على رغم مرور ما يزيد عن 14 قرناً على فرض الصيام على المسلمين في رمضان (فرض عام 2 هجري)، لا يزال الإشكال حول تحديد غرة رمضان أو ليلة المتمم من شعبان دائراً بين المسلمين بشتى أطيافهم.في الأعوام الأخيرة، اتسعت مساحة الجدل بعد تقدم الإمكانات علمياً، وقدرة تحديد بداية الشهر ونهايته «فلكياً»، اعتماداً على المعادلات الرياضية من جهة، والمناظير الفلكية من جهة أخرى. المتخصصون فلكياً فتحوا باباً جديداً من الخلاف مع «المتمسكين» بما يسمى «رؤية هلال رمضان» بالعين المجردة بحجة أنهم بمناظيرهم ومعادلاتهم سيحلون الخلاف الدائر بين علماء المسلمين في الأقطار الإسلامية المختلفة، حيث يتكرر كل عام المشهد ذاته من اختلاف بداية الشهر أو نهايته بين الدول الإسلامية، وأحياناً بين الطوائف الإسلامية. ولم يختلف هذا العام عن سابقيه، فبينما أعلنت غالبية الدول العربية أن يوم الجمعة (أمس) هو المتمم لشعبان، وكأنها عملية صلح بين الفلكيين والمشايخ، ليعلن المرجع الديني الشيعي محمد حسين فضل الله بداية الأسبوع الماضي أن الجمعة هو الأول من رمضان. في الوقت نفسه، يرى فضل الله في حديث صحافي نقلته وكالة فرانس برس «أنه لا حل لمشكلة تحديد مواعيد بداية شهر رمضان وبالتالي موعد عيد الفطر عند المسلمين، الا بالاعتماد على الحسابات الفلكية»، معتبراً أن الأخيرة هي من يمكن أن يوحد الموقف، «أما اذا ركزنا على الرؤية، فإنها قد تختلف بين شخص وآخر وبلد وآخر». وأضاف: «نحن نرى أن المشكلة الفقهية التي تخلق هذه المشكلة الثانوية هي مشكلة اجتهادية حرفية»، متابعاً: «مسألة الشهر هي من المسائل المربوطة بالنظام الكوني للزمن ولا علاقة لها بمسألة أن يراه شخص أو لا يراه». واعتبر فضل الله أن الرؤية الواردة في الحديث النبوي «صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته» من الصعب جداً أن تحصل ويجمع عليها. وأضاف: «أنا من الناس الذين يحاولون أن يعيشوا عصرهم، لا من جهة عقدة العصر، لكن من خلال أنني اتطلع إلى المستجدات في العصر التي تنطلق من تطور العلم والنظريات التي يستنبطها المتخصصون، لأنني أثق بالعلم عندما يحصل منه اليقين». وأشار إلى أن «مسالة الحسابات الفلكية لم تخطىء في مدى 100 سنة في قضية التوليد». وأوضح فضل الله الاختلاف حول مسألة الغروب بين المسلمين، وقال: «المعروف عند المسلمين الشيعة أن الغروب يتحقق عند ذهاب الحمرة المشرقية، لكنني أفتيت وفقاً لبعض العلماء أيضاً من المسلمين السنة والشيعة بأن سقوط قرص الشمس كافٍ لتحقيق الغروب. لذا يجوز لنا أن نفطر سنة وشيعة في وقت واحد». وكان فضل الله أعلن منذ بداية الأسبوع أن يوم الجمعة (أمس) هو أول أيام شهر رمضان، بينما دعت المراجع الإسلامية إلى التماس رؤية الهلال لتحديد موعد بداية شهر الصيام، إذ أعلنت كل من مصر والكويت والإمارات وسوريا وتونس والجزائر ولبنان (الطائفة السنية) أن السبت (اليوم) هو أول أيام شهر رمضان.