكة الوطنية اللذين يهدفان إلى «تخفيف معاناة الشعب اليمني وتشكيل لجنة اقتصادية تضم خبراء اقتصاديين يمثّلون المكوّنات والجهات الحكومية بهدف مراجعة الإنفاق وتخصيص الوفورات وتجفيف منابع الفساد وإصلاح قطاع الكهرباء والطاقة». وأشار إلى أن «اللجنة ستدرس آلية زيادة مخصّصات صندوق الرعاية الاجتماعية وأجور الخدمة المدنية وقطاعي الجيش والأمن، وتسريع معالجة مشكلة الوظائف الوهمية والموظفين المزدوجين، إضافة إلى زيادة موازنة قطاعي التعليم والصحة». ولفت زمام إلى أن «الفترة المقبلة ستكون حاسمة في تنفيذ إصلاحات جذرية ستشمل القطاعات النفطية وإعادة هيكلة آلية الرقابة والإشراف على الأنشطة في هذا المجال الحيوي والسعي إلى القضاء على الفساد بكل أشكاله»، مؤكداً أن «الأحداث الأخيرة في صنعاء لم تؤثّر في شكل مباشر على مهام وزارة المال أو على أنشطة المصارف الحكومية والتجارية».