تعاون متميز لخدمة الحجاج والمعتمرين.. مذكرة تفاهم بين مجموعة فقيه للرعاية الصحية وشركة عز الرشاد    هل تشعل «سانتا آنا» النيران في كاليفورنيا ؟    شركة HONOR تُطلق Magic7 Pro في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: المستقبل هُنا مع ميزات الذكاء الاصطناعي وأحدث الابتكارات في عالم الهواتف الذكية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره التايلندي المستجدات الإقليمية والدولية    لوحة «م ك ه 2025».. هوية برؤية عصرية    وزير التربية والتعليم في الإدارة السورية الجديدة يلتقي فريق مركز الملك سلمان للإغاثة    3,202 موقع جديد في سجل التراث العمراني    مدير الأمن العام: نعمل على سيناريوهات مخاطر متوقعة مع تحديات الحج    «الإحصاء»: التضخم ينخفض إلى 1.9 %    «الداخلية»: تخطيط إعلامي استباقي لتلبية حاجات الحجاج ومواجهة أي أحداث طارئة    وزير الطاقة: نتطلع لتوطين سلسلة توريد «المعادن».. وطموحنا يتجاوز المحتوى المحلي    الموافقة المسبقة من الجهات الحكومية.. شرط للتعاقد من الباطن    «المتصدر والوصيف» يواجهان الفتح والرائد    "المتاحف" تحتضن معرض العبقري "هوكوساي" للفن المعاصر    ثلاثة قتلى في سورية بضربة إسرائيلية استهدفت قوات السلطة الجديدة    رابطة العالم الإسلامي ترحّب باتفاق وقف إطلاق النار في غزّة    جسم بشري بعقل إلكتروني!    كانيهارا ل«الرياض»: المملكة ركيزة أساسية للاستقرار ومحرك للتنمية في الشرق الأوسط    العدالة والعربي في قمة ملتهبة.. الزلفي يلاقي نيوم    حسين العليان: ضحى بمستقبله الكروي إخلاصاً للهلال    كنو يدرس عرض الهلال والبليهي يوافق    فيصل بن خالد يُدشّن استراتيجية إمارة الشمالية    ارفع رأسك فوق.. أنت سعودي    تنفيذ فرضية «الاعتداء على الممارس الصحي»    تسخير التقنية والذكاء الاصطناعي في أعمال الدفاع المدني    الغامدي يصدر قراره بتمديد تكليف العتيبي مديراً لإدارة الخدمات المشتركة    سعود بن بندر يطلع على جهود الأمر بالمعروف بالشرقية    إستراتيجية لتعزيز السياحة البيئية بمحمية الملك عبدالعزيز    اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.. والإفراج عن الرهائن على مراحل    الدارة جسر حضاري    فليم فلام    المعتدي على الآخرين    ندوة (الإرجاف وسبل مواجهته)، في نسختها الثالثة    إنجاز طبي سعودي.. تطوير دعامة لفقرات الرقبة    قافلة تجمع الرياض الطبية تنطلق السبت إلى الخرج    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يجري استبدال مفصل ركبة بتقنية الروبوت الجراحي    تدشين جمعية التنمية الزراعية بالمدينة المنورة    تعزيز مكانة محمية الملك عبدالعزيز البيئية والسياحية    محمية الملك عبدالعزيز تطلق إستراتيجية لتعزيز مكانتها البيئية والسياحية    الإعلامي إبراهيم موسى يحصل على دبلوم إدارة الأعمال    أمير الشرقية يرأس اجتماع مجلس أمناء «قبس»    دوائر الغبار    أمير القصيم يؤكد على السلامة المرورية    «البلاد» ترصد أسرع 20 هدفًا في تاريخ الدوري السعودي    مركز الملك سلمان يواصل إغاثته للشعب السوري    آل باعبدالله وآل باجميل يحتفلون بعقد قران عبدالرحمن    الفنان عبدالله رشاد يحتفل بزفاف أسرار وإياد    أنشيلوتي.. المدرب الذي كسر القاعدة    الشتاء.. نكهة خاصة    الذكاء الاصطناعي يتنبأ بمكونات الوجبة المثالية    صلاح للأهلي    كشف الحساب السعودي من أجل فلسطين... والحقيقة    إنطلاق فعاليات معرض مبادرتي "دن وأكسجين"    وللشامتين الحجر!    ابتكاراً لضيوف الرحمن    السعودية ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتثمن الجهود المبذولة من قطر ومصر وأمريكا    هدنة مشروطة تحت الاختبار في غزة    الامير سعود بن نهار يلتقي وزير التنمية الاجتماعية لجمهورية سنغافورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجانب المظلم من الثورة الليبية: السكان السابقون لبلدة تاورغاء
نشر في الحياة يوم 29 - 03 - 2013

يستحق جميع المدنيين كل الحماية، غير أن بعض المدنيين يستحقون الحماية أكثر من غيرهم، أو هكذا تبدو الأمور اليوم في ليبيا.
فمنذ عامين أجاز مجلس الأمن عملية عسكرية لحلف «ناتو» فوضه فيها حماية المدنيين ممن تعرضوا لهجمات قوات معمر القذافي، وهي العملية التي أدت إلى سقوط القذافي.
واليوم، بعد مدة طويلة من توقف القتال، يتعرض للتهديد من يُعتقد أنهم قد ساندوا القذافي، سواء أكان ذلك الاعتقاد صائباً أم خاطئاً، فالآلاف من النساء والأطفال قد هُجروا من مواطنهم، وأصبحوا يقيمون في مخيمات كثيراً ما يتعرضون فيها للمضايقات، فيما يتم احتجاز الرجال وتعذيبهم وقتلهم. هؤلاء في حاجة للحماية، غير أن الدول التي قامت بالتدخل منذ عامين لم تقم بأي شيء تقريباً في هذا المضمار.
أكثر تلك الحالات إلحاحاً تتعلق بالسكان السابقين لبلدة تاورغاء، التي بلغ تعداد سكانها قبل الحرب نحو 42 ألف نسمة. حظي أهالي تاورغاء في ما مضي بالدعم المالي والسياسي من قبل القذافي، وأضحت البلدة مسرحاً للعمليات العسكرية إبان الحرب عام 2011، كما انضم العديد ممن هم في سن القتال من رجالها إلى القذافي في القتال.
يُزعم أن بعض هؤلاء الرجال تعمدوا ارتكاب فظائع خلال الحرب في مدينة مصراتة المجاورة، التي كابدت عناء شهرين من الحصار القاسي لقي فيه المئات من المدنيين حتفهم. ويقول أهل مصراتة إن المقاتلين من تاورغاء ارتكبوا أعمال القتل والاغتصاب في مدينتهم، وإنه قد آن أوان الأخذ بالثأر.
وها هو الثأر تأخذه الجماعات المسلحة المناوئة للقذافي التي تنتمي لمصراتة، إذ أجبرت سكان تاورغاء كافة على الخروج من بلدتهم. ومع انتشار أهل تاورغاء في أرجاء ليبيا، جرت بحقهم عمليات التصيد والاحتجاز والتعذيب والقتل. وأيدت الصور الملتقطة عبر الأقمار الصناعية، التي قامت هيومن رايتس ووتش بتحليلها، ما رأيناه على الأرض، أي التدمير المنظم لأبنية البلدة السكنية والتجارية والصناعية بعد أن توقف القتال، في محاولة واضحة للحيلولة دون عودتهم.
يطالب أهل مصراتة بالعدالة على ما تعرضوا له من جرائم، وهو أمر يستحقونه، غير أن إحقاق العدالة لن يحدث بعقاب جماعة بشرية بأسرها جزاءً لجرائم ارتكبها بعض أعضائها، فذلك عقاب جماعي.
وعلى رغم أن مجلس الأمن وأعضاءه النافذين قد هبوا لحماية المدنيين الليبيين حين كان القذافي يمثل العدو، فإنهم لم يتخذوا إجراءات جادة بحق الهجمات الثأرية التي يعاني منها أهل تاورغاء وغيرهم من الجماعات المشردة في ليبيا اليوم، والتي يبلغ إجمالها نحو ستين ألف شخص وفق مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين.
لقد عبر مجلس الأمن في ثنايا قراره بخصوص ليبيا خلال الشهر الجاري، عن قلقه بشأن الأعمال الانتقامية وأعمال التعذيب والإعدام، غير أنه أخفق في الإتيان على ذكر مأزق تاورغاء. وحتى بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، والتي ترصد التطورات عن كثب، لم تجعل من موضوع الانتهاكات بحق أهل تاورغاء وغيرهم ممن يُزعم أنهم كانوا مناصرين للقذافي، أمراً محورياً.
ورغم أن الالتزامات القانونية الدولية تشير إلى أن منع تلك الانتهاكات أمر واجب، فإن الانتهاكات بحق سكان تاورغاء واسعة الانتشار، وممنهجة، ومنظمة بما يكفي لاعتبارها جرائم ضد الإنسانية. وقد أشارت إلى ذلك لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في شأن ليبيا منذ عام مضى. كما تتحمل الحكومة الليبية مسؤولية حماية شعبها من مثل تلك الجرائم الخطيرة، وأن تحمل مرتكبيها مسؤولية ارتكابها. كذلك تقع على عاتق مجلس الأمن مسؤولية مساعدة ليبيا في تحقيق تلك المرامي.
وكحد أدنى، يتعين على مجلس الأمن أن يطلب من ليبيا أن تتقدم بصفة منتظمة بتقارير حول الخطوات التي تتخذها لحماية الأشخاص الذين يتعرضون للتهجير وتسهيل عودتهم. كذلك سوف يكون لفرض الأمم المتحدة عقوبات على الأفراد المسؤولين أثراً فورياً.
كما أن بمقدور المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في تلك الجرائم، إذ إن تفويضها في ليبيا لا يزال سارياً. ويمكن تحميل قادة الجماعات المسلحة وكبار المسؤولين في مصراتة المسؤولية الجنائية لإصدارهم الأوامر بارتكاب تلك الجرائم أو التقصير في منعها أو التقصير في معاقبة المعتدين.
تؤكد الحكومة الليبية إنها لا تتغاضى عن تلك الجرائم، وإنها تود أن تكف عن الحدوث. وقد صدرت عن رئيس الوزراء علي زيدان تصريحات قوية بشأن ما يقع من انتهاكات من قبل العديد من الجماعات المسلحة في ليبيا والتي لا يملك السيطرة على أفعالها. غير أن هذا لا يحله من مسؤولية بذل جهود إضافية لصالح المواطنين الليبيين الذين يعانون غضب المتمردين المنتصرين، كما وأنه لا يعفي مجلس الأمن من مسؤوليته عن المطالبة بحماية المدنيين في كل الأوقات، سواء أكان ذلك أمراً يسيراً من الناحية السياسية أم لا.
إن الإخفاق في تأمين الحماية ضد ثلة من أسوأ الجرائم يطيح بمصداقية الحكومات التي اكدت إنها تدخلت في ليبيا لحماية المدنيين. وبدلاً من ذلك، يتعين على الحكومات الداعمة للمرحلة الانتقالية في ليبيا أن تضغط عليها، في الوقت الذي تقدم فيه المساعدة الملائمة كي تضمن أن يتمكن النازحون من العودة في أمان إلى ديارهم وأن يكون لهم نصيب من الامتيازات التي يفترض أن الانتفاضة الشعبية الليبية والتدخل العسكري الدولي قد أتيا بها.
* مستشار خاص ل «هيومن رايتس ووتش»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.