اكتسى منح الفتاة الباكستانية ملالا يوسفزاي والهندي كايلاش ساتيارثي جائزة نوبل للسلام مناصفة أمس، بعداً رمزياً، إذ إن نضالهما من أجل تعليم الأطفال ومكافحة تشغيلهم والتطرف الديني، يأتي في وقت تعاني الطفولة مآسي رهيبة في العالم. واعتبرت ملالا نيلها نوبل للسلام «شرفاً»، وزادت: «أنا فخورة بأنني أول باكستانية وأول شابة، أو أول فرد شاب، يحصل على الجائزة». ولفت ثوربيورن ياغلاند، رئيس اللجنة المانحة للجائزة، إلى «نقطة مهمة أن يشترك هندوسي ومسلمة، هندي وباكستانية في كفاح مشترك من أجل التعليم ومحاربة التطرف». والمفارقة أن بلديهما اللذين خاضا 3 حروب، يشهدان منذ أسبوع في إقليم كشمير، أسوأ تصعيد عسكري بينهما منذ أكثر من عقد. وأعلن ياغلاند منح يوسفزاي وساتيارثي الجائزة بسبب «نضالهما ضد قمع الأطفال والمراهقين ومن أجل حق الأطفال في التعلم». وأضاف: «تُظهر ملالا أن الأطفال والشباب يمكن أن يساهموا أيضاً في تحسين الظروف التي يعيشون فيها». وأشار إلى «168 مليون طفل يعملون في العالم». ملالا (17 سنة) التي باتت أصغر مَن ينال نوبل في تاريخ الجائزة التي مُنِحت للمرة الأولى عام 1901، كانت في المدرسة في مدينة برمنغهام وسط إنكلترا أمس، حين أُعلِنت الجائزة. واعتبر والدها ضياء الدين يوسفزاي أن نيلها نوبل للسلام «سيقوّي شجاعتها ويعزّز قدرتها على العمل من أجل قضية تعليم الفتيات». وفي مدرسة يملكها ضياء الدين في بلدة مينغورا بوادي سوات المضطرب غرب باكستان، رقص التلاميذ فرحاً، فيما احتفل سكان في الشوارع، إذ هنأوا بعضهم بعضاً موزّعين حلوى. وكان مسلحون من حركة «طالبان» اقتحموا، في 9 تشرين الأول (أكتوبر) 2012، باصاً مدرسياً لدى خروج التلاميذ من مدرسة مينغورا، وسأل أحدهم «مَن هي ملالا»؟، ثم أطلق عليها رصاصة اخترقت الجانب الأيسر من دماغها وخرجت من عنقها. وساهم أطباء بريطانيون كانوا في باكستان آنذاك، في إنقاذ حياتها، إذ نُقلت إلى مستشفى برمنغهام حيث أفاقت بعد ستة أيام، وإن بقي طرف فمها مشلولاً. وقررت «طالبان» تصفية ملالا، بعدما بدأت تكتب باسم مستعار في مدوّنة على موقع «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) بلغة الأوردو، راويةً أجواء الرعب في وادي سوات، ومدافعة عن تعليم البنات. واستقرت الفتاة في بريطانيا حيث أسّست «صندوق ملالا»، كما تساعد جماعات مدافعة عن الحقّ في التعليم، خصوصاً في باكستان ونيجيريا والأردن وسورية وكينيا. أما ساتيارثي فهو مهندس كهرباء أسّس «حركة إنقاذ الطفولة» عام 1980، ويرأس حركة «المسيرة الشاملة ضد عمل الأطفال» والتي تضم نحو ألفي جمعية وحركة اجتماعية في نحو 140 بلداً. ساتيارثي أشار إلى أن وعيه هذه المشكلة بدأ وعمره 6 سنوات، حين رأى صبياً من سنّه على درج مدرسة يمسح أحذية مع والده. واعتبر جائزة نوبل «تكريماً للأطفال الذين ما زالوا يعانون العبودية»، متعهداً متابعة جهوده «من أجل خير الأطفال». ووصف عبوديتهم بأنها «جريمة ضد الإنسانية»، مقترحاً أن يعمل مع ملالا «من أجل السلام» بين الهندوباكستان. وسيتسلّم ساتيارثي وملالا الجائزة التي تبلغ قيمتها نحو 1.1 مليون دولار، في أوسلو في 10 كانون الأول (ديسمبر) المقبل الذي يوافق ذكرى وفاة السويدي ألفريد نوبل مؤسس الجائزة.