يعتبر كثيرون أن فيضان المساجد أوقات الصلاة في شهر رمضان بالمصلين يدخل تحت باب الخوف من النظرة الاجتماعية خلال هذا الشهر بحسب رأي هؤلاء، إلا أن آخرين يرون أنها «ظاهرة حسنة» جاءت من المنطلق الإيماني النبيل في داخل المسلم، إضافة إلى أنها قد تغيّر من عادات بعض المسلمين الذي كانوا يهجرون المساجد، وتحفّزهم على الإقبال عليها بعد انقضاء رمضان. ويرى الشيخ عبدالجليل السماعيل أن «المصلين الجدد» ينفضون الغبار الذي علق بأعمالهم تجاه ربهم طوال العام، عبر «غسلها» من خلال انضمامهم إلى المساجد خلال أيام شهر رمضان، إذ كانت المساجد تكتفي في صلاة المغرب سابقاً بصف واحد يشكو اليتم، بيد أنه يصبح أماً عجوزاً فرّخت «درزناً» من صفوف الرجال المتراصين خلال الشهر الجاري، بعضهم يعد «مفاجأة» إلى الحضور، خصوصاً أنه في حال هجر دائم مع مصليات المساجد، إلا أنه في رمضان يكون في الصفوف الأولى. ويؤكد أن شهر رمضان هو «شهر العبادة والطاعات، وفيه يعود المسلم إلى ربه، لأنه يعلم أن رحمة الله واسعة، وأنه هو الغفور الرحيم، ولا ضير أن تعمر مساجد الله في هذا الشهر الفضيل بجميع المسلمين». ويضيف: «بعض ضيّقي الأفق لا يرى في هذه حسنة، وكأنه لا يريد من أحد التوبة إلى ربه، والاستغفار من ذنوبه، وأن يلجأ المسلم إلى الله في شهر التوبة». ويطلق بعض المصلين أكثر من تعبير على الذين لا يؤدون الصلاة إلا في شهر رمضان، مثل «غاسلي الذنوب»، فيما يبقى بعضهم على عادته القديمة تاركاً أمر الصلاة، لكنه يصوم! ومن هنا جاء بيت الشعر الشعبي القديم القائل «أصوم معهم ولا أصلي... يوم البلى مستدلاً بي»، إشارة إلى أن هناك من يصوم من دون أن يصلي، وبذلك يكون «البلاء» يستدل به، كناية عن حجم المصيبة التي وقع فيها. ويوضح السماعيل أن «لشهر رمضان هيبة في نفوس المسلمين، تعود بهم إلى ذكر الله، خصوصاً أنه شهر تفتح فيه أبواب السماء وينادى للمذنبين بأن يتوبوا إلى الله»، لذلك يحرّك الصوم في المسلم الرغبة في الطاعة وفي أداء الواجبات التي طلبها منه الإسلام كالصلاة والزكاة والصدقة، وهي عبادات يُقْبِل عليها الصائم برغبة وخشوع. ويؤكد اختصاصي علم النفس الدكتور جمال المسيمح أن «بعض التصرفات تظهر فجأة في شهر رمضان، أبرزها امتلاء المساجد»، مفسّراً ذلك الزخم من الحضور بأن «بعضهم يريد أن يمحو ذنوبه وخطاياه، ويحاول أن يستغل فرصة أيام رمضان ليقلع عن بعض العادات السابقة مثل عدم الصلاة في المسجد، أو الامتناع عن التدخين، لكن المؤسف عودة «غاسلي الذنوب» إلى وضعهم السابق بعد انتهاء شهر رمضان». وأضاف: «من المفرح أن تعج المساجد بالمصلين في شهر رمضان وغيره، الذين طردوا الشيطان، بيد أن بعضهم يتخوف من انقراض المصلين مع الأيام المقبلة خلال الأيام الوسطى من رمضان والعشر الأواخر، والعودة إلى سابق العهد، وهم بحاجة إلى الموعظة الصادقة من أئمة المساجد، التي تدعوهم إلى المواصلة واستشعار حلاوة العبادة».