يتشارك المفكر نعّوم تشومسكي والباحث إيلان بابها، وهما متخصصان في قضايا الشرق الأوسط، في تأليف كتاب «غزّة في أزمة»، الصادر عن شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، ويتناولان حقيقة الصراع العربي-الإسرائيلي وإمكان مناقشة الحلول المطروحة في شأن مستقبل العلاقة بينهما، وخصوصاً المعنيّة بإنشاء دولتين، من خلال عرض أفكار جديدة ومناقشات في أصول هذا الصراع الشائك. الفيلسوف الأميركي المعاصر تشومسكي كان الناقد الأبرز للحرب الفييتنامية، ومُعارضاً شرساً للسياسة الخارجية والرأسمالية الأميركية. وهو ينتقد في هذا الكتاب شروع إسرائيل في إبادة شاملة بالرصاص المصبوب وحرق المحاصيل الزراعية وحصار الغذاء والدواء بهدف معاقبة الشعب الفلسطيني على فعلته بانتخاب حماس ديموقراطياً. ويكشف مع المؤرّخ والباحث الإسرائيلي -المُعادي للصهيونية- إيلان بابه سياسة التدمير التي تُميّز هذا النظام ومأزقه الذي تجلّى في «عقيدة الضاحية» التي تعني التدمير الكلّي، على غرار ما حدث في حرب تموز. هكذا يعمل الكاتبان، من خلال حواراتهما ومقالاتهما، على توثيق المنطق الإسرائيلي القائم على العنصرية والعدوانية، والسلوك الهمجي والعنيف الذي انتهجته إسرائيل منذ وجودها في المنطقة. يتضمّن الكتاب فصولاً غير متوقعة عن جوانب من التاريخ، ومنها فصل عن جذور الغالبية الأميركية في دعم الحركة الصهيونية، وآخر عن ولادة القومية العربية الحديثة في فلسطين. ويحتوي على تحليل معمّق لما يندلع من ثورات في الدول العربية، بتأثيره القريب والبعيد على العلاقة الإسرائيلية-الفلسطينية. ومن فصول الكتاب: «مصير فلسطين (مقابلة مع نعوم تشومسكي،2007)، «مقتطفات من التاريخ: التورّط الأميركي في قضية فلسطين (إيلان بابه)»، «تحويل فلسطين إلى غيتو: حوار مع إيلان بابه ونعوم تشومسكي»، «السلام المُمكن (الذي لن يُحلّ) في الشرق الأوسط»، «إعادة صياغة النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني: إسرائيل ليست ديموقراطية»، «ما يحدث في العالم العربي لم يكن متوقعاً: مقابلة مع تشومسكي». يقول الكاتب البريطاني الذي أجرى الحوارت والمراسلات مع الباحثين تشومسكي وبابه، فرانك بارات، إنّ هذا الكتاب يُمكن أن يُساعد الناس على إعادة تأطير «النزاع»، من خلال عرض مقالات وروايات بديلة لما تعرضه الحكومة الإسرائيلية. ويُضيف الكاتب بارت في مقدّمة كتابه «غزّة في أزمة» -الذي اختار له عنواناً فرعياً «تأملات في الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين»- قائلاً: «آمل أن يُستخدم هذا الكتاب كدليل في نبش الماضي لمصلحة حاضر واضح المعالم، ومستقبل يرتكز إلى العدالة، تكون فيه حقوق الإنسان شاملة، وتُستعاد العدالة». ومن آراء تشومسكي اللافتة في مسألة الثورات العربية في الفصل العاشر من الكتاب، وهو ما قاله في حوار مع جون برغر: «أعتقد أنّ كلمة «ثورة» مبالغ فيها بعض الشيء. قد تتحوّل إلى ثورة بيد أنها لا تزال دعوة إلى إصلاح معتدل يحمل في طيّاته عناصر، مثل الحركة العمالية، حاولت التحرّك إلى ما هو أبعد من ذلك، ولكن لا يُعرف بعد إلى أين يُمكن أن تصل».