تسببت إصابة مئات الطلاب في جامعة الأزهر مساء أول من أمس بالتسمم في اندلاع احتجاجات واسعة وصلت إلى اقتحام أسوار مشيخة الأزهر في حي مدينة نصر شرق القاهرة، فيما أثار هجوم مكثف من قيادات في جماعة «الإخوان المسلمين» على شيخ الأزهر أحمد الطيب مخاوف من استغلال الحادث في إطاحته ورئيس الجامعة واستبدالهما بأعضاء في الجماعة، لا سيما أن الحادث تزامن مع خلاف بين الأزهر والحكم على خلفية قانون «الصكوك الإسلامية» الذي رفضه مجمع البحوث الإسلامية. وزار الرئيس محمد مرسي المصابين في مستشفى التأمين الصحي، وشكل النائب العام فريقاً من المحققين لمعرفة أسباب الحادث. وكانت وزارة الصحة المصرية أعلنت إصابة 583 طالباً في جامعة الأزهر بالتسمم الغذائي إثر تناول وجبة دجاج فاسدة. وأوضحت الوزارة أنه تم نقل الطلاب إلى عدد من المستشفيات القريبة، وأكدت الفحوص إصابتهم بتسمم غذائي. وأعلن وزير الصحة محمد مصطفى حامد أن «جميع الحالات تم علاجها وغادرت المستشفى ولم تبق سوى 51 حالة»، مشيراً إلى أن «المؤشرات تقود إلى احتمال أن هذا التفشي الوبائي نتيجة ميكروب». وخرج مئات الطلاب مساء أول من أمس في مسيرات احتجاجاً على إصابة زملائهم وقطعوا طريق النصر، قبل أن تخرج مسيرات أخرى في الصباح من مقر جامعة الأزهر وصلت إلى مشيخة الأزهر وأفيد بأن الطلاب اقتحموا أسوار المشيخة. وحمّل المتظاهرون رئيس الجامعة أسامة العبد مسؤولية الحادث، وطالبوا ب «وضع حد لإهمال إدارة الجامعة»، فيما طالب بعضهم بإقالة شيخ الأزهر نفسه، وهو ما نادت به أصوات داخل جماعة «الإخوان»، ما أثار مخاوف من استغلال الحادث. وأعلن النائب العام طلعت عبدالله تكليف محامي نيابات استئناف القاهرة بتشكيل فريق خاص من نيابة شرق القاهرة للتحقيق في حادث التسمم الغذائي لطلاب المدينة الجامعية في جامعة الأزهر، وهو الفريق الذي ذهب إلى المستشفى للاستماع إلى روايات المصابين، فيما قرر رئيس جامعة الأزهر إحالة مدير المدينة الجامعية ومسؤول التغذية على النيابة العامة ووقفهما عن العمل حتى إعلان نتيجة التحقيقات. واجتمع شيخ الأزهر أمس مع العبد ونواب الجامعة للبحث في اتخاذ قرارات في شأن الحادث. وقالت مشيخة الأزهر في بيان إن الطيب أصدر توجيهاته بسرعة التحقيق العاجل في الحادث، مشدداً على ضرورة سرعة ظهور نتائج التحقيق ومحاسبة المقصرين، وأنه اتصل بالمستشفيات للاطمئنان على صحة الطلاب. وأثارت انتقادات وجّهها نائب رئيس حزب «الحرية والعدالة» الحاكم عصام العريان مخاوف من استغلال الحادث في إطاحة مسؤولين كبار في الأزهر وتعيين قيادات في جماعة «الإخوان» أو قريبين منها، في ظل احتجاجات واسعة يقوم بها دعاة ضد «أخونة المؤسسات الدينية». واتهم العريان مسؤولي جامعة الأزهر بأنهم «لا يتحملون مسؤولية أخطائهم»، مشيراً إلى أن «استمرار هذه القيادات والإصرار على ترشيح النوعيات نفسها سيؤديان إلى تكرار كوارث في المدينة الجامعية». وقال إن «الفساد في جامعة الأزهر قديم... ومشاكل طلاب وطالبات المدن الجامعية الأزهرية تتكرر منذ سنوات، والحال هو الحال». وطالب شيخ الأزهر باتخاذ «قرارات حاسمة ضد هذا الفساد الذي يحتاج إلى تغيير حقيقي»، متسائلاً: «هل نسي التاريخ أن المسؤولين أنفسهم سمحوا بما هو أفظع من توريد أغذية فاسدة؟... إذا نسي البعض فلم ولن ينسى الطلاب ما حدث لزملائهم في أعوام سابقة»، في إشارة إلى فصل عدد من طلاب «الإخوان» في العام 2007 على خلفية عرض شبه عسكري قدموه في ساحة الجامعة. في المقابل، لفت الناطق باسم حزب «النور» السلفي نادر بكار إلى «محاولات للزج باسم شيخ الأزهر في مسؤولية حادث تسمم الطلاب لتصفية الحسابات». وقال: «طالبنا النائب العام بفتح تحقيق عاجل مع المسؤولين المباشرين عن حالات التسمم، لكننا نرى أن الزج باسم شيخ الأزهر في المسؤولية تصفية حسابات نرفضها». وأعرب رئيس حزب «العدل» النائب السابق مصطفى النجار عن رفضه «في شدة المساس بشيخ الأزهر أو الإساءة إليه أو المطالبة بإقالته»، وإن أعلن تأييده لمطالب طلاب جامعة الأزهر في محاسبة المسؤولين عن مأساة التسمم. وأضاف: «أنصح طلاب جامعة الأزهر بعدم قطع أي طريق لعدم استعداء الناس ضدهم، وأحذرهم من محاولات البعض تسييس القضية للإساءة إلى الأزهر شيخاً ومؤسسة». ودان طلاب «التيار الشعبي» المعارض حادث تسمم طلاب المدينة الجامعية، معتبرين أنه «انتهاك كامل لحقوق الطلاب الآدمية في جامعة الأزهر واستمرار لفشل وتقصير وعدم اهتمام». وقالوا في بيان أمس إن «حادثة تسمم طلاب الأزهر لا تعبر إلا عن مزيد من الإهمال والفساد والانهيار الكامل لمؤسسات الدولة وضياع حقوق طلابها». وشددوا على «ضرورة محاسبة تلك الحكومة الفاشلة بأكملها لتقصير كل أفرادها في حماية أرواح طلاب مصر»، مطالبين بالتحقيق الإداري والجنائي مع كل من رئيس الجامعة ورئيس المدينة الجامعية عبدالجواد عبدالحميد والمسؤول عن تغذية الطلاب.