احتشد مئات الأشخاص منذ فجر أمس في ميناء الأتكا في مدينة السويس، لاستقبال 34 صياداً مصرياً عادوا إلى بلادهم بقاربي الصيد «ممتاز 1» و «أحمد سمارة» بعدما تمكنوا قبل أسبوع من التغلب على قراصنة صوماليين احتجزوهم 4 أشهر، في معركة مسلحة انتهت بأسر ثمانية قراصنة ومقتل سبعة آخرين. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن أحد الصيادين أن السلطات المصرية تسلمت منهم القراصنة الثمانية قبل أن يرسو المركبان في ميناء الأتكا. وخرج مئات من أهالي الصيادين في قرية البرلس التابعة لمحافظة كفر الشيخ وقرية البرج التابعة لمحافظة دمياط، على متن عشرات المراكب لاستقبال قاربي الصيد، فيما أقيم سرادق كبير للاحتفال، علت فيه أصوات الزغاريد والطبول والمزامير وفرق موسيقى السمسمية الشعبية التي تشتهر بها مدن قناة السويس. وبعد ساعات من الانتظار، ظهر أخيراً المركبان اللذان بدا الصدأ واضحاً عليهما. وعلى الفور، تعالت صيحات الفرح والزغاريد وتسارعت وتيرة رقصة الدراويش المصرية وعزفت الموسيقى تحية لهم. وحملت لافتة ضخمة عبارة: «أهلاً بأبناء مصر، الصيادين الأبطال». وبمجرد أن رسا المركبان، ارتمى المختطفون السابقون في أذرع أفراد أسرهم ودموع الفرحة تنهمر من أعينهم. كان الإنهاك بادياً عليهم، لكنهم كانوا سعداء. ومن فرط الانفعال ومع حرارة الطقس الشديدة، فقدت زوجة أحد الصيادين الوعي للحظات قبل أن تفيق بمساعدة فرق الإنقاذ. وقال إسماعيل عبدالسلام، وهو والد أحد البحارة، بصوت متهدج من شدة التأثر: «إنه أسعد يوم في حياتي»، فيما عبر صياد شاب في العشرين من عمره يدعي سيد صبحي عن سعادته بعودته إلى بلده «بعد أشهر من البؤس وسوء المعاملة». لكن إذا كانت الفرحة عامة، فإن الكثير من علامات الاستفهام مازالت تحيط بالطريقة التي تم بها تحرير الصيادين المصريين. ووفقاً لوسائل الإعلام الرسمية، فإن المخابرات العامة أعدت «خطة سرية» بالتنسيق والتعاون مع مسؤولين في إقليم بونتلاند الصومالي. وعلى رغم ذلك، فإن الصيادين أكدوا لوكالة «فرانس برس» أنهم لم يحصلوا على أي مساعدة خارجية، باستثناء تلك التي قدمها لهم حسن خليل مالك السفينة «ممتاز 1». ويرفض خليل نفسه الإجابة على أسئلة الصحافيين عن حقيقة ما حدث. ويقول رداً على سؤال عما اذا كان تم دفع فدية: «هذه مسألة لا تخصكم، إنها مسألة بيني وبين ربي». وينفي أحد بحارة «ممتاز 1»، وهو إبراهيم محمد (30سنة)، أي تدخل خارجي لإطلاق سراحهم. ويقول: «ذات يوم اتفقنا على أن نحرر أنفسنا. واتخذ القرار بعد أن قال لنا مترجم القراصنة: لن يأتي أحد لتحريركم، وضعكم يزداد سوءاً». ويضيف: «نجحنا في الاستيلاء على أسلحتهم، فيما كان بعض القراصنة نائمين، وكل فرد منا دافع عن حياته، ولم نكن خائفين من الموت» غير أنه «لم يكن هناك أي شيء من جانب (الحكومة في) مصر». واجمع الصيادون على أن القراصنة عاملوهم «معاملة سيئة». ويروي محمد طلبة الهدابي أن «القراصنة كانوا يريدوننا أن نموت جوعاً، كانوا يعطوننا أرزاً متعفناً لنأكله، ولم نتمكن من الاستحمام طيلة هذه الأشهر». ويضيف نعيم إبراهيم محمد: «كانوا يهددوننا طوال الوقت بأنهم سيذبحوننا». وشارك في الاستقبال محافظا السويس اللواء محمد سيف الدين جلال ودمياط الدكتور محمد فتحي البرادعي. وأشاد محافظ السويس ب «الشجاعة والبسالة التي أظهرها هؤلاء الصيادون، ليعطوا درساً جديداً وحلقة في سلسلة بطولات الشعب المصري المتلاحقة»، محذراً مراكب الصيد من الاقتراب من السواحل الصومالية في ظل تزايد أعمال القرصنة قبالتها. وأعرب عن سعادته «لاستقبال الصيادين الأبطال العائدين في شهر رمضان المبارك»، مؤكداً أن «مصر لا تنسى أبناءها إطلاقاً، ولا تقبل المزايدة على هذا الموضوع»، فيما تعهد محافظ دمياط «توفير الرعاية الكاملة لأسر الصيادين حتى نهاية العام، حتى تستقر أوضاعهم».